منذ سنوات عديدة لا يفتأ العديد من المربين سواء في التعليم الاساسي أو الاعدادي أو الثانوي وكذلك المتفقدون يصدرون كتبا تعالج أهم خصائص النص السردي وتقنياته ومواضيع الوصف والحوار والحجاج بهدف ارشاد التلميذ الى الطرق القويمة التي ينبغي ان يتبعها كي يصل الى اكتساب مهارة التعبير بعد ان اتضح جليا لدى رجال التربية والتعليم الانفصام الحاصل بين التكوين والتقويم لدى التلاميذ وما نتج عنه من تدن في النتائج. وقد تحققت بعض الاهداف التي يمكن أن تعوض بعض أتعاب المؤلفين ولكن مع الاسف ظلت الهوة واسعة بين ما يقدم من بذار المعرفة من قبل المربين وبين الارض التي يقع فيها البذار مما جعل رجال التربية من معلمين واساتذة يشتكون من المستوى الضعيف والمتدني الذي اصبح عليه تكوين التلاميذ وخاصة في مادة الانشاء حيث التعابير الضعيفة والتراكيب الهزيلة والاخطاء التي لا يحصى عددها في الرسم في اللغتين العربية والفرنسية وقد بلغ الامر الى حالة من القلق مسيطرة على الاولياء والمربين خاصة، كيف لا والوضعية تزداد ترديا سنة بعد أخرى فتعالت الاصوات منادية الى انقاذ مستوى ناشئتنا العمود الفقري للقطر وضرورة ايجاد الحلول العاجلة فعقدت الاجتماعات وسجلت فيها مقترحات السادة المربين كما اشفعت باستمارات منادية بالعديد من الاصلاحات من بينها ضرورة العودة الى حصة المحفوظات اثناء كل حصة قراءة وشرح نص حتى يكتسب التلميذ زادا لغويا اذ لا تمكن الكتابة دون الوعي بآلياتها وعيا يقتضي إدراكا لأسرار اللغة وتوظيفها توظيفا محكما لوسائلها التعبيرية المختلفة وتطويعا لاساليبها وفقا لما تقتضيه مقامات الانشاء وهذا لا يأتي دون حفز الناشئة للاقبال على الحفظ والمطالعة والا فان فاقد الشيء لا يعطيه وقد قال شاعرنا التونسي الاستاذ نورالدين صمود: غشيت الكتاتيب عند الصباح و تحت العصي حفظت المثاني كما نادى الزملاء ايضا بضرورة العودة الى مادة الإملاء من جديد لما لاحظوه ولمسوه من أخطاء في الرسم يندى لها الجبين فقد اصبح متداولا وليس من قبيل العجب والامر الغريب ان يربط تلميذ السنة التاسعة تاء الفعل ويخطئ تلاميذ الاقسام النهائية في رسم الهمزة. ولان النوايا الصادقة لا تذهب سدى مهما طال الزمان ولا تتبخر في الهواء ودوافع الغيرة على المصلحة الوطنية لا تذروها الرياح فقد استبشرنا أخيرا بالقرار الذي اتخذته وزارة الاشراف والمتمثل في إعادة الاعتبار لمادتي المحفوظات والإملاء في اللغتين العربية والفرنسية ونحن على يقين إنشاء الله ان مثل هذه الاجراءات ستكون خير حافز كي تعتني ناشئتنا بلغتها الام ودافعا إيجابيا حتى تنأى بهم عن المستوى الضعيف لمستواهم حاليا.