سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحوار الإجتماعي أحد المفاتيح الرئيسية لحلّ معضلة التشغيل الاخ عبد السلام جراد:
الحوار القائم بين الشركاء الاجتماعيين ضمانة كبرى لحماسة اقتصادنا من الهزّات الخارجيّة
احتضن احد النزل بقمرت كامل يوم الاثنين 5 جويلية 2010 فعاليات حفل اطلاق التقرير العربي الثاني للتشغيل والبطالة في الدول العربية. اللقاء نظمته منظمة العمل العربية بالتعاون مع الاتحاد العام التونسي للشغل بحضور عدة منظمات دولية اقليمية وسفراء الدول العربية بتونس الى جانب مركز جامعة الدول العربية والمنظمات الوطنية كالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري. كما حضر جلسة الافتتاح السيد الناصر الغربي وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج. كما حضر حفل الافتتاح عدد من اعضاء المكتب التنفيذي الوطني وعدد من الكتاب العامين للاتحادات الجهوية للشغل والجامعات والنقابات العامة وكذلك ممثل عن الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي وقد تم بالمناسبة تكريم الاستاذ أحمد محمد لقمان المدير العام لمنظمة العمل العربية الذي تقدم بالشكر للاتحاد على استضافة هذه الدورة وما وفره من ظروف طيبة لانجاحها. الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد ألقى كلمة رحب في مستهلها بالحاضرين وبالضيوف من وزراء وسفراء ومعالي المدير العام لمنظمة العمل العربية وجاء في كلمته: يسعدني في البداية ان أعرب لكم عن اعتزازنا باحتضان حفل اطلاق التقرير العربي الثاني للتشغيل الذي اختارت منظمة العمل العربية تنظيمه بتونس. وإذ أرحب باسم المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بكافة الضيوف والمشاركين في هذه التظاهرة فإني أتوجه بالشكر الى السيد أحمد لقمان المدير العام لمنظمة العمل العربية للجهود التي يبذلها للارتقاء بأداء المنظمة حتى تضطلع بدورها في دعم الحوار الاجتماعي وترسيخ الحقوق والحريات النقابية ومعايير العمل العربية والدولية بالأقطار العربية ومصاحبة اطراف الانتاج العرب في مواجهة تحديات التنمية وفي مقدمتها قضايا التشغيل والبطالة والحماية الاجتماعية والنهوض بالموارد البشرية. يأتي التقرير العربي الثاني للتشغيل في اطار التقارير الدورية التي تصدرها المنظمة عن واقع التشغيل والبطالة في البلدان العربية وهي تقارير تستند الى عدة مرجعيات هامة وبصفة خاصة الميثاق العالمي لفرص العمل الصادر عن مؤتمر العمل الدولي في جوان 2009 وأجندة العمل العربية للتشغيل التي تمّ اعتمادها في بيروت في أكتوبر 2009 وكذلك قرارات القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية المنعقدة في جانفي 2009 بالكويت ومن ضمنها اقرار الفترة 2010 / 2020 عقدا عربيا للتشغيل. واذ نعرب عن ارتياحنا لكون المجموعة العربية بدأت تدرك اهمية التعاون في مناخ تسوده العقلانية لتحقيق التكامل العربي على غرار الاسلوب الذي اعتمدته أوروبا منذ اكثر من خمسين سنة لتحقيق وحدتها الاقتصادية، فإننا نعتبر منظمة العمل العربي القاطرة التي تدفع هذا المسار الاندماجي، وهو ما يستوجب العمل على تقوية قدراتها والمراهنة على ميزتها الفريدة المتمثلة في هيكلها الثلاثي للنهوض بالتشغيل وتأمين شروط العمل اللائق في اطار تنمية عربية عربية متكاملة بعيدا عن الخلافات العقيمة التي أهدرت طاقات الامة العربية وتسببت في تأخرها عن ركب التقدم العالمي. إننا اليوم بصدد مناقشة مسألة محورية تتعلق بمستقبل التشغيل بالمنطقة العربية واذ أشيد بما تضمنه التقرير الثاني للتشغيل من رصد دقيق لأوضاع البطالة بالبلدان العربية ووسائل الحد منها، فإنه لابد من التذكير بأن معظم التقارير الدولية تقدم صورة قاتمة عن أوضاع التنمية بالمنطقة العربية وبخاصة هشاشة الاقتصاديات العربية امام الصدمات الخارجية وانتشار الاقتصاد غير المنظم والعمل غير المحمي، كما تحتفظ المنطقة العربية بأعلى معدلات البطالة بين مناطق العالم حيث يقارب معدل البطالة فيها 20٪. ودون الاسهاب في استعراض سلبيات العولمة وانعكاسات الازمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاديات العربية، فإننا نؤكد ان مجاراة نسق الليبرالية العالمية الجديدة باسم الانفتاح وحرية التجارة أدى الى إضعاف النسيج الصناعي العربي وتفكيك القطاع العام وفقدان الالاف من مواطن الشغل وانتشار البطالة في أوساط الشباب العربي وتفشي الفوضى في سوق الشغل، في ظل مناخ يتصف بغياب الشفافية وتنامي الربح السريع وانتهاك الحقوق الاساسية في العمل، دون اعتبار الضغط الديمغرافي وعدم التوافق بين خريجي التعليم وحاجيات السوق. إن الواقع الحالي يحفزنا على وضع استراتيجية شاملة للعمل العربي المشترك تهدف الى ضمان التكامل بين ثروة النفط وثروة الموارد البشرية، ودون التمييز بين أقطارنا فمن الضروري تجنب التعميم ومراعاة خصوصيات كل بلد عربي، فهناك دول نفطية واخرى محدودة الموارد، وهناك دول منتشر فيها التعليم وأخرى تفتقر للكفاءات، وهناك دول لديها نسيج صناعي واخرى مستوردة للمنتوجات، وهناك دول لديها طبقات وسطى واخرى تشتد فيها الفوارق الاجتماعية، كما ان هناك بلدانا متقدمة في الحوار الاجتماعي واخرى يتعثر فيها مثل هذا الحوار. ان منظمة العمل العربية مدعوة الى مراعاة هذه الفوارق لرصد الحاجيات الملائمة لمختلف أطراف الانتاج العرب وتكثيف برامجها وفق الاوضاع القطرية الخصوصية كما يتعين عليها المساهمة في خلق بيئة ديمقراطية تقر بشرعية اطراف الانتاج في الدفاع عن مصالح منظوريها في كنف الاستقلالية وحقهم في الخوض في مسائل التنمية في اطار حوار اجتماعي يتسع لقضايا التشغيل والتدريب والتعليم والعمل اللائق. إن الحوار الاجتماعي هو احد المفاتيح الرئيسية لحل معضلة التشغيل وهو ما يستوجب تطوير ادارات العمل لجعلها اكثر قدرة على مواجهة آثار الازمة الاقتصادية على أسواق العمل العربية فضلا عن تكثيف تبادل المعلومات بين الاقطار العربية حول مؤشرات النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار في القطاعات الصناعية وخلق ديناميكية تنمية بالمنطقة العربية توفر مدخرات لتوسيع شبكة الحماية للعمال وللعاطلين وتطوير منظومة التكوين والتعليم والارتقاء بأوضاع المرأة والشباب في سوق العمل. وفي هذا السياق أودّ التأكيد بأن التقدم الاجتماعي الذي تشهده تونس هو ثمرة طبيعية لمنهج الحوار الاجتماعي الذي اعتمدناه منذ عقدين. فهذا الخيار قادنا الى تأمين التوازن بين النمو المادي والرقي البشري من خلال الدورات التفاوضية المتتالية والترفيع المنتظم في الأجور وتحسين تشريعات العمل، في اطار عقد اجتماعي يعتبر حفز الطلب الداخلي سبيلا للانتعاش الاقتصادي. وبرغم كل الصعوبات التي تعترضنا في هذا المجال، لاسيما في القطاع الخاص، فإن مناخ الحوار القائم بين الشركاء الاجتماعيين بدعم من سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي يمثّل ضمانة كبرى لحماية اقتصادنا من الهزات الخارجية وايجاد حلول وفاقية للمسائل الحيوية وفي مقدمتها معضلات البطالة والتشغيل واستقرار العمل والحماية الاجتماعية. وفي الختام وإذ نجدد حرصنا على تفعيل دورنا في منظمة العمل العربية إيمانا منا بأهمية هذا المنبر الاجتماعي في رسم معالم التنمية بالوطن العربي، فإني أتمنى لضيوفنا إقامة طيبة في بلادنا وللمشاركين أفضل ظروف العمل ولهذا المنتدى كل النجاح والتوفيق.