نظمت وحدة الاعلام والمجتمع بالمعهد الأعلى للصحافة وعلوم الاخبار يوم السبت الماضي ندوة علمية على غاية من الخطورة والأهمية تناولت موضوع «حقوق التأليف للصحافيين وناشري الصحف» في ظلّ صناعة الميديا. وقد افتتح اشغال هذه الندوة الاساتذة محمد حمدان مدير المعهد بالتأكيد على حساسية المسألة ودقتها خاصة في ارتباطها بظهور تكنولوجيات الاتصال والمعلوماتية وما تطرحه من قرصنة ، حيث تساءل عن كيفية حماية حقوق المؤلفين وحقوق الآخرين ، مضيفا ان كانت المواد متآتية من الخارج، هل ستصبح السلط التونسية بمثابة الشرطي على حماية حقوق الآخرين. وفي مستهل كلمته أكد الاستاذ رضا النجار رئيس وحدة وسائل الاعلام والمجتمع بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار على ان تونس هي أول بلد تناولت موضوع حقوق التأليف، متسائلا في سياق أول فصل من قانون 24 فيفري 1994 هل تم ضمان حقوق الصحفيين؟ ثم تعرض الى مضامين القانون اللاتيني والقانون الانفلوساكسوني في كيفية مقاربة هذه المسألة من الناحية التشريعية خاصة ان الحقوق المعنوية تبقى دائما مرتبطة بالمؤلف وبهوية التأليف. وقد بين الاستاذ رضا النجار ان وسائل الاتصال الحديثة هي التي طرحت هذا الموضوع واثارت الاشكاليات حيث يصبح المنتوج قابلا لبيع أكثر من مرة وهي قضية عالمية اليوم. وفي بداية مداخلته بين السيد عبد العالي خير الدين الرئيس المدير العام للمؤسسة التونسية لحماية حقوق التأليف ان الحق يرتبط بالشخص وليس بالمادة المنتجة إذا ان هناك ضرورة تدفع الى تشجيع البحث عن المعرفة عن طريق مكافأة الشخص وعمّا يقدمه الى المجتمع الذي تبقى المعرفة من أوكد حقوقه. وتناولت المحاضر التأليف من زاوية الاعلان العالمي لحقوق الانسان وخاصة من خلال المادة 27 الضامنة لهذه الحقوق وبين ان القضية اليوم أصبحت أكثر تعقيدا بعد ان دخلت صناعة الميديا ضمن اقتصاديات البلدان، بل لعلها احتلت المرتبة الأولى قبل صناعة السيارات. واعتبر السيد عبد العالي خير الدين ان التشريع التونسي غني بكل ما يتعلق بحماية المؤلفين والانتاج الفكري بجميع ضروبه. ومن جانبه استعرض الاستاذ بليغ العباسي القاضي بوزارة العدل وحقوق الانسان كل الجوانب القانونية المتعلقة بالصحافة وحقوق الملكية الفكرية وذلك في اطار مقاربة قانونية وطنية لكل الاشكاليات المطروحة مستأنسا بما تعرضت له بعض المحاكم في العالم في جوانب من هذه الاشكالية الكبرى، واعتبر الاستاذ نوري اللجمي الاستاذ المساعد بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار الانتاج اللامادي غير خاضع الى حدود بحكم مضامينه الافتراضية ثم تعرض الى قضية حقوق الملكية الفكرية من خلال العرض الالكتروني وعلاقتها بالكرامة الانسانية وحقوق الانسان بصورة عامة، مبرزا ان منظومة الافكار ليست ملكا لاحد، في حين اساليب وصيغ التعبير عنها هي من حقوق المؤلف دون سواه. واستعرض الاستاذ المحاضر ما تعرضت له من اشكاليات قانونية وقضائية جعلت السؤال يمس الوظيفة من الاساس فهل ان نظام قوقل (google) هو محرك بحث أم أنه بوابة معلومات؟؟ وقدم السيد الهاشمي عمار مدير مؤسسة واب مندجير سنتر تجربة مؤسسته الاعلامية والمعلوماتية وكيفية تعطايها مع القوانين ومع حقوق المؤلفين والصحافيين . بينما استقرأ الاستاذ عبد الكريم الحيزاوي الاستاذ المساعد بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار التشريع التونسي في سياق البحث عن حقوق الصحافيين، داعيا الى ضرورة مراجعة العقود المشتركة والاتفاقيات الاطارية المشتركة حتى نضمن حقوق الصحافيين ونجعلها أكثر دقة ووضوح. بقي ان نقول أن هذه الندوة على أهميتها مرتبطة بالراهن وعلى دقتها العلمية، يجب أن تخرج من أسوار الجامعة لتؤدي كل أغراضها الاعلامية والمعرفية والمجتمعية وذلك من خلال تشريك الاتحادات ومنظمات الكتاب والناشرين والصحافيين في اطار جهد معرفي ووطني يستقرأ الراهن ويستشرف المستقبل في سياقاته القانونية والحقوقية والمجتمعية والمعرفية .