نظمت منظمة العمل الدولية، بالتعاون مع منظمة العمل العربية و برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة "المنتدى العربي للتشغيل" الذي انعقد أيام 19 و 20 و 21 اكتوبر 2009 بفندق متروبوليتان بالاص- بيروت. وكان الهدف من تنظيم هذا المنتدى إطلاق أجندة عمل عربية للتشغيل مستندة على الميثاق العالمي لفر ص العمل من أجل الانتعاش والنموّ الذي صدر عن مؤتمر العمل الدولي في جوان 2009 ، وقرارات قمة الكويت الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في ماي 2009. وتولى هذا المنتدى على امتداد ثلاثة أيام، مناقشة الأزمة الاقتصادية العالمية على الدول العربية والنظر في كيفية استدامة العمل وتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين. وقد شارك في هذا الملتقى الثلاثي الأطراف العديد من وزراء العمل والقادات الممثلة للعمال وأصحاب العمل. وساهم في تنشيط أشغالها ثلة من الخبراء العرب والأجانب. وراوحت أشغال الندوة بين الجلسات العامة والعمل في إطار الورشات وتولت السيدة ندى الشافي مديرة مكتب بيروت التابع لمنظمة العمل الدولية رفقة الأخ وليد حمدان تنسيق أشغال الجلسات وعمل الورشات. وتركب الوفد التونسي من ممثلين عن وزراة الشؤون الاجتماعية والهجرة والتونسيين بالخارج والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد العام التونسي للشغل في شخص الأخ عبيد البريكي. فيما شارك الاخوة عبد الجليل البدوي ومنجي عمامي وحسين الديماسي ضمن فريق الخبراء الى جانب مصطفى التليلي عن الاتحاد العالمي للنقابات وعبد الستار منصور عن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ورشيد خديم واحسين شافير عن الاتحاد العام لعمال الجزائر وفضل العاقل عن اتحاد عمال اليمن ومحمد الطرابلسي عن مكتب القاهرة التابع لمنظمة العمل الدولية، في بلورة الموقف العمالي وتنشيط ورشات الملتقى التي تناولت العديد من المواضيع ذات العلاقة بعنوان المنتدى.. وفي كلمته الافتتاحية أكد المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان سومافيا ؟ إن " هذا المنتدى يوفر الفرصة لمواجهة تحديات الأزمة الراهنة القصيرة المدى ومعالجة نقاط الضعف السائدة كالنقص في الحماية الاجتماعية وذلك من أجل مستقبل متوازن ومستدام للنمو والعمل اللائق" وأشار في نفس السياق إلى أن "المؤشرات السابقة أثبتت خطأ ان الاقتصاديات العربية ستكون في منأى عن الآثار المعدية المتأتية عن الأزمة حيث خسر العديد من الرجال والنساء العاملين وظائفهم في الدول العربية بسبب الانخفاض في الطلب في عديد المؤسسات وتراجع الاستثمار نتيجة الانكماش الحاصل في مستوى الطلب الخارجي" وشدّد سومافيا على أن " معدلات البطالة في المنطقة، ووفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية، تتراوح بين 9 و 11 في المائة، وأن الميثاق العالمي لفرص العمل يقترح رزنامة من الخيارات في السياسات العملية، سياسات مجربة ومختبرة شبيهة بتلك التي تأكد نجاحها في العديد من الدول ويمكن تطبيقها على مستوى الأوضاع المحلية". وذكر سومافيا بان الميثاق يتضمن خمس نقاط أساسية لتحقيق اجندة العمل وهي التالية: "أولا: رؤية منتجة من خلال الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي والمؤسسات المستدامة والابتكار والعمل اللائق. ثانيا: تعزيز دور النساء والرجال خلال الاستثمار في تنمية المهارات، وبناء القدرات اللازمة للتشغيل والتأقلم والتكيف مع المتغيرات. ثالثا: حماية الناس خلال الأزمة من خلال دعم المداخيل والانتفاع بالرعاية الصحية وإقرار إعانات البطالة. رابعا: الحوار الاجتماعي واحترام المبادئ الأساسية والحقوق في العمل والعمل على منع تآكل الأجور. خامسا: المساواة بين الجنسين والتركيز على دور الشباب" وأوضح سومافيا في خاتمة كلمته الافتتاحية ان "الهدف المركزي من هذا المنتدى هو فرض أجندة فعالة لتطبيق الميثاق العالمي للعمل في المجتمعات العربية المتنوعة" وأن "هناك ضرورة ملحة لجعل التشغيل والحماية الاجتماعية هدفا مركزيا للسياسات الوطنية في العالم". أما المدير العام لمنظمة العمل العربية احمد لقمان فأشار الى "ان مؤتمر العمل الدولي أقر منذ أربعة اشهر الميثاق العالمي للعمل في إطار سعي دول العالم لتطويق وتجاوز الأزمة العالمية الأشد منذ ثمانية عقود وربما الأشد في تاريخ العالم الحديث" وذكر بان " البلدان العربية تعيش دون استثناء أزمة بطالة مزمنة، طال استفحالها في بعض الدول لأكثر من عقدين وتصدرت منطقتنا أعلى معدلات البطالة بين جميع مناطق العالم، وفاقمت الأزمة العالمية من هذا الوضع..." واعتبر ممثل أصحاب العمل، الأمين العام لاتحاد الغرف العربية، الدكتور عماد شهاب "أن الاجتماع ضروري جدا للاستجابة للتحديات الأساسية التي فرضتها الأزمة العالمية الكبرى" وقال ان " أزمة جديدة تلوح في الأفق هي أزمة البطالة وان أزمة البطالة على المستوى الدولي بدأت في مرحلة باكرة جدا وان هناك مؤشرات أساسية تبين وجود عودة محتشمة للاقتصاد العالمي نحو منحى الانتعاش، غير أن هذا الاتجاه يرتكز أساسا على النفقات الحكومية الهائلة التي تم ضخها في الأسواق تحت عنوان حزم الحوافز المالية. لكن العالم لا يزال بانتظار عودة الزخم إلى حركة الاستثمارات الخاصة لكي يطمئن إلى حدوث انتعاش حقيقي يستند إلى القوى الاستثمارية القادرة على تحقيق النمو القابل للدوام على الصعد الاقتصادية والتشريعية والمؤسسية". وأبدى الدكتور شهاب أمله في أن يلقي المنتدى الضوء على التحديات الإقليمية والفرص المتاحة في إطار العناصر الأساسية للميثاق العالمي للعمل". وأكد على أهمية الدور المنتظر للقطاع الخاص وأهمية الاستقرار بالإصلاح من أجل إزالة المعوقات التي تواجهه لتحقيق تطلعاته في عملية التنمية، خاصة ان القطاع الخاص العربي هو مصدر غالبية فرص العمل الجديدة في المنطقة خلال الفترة القليلة الماضية". ومن جهته أكد الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الأخ حسن جمام ان " التشغيل يمثل اليوم أحد التحديات الكبرى المطروحة على كل بلدان العالم بدون استثناء ذلك أن حوالي ثلث السكان النشيطين في العالم يعاني من البطالة الفعلية أو المقنعة كما أن العمل الهش حسب احصائيات منظمة العمل الدولية يمثل أكثر من 50 في المائة من مراكز العمل، لذلك كانت مهمة خلق اكبر عدد ممكن من مناصب العمل اللائق احد المشاغل الرئيسية لحركتنا النقابية العربية. ذلك أن معدل البطالة في أواخر القرن الماضي بلغ ما لا يقل عن 15 في المائة ببلداننا ورغم التراجع الطفيف الذي سجله هذا الرقم فقد بلغ مطلع هذا القرن ما يفوق 13 في المائة. وترشح تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي اندلعت منذ صيف 2007، هذا الرقم للمزيد من الارتفاع وسنكون محتاجين إلى أكثر من 90 مليون فرصة عمل سنة 2020." واختتمت جلسة الافتتاح بكلمة الرئيس السنيورة التي ألقاها السيد خالد قباني حيث ذكر "بان المنتدى العربي للعمل، الذي يأتي في خضم أزمة مالية عالمية، أثرت مباشرة على اقتصاديات الدول وأوقفت الكثير من المشاريع التنموية الحيوية، وأدخلت معظم بلدان العالم في حالة من الركود الاقتصادي، وضع الجميع أمام تحديات ومخاطر كثيرة لا يمكن معالجتها إلا من خلال نقاش مفتوح وعمل مشترك وحلول تتناول بنية السياسة الاقتصادية العالمية والوطنية، كما لا يمكن ان يغيب عن البال ضرورة وضع أسس ومعايير للتشغيل وحماية حقوق العمال وإدخالها في صلب السياسات الوطنية لمواجهة الأزمات الداخلية، بما يترتب على ذلك من آثار مباشرة على الحياة الاجتماعية وبالتالي على الاستقرار في البلاد، والذي يعتبر المحرك الأساسي للتنمية ولنجاح أي سياسة اقتصادية واجتماعية." على قاعدة هذا الوعي المتنامي لدى مختلف الأطراف بجسامة التحديات انكبّ ممثلو الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال بالأقطار العربية على تدارس سلسلة من الدراسات وأوراق العمل الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية والتي أعدها ثلة من الخبراء العرب والأجانب، وناقشوا في إطار الجلسات العامة والورشات من أجل البحث في وضع استراتيجيات العمل اللائق وسبل إعداد أجندة عربية مشتركة لتحقيق النمو المستدام والعادل. وقد أفضت أشغال المنتدى إلى اعتماد أجندة عمل عربية للتشغيل جاء فيها بالخصوص الاستنتاجات والتوصيات التالية : - إن سياسات تحرير الأسواق المالية المتسرعة وغياب المراقبة وآليات التعديل قد ادت إلى تفشي الاحتكار والمضاربة وتضخم النشاط المالي على حساب الاقتصاد الحقيقي مما نجم عن تفاقم الفوارق الاجتماعية داخل الدول وبينها وزيادة عدد الفقراء وتوسع الاقتصاد غير المنظم. كما إن تنوع المنطقة العربية تفترض مقاربة محددة للأولويات المحلية المتزامنة مع الحاجة لاستراتيجيات إقليمية قصد تعزيز التماسك الاجتماعي وتعزيز التأثير الايجابي للتدابير التحفيزية وغيرها من مبادرات الاستجابة لمواجهة الأزمة التي تستهدف المؤسسات والوظائف والدخل. - إن تأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على معظم بلدان المنطقة العربية كان متفاوتا وحصل من خلال قنوات مختلفة. أما التأثير على أسواق العمل والتشغيل فهو متعدد الأوجه وقد فاقم من مستوايات البطالة والبطالة المقنعة وانخفاض القدرة الإنتاجية وتضاؤل فرص الوصول إلى العمل اللائق وتدني الحماية الاجتماعية. - إن الحاجة إلى وضع حلول متكاملة ومنسقة لمنع تدهور النشاط الاقتصادي أصبح أمرا ضروريا ومتأكدا. وان الأنماط التنموية المعتمدة لا تزال موسومة بالقصور وعاجزة على تجاوز المشاكل الهيكلية المزمنة وتحقيق أهداف التنمية المتوازنة واستدامة المؤسسات والحكم الرشيد وهو ما يفترض إرساء نموذج جديد للتنمية يجعل من العمل اللائق هدفا أساسيا في صلب الاستراتيجيات التنموية. استنادا على هذه الاستنتاجات أقر المشاركون التوصيات التالية: - وضع سياسات اقتصادية وخطط استثمار تراعي الضرورة الملحة للتقليل من حجم البطالة وتوفير فرص العمل لا سيما للوافدين الجدد إلى سوق العمل والتأكيد على توجيه برامج التأهيل وإعادة الانتعاش إلى المجالات التي تساهم في كثافة التشغيل والنمو المستدامة. - تشخيص حجم القطاع غير المنظم وخصائصه في المنطقة العربية من خلال الدراسات والبحوث الميدانية وتعزيز الحوار الاجتماعي حول التدابير والآليات الناجحة للانتقال به إلى الاقتصاد المنظم. - إنشاء مرصد لسوق العمل في المنطقة العربية لتقييم آثار السياسات الاقتصادية في مجال التشغيل مع التأكيد على تأمين جودة الإحصائيات ذات الصلة بسوق العمل وتوافرها وشفافيتها. - تطوير الأنظمة التعليمية والتدريبية وتعزيز قدرة النسيج الاقتصادي العربي لاستيعاب الكفاءات والمهارات وفقا لحاجيات سوق العمل المتغيرة. - تثمين إنشاء مجالس اقتصادية واجتماعية في بعض الدول العربية مع التشديد على فتح مداولاتها للعموم وتشجيع تعميمها في باقي بلدان المنطقة والدعوة إلى تطوير المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي ليصبح إطارا ثلاثيا للحوار بين الشركاء الاجتماعيين حول قضايا التنمية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. - دعوة الحكومات إلى دعم اللجنة الثنائية التي تمّ الاتفاق عليها بين ممثلي العمال وأصحاب العمل خلال المنتدى العربي للعمل والانضمام إليها. وحث منظمتي العمل الدولية والعربية لتقديم الدعم لهذه اللجنة على الصعيدين التقني والمادي. - التأكيد على ما ورد في إعلان منظمة العمل الدولية لسنة 2007 حول المؤسسات إن كان من حيث تنوعها أو من حيث المحافظة على مواقع العمل فيها خاصة في أوقات الأزمة لتعزيز الحماية الاجتماعية للعاملين فيها. وكذلك التأكيد على ما ورد في الميثاق العالمي للوظائف الذي اعتمدته المنظمة في مؤتمرها عام 2009. - تبني ممارسات عمل مسؤولة ومستدامة على مستوى المؤسسات والمنشآت وصولا لتحقيق العمل اللائق وتحسين نوعية العمل فيها (تدريب وإعادة تأهيل العمال، الصحة والسلامة المهنية، الحوار الاجتماعية، الأجور والمزايا) والنهوض بمفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة وفق مبادئ منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية. ودعم برامج تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المستدامة والتعاونيات التي تأخذ بعين الاعتبار المعاملة المسؤولة للبيئة وتوفير الحماية الاجتماعية والحقوق للعاملين فيها. - وضع مبادرات على أساس شراكة بين بلدان المنطقة على صعيد إقليمي او شبه إقليمي من شانه تحقيق الاندماج والتكامل الاقتصادي بما يعزز إمكانات توفير المزيد من فرص العمل والحد من ظاهرة البطالة والتأكيد على ان تقوم هذه المبادرات على أساس احترام الحقوق الاجتماعية الأساسية وتهدف إلى الالتزام بمبادئ منظمتي العمل العربية والدولية ومعايير العمل الأساسية. - دعوة المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى بما فيها جامعة الدول العربية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية بغرب آسيا واللجنة الاقتصادية لإفريقيا ورابطة الآسيان، والاتحاد من اجل المتوسط، وبنك التنمية الإفريقي وبنك التنمية الإسلامي، وبرامج الأممالمتحدة، ومؤسسات بريتون وودز، وسواها من الوكالات المتخصصة التابعة لمنظومة الأممالمتحدة من اجل دعم تطبيق اجندة العمل المنصوص عليها في هذا الإعلان. - التأكيد على أهمية التنسيق والتعاون بين منظمتي العمل الدولية بشان العدالة الاجتماعية من اجل عولمة عادلة (2008) وإعلان الدوحة وقرارات القمة الاقتصادية العربية في الكويت ولاسيما العقد العربي للتشغيل، ومناشدتهما لمساعدة الحكومات والشركاء الاجتماعيين من أجل تنفيذ أجندة العمل وتضمين مبادرات المتابعة في البرامج القطرية للعمل اللائق، ضمن الوسائل المتاحة. ولتحقيق أجندة العمل هذه أقرّ المشاركون بأنه يتعين تظافر جهود المنظمتين العربية والدولية والمباشرة دون تأخير في: - متابعة رصد وتوفير التحاليل المستندة إلى الوثائق والبيانات الإحصائية بشأن الاستخدام والعمالة والتأثير الاجتماعي للازمة في المنطقة. - اتخاذ تدابير لمواجهة الأزمة وتبادل المعارف والممارسات والسلوكات الجيدة. - اعتماد أنشطة هادفة لترويج المعايير ذات الصلة باتفاقيات العمل الدولية في مواجهة الأزمة. - ترسيخ الحوار الاجتماعي ومتابعة نتائجه ورفع تقارير منتظمة حول مدى تقدمه ومشاركة الأطراف الثلاثة المكونة لمنظمتي العمل العربية والدولية في تطوير آلياته لمجابهة الأزمة. - دعوة وزارات الداخلية والعمل في الدول العربية لتسهيل وتيسير انتقال اليد العاملة العربية ما بين أسواق العمل العربية المختلفة تنفيذا لقرار قمة الكويت الاقتصادية بما يحفظ حقوقهم. - انطلاقا من مضمون العقد العربي للتشغيل والميثاق العالمي لفرص العمل واعتبارا لخصوصية أوضاع التشغيل وسوق العمل في فلسطين جراء استمرار الاحتلال يدعو المشاركون في المنتدى إلى تقديم شتى أشكال المساعدة والدعم لرفع كفاءة سوق العمل الفلسطيني وتعزيز قدراته التشغيلية وإنجاح استراتيجية وطنية للتشغيل لمواجهة آفتي الفقر والبطالة وتحديات سوق العمل في ظل انعكاسات الأزمة. - تشكيل لجنة فنية من منظمتي العمل العربية والدولية والأطراف الثلاث تجتمع سنويا لوضع وتنفيذ خطط تنفيذية لترجمة قرارات المنتدى على ارض الواقع.