يمر المناخ دومًا بحالة من التغير، ويشمل ذلك الفترة التي سبقت منذ زمن بعيد استخدام الإنسان لأنواع الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي. كما تؤثر العوامل الطبيعية على مناخ الأرض. الشمس هناك مؤشرات قوية على أن نشاط الشمس يؤثر على مناخ الأرض ؟بالإضافة إلى السبب المباشر الذي يعود إلى كون الشمس مصدر كل الطاقة تقريبًا على الأرض. ويتأرجح تأثير نشاط الشمس وفقاً لدورة تبلغ 11 عامًا تقريبًا .ويمكن قراءة هذه الدورة بعدد البقع الشمسية، كما تدل الافتراضات على وجود تأثير لها على مناخ الأرض. إلا أن هذا التأثير يبدو ضئيلاً نسبيًا بالمقارنة مع تأثير غازات الاحتباس الحراري المتولدة بفعل الإنسان. البراكين من المعتقد أنه في فترات ما قبل التاريخ حدثت ثورات بركانية عنيفة ووقائع جيولوجية كان لها تأثير حاد على المناخ. وقد شهدنا مؤخرا ثورة بركان» ماونت بياتوبو« في عام 1991 والتي كانت شديدة إلى درجة أنه على مدى العامين المقبلين سيكون بمقدورنا تسجيل انخفاض ملموس في درجة الحرارة حول العالم على سطح الأرض. ويرجع ذلك إلى أن الثورة أطلقت أعداداً هائلة من الجسيمات في الغلاف الجوي والتي يكون لها تأثير مُبرِّد. مسار الأرض حول الشمس تتمثل الثورات الكبرى في مناخ الأرض على مدار المليون عاماً الماضية في عصور الجليد، فقد حدثت تلك الثورات البركانية بشكل دوري وعلى فواصل زمنية تبلغ حوالي 100,000 سنة، وسوف تتخللها فترات أكثر دفئاً. ومن المعتقد أن التغيرات الصغيرة التي طرأت على مسار الأرض حول الشمس قد لعبت دوراً محورياً في هذه الدورة. وقد كانت كمية غازات الدفيئة أكبر في الفترات الدافئة، وهناك علاقة مشتركة تربط ما بين درجة حرارة الأرض وكمية غازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي. الصين تتحرك لمكافحة تغير المناخ إن تغير المناخ يشكل تحدياً خطيراً للبشرية والتنمية المستدامة، وهو ما يتطلب استجابات استباقية وجهوداً متظافرة من قِبَل المجتمع الدولي بالكامل. »زي جين هوا« الممثل الخاص للرئيس هيو جين تاو لشئون تغير المناخ ونائب رئيس لجنة التنمية الوطنية والإصلاح في الصين . إن الصين تولي أهمية كبرى لمسألة معالجة تغير المناخ. ففي عام 2007 أسست الصين المجموعة الوطنية الرائدة بشأن تغير المناخ، والتي يترأسها رئيس مجلس الدولة »ون جيا باو« وفي نفس العام أصدرت الصين البرنامج الوطني لتغير المناخ، وهو الأول من نوعه على الإطلاق في أي دولة نامية. في إطار البرنامج الوطني لتغير المناخ حددت الصين هدفاً لخفض استهلاكها من الطاقة عن كل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %20 أو نحو ذلك من مستوى عام 2005 ، وذلك بحلول العام 2010 ، وفي خطتها متوسطة وطويلة الأمد لتنمية الطاقة المتجددة، وضعت الصين هدفاً لزيادة نسبة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الأولي إلى %10 بحلول عام 2010، ثم %15 بحلول عام. 2010 ولتحقيق هذه الأهداف اعتمدت الصين سلسلة من السياسات والتدابير الفعّالة، وحققت تقدماً ملموساً على هذا المسار. أولاً :نجحت الصين في خفض استهلاك الطاقة عن كل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %1,79، و%4,04، و%4,59 على التوالي في الأعوام 2006، ثم 2007، ثم2008 ، وهو ما يشير بقوة إلى إمكانية تلبية هدف خفض استهلاك الطاقة بنسبة %20 بحلول عام .2010 ثانياً : في الفترة بين عامي 2006 و2008، أغلقت الصين وحدات صغيرة لتوليد الطاقة الحرارية بلغ مجموع سعاتها 34,21 جيقاواط، وتخلصت تدريجياً من 60,59 مليون طن من سعات تصنيع الفولاذ المتأخرة، بالإضافة إلى 43,47 مليون طن من سعات صهر الحديد، و140 مليون طن من سعات إنتاج الأسمنت. ولقد أسهمت كل هذه الخطوات في الحد من التلوث بشكل ملحوظ. ثالثاً : في الفترة بين عامي 2000 و 2008 زادت الصين من سعة توليد طاقة الرياح من 340 ميقاواط إلى 10 جيقاواط، والطاقة الكهرومائية من 79,35 جيقاواط إلى 163 جيقاواط، والطاقة النووية من 2,1 جيقاواط إلى 9,1 جيقاواط. كما بذلت الصين جهوداً جبارة للحد من الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي والناتجة عن أنشطة زراعية أو ريفية.والواقع أنه بحلول نهاية عام2007، كانت أكثر من 26,5 مليون أسرة ريفية تستخدم معدات هضم واختصار الغاز الحيوي، وبذلك تجنبت الصين إطلاق حوالي 44 مليون طناً من انبعاثات غاز» ثاني أكسيد الكربون«. رابعاً : زادت الصين من قدراتها على تطهير الجو من الكربون وذلك بتشجيع التشجير وزرع الغابات. ولقد زادت مساحة الغابات من %12في أوائل ثمانينيات القرن العشرين إلى % 18,21 من إجمالي مساحة الصين الآن. وفي هذا العام تعتزم الصين استكمال صياغة برامج تغير المناخ الإقليمية في مختلف أنحاء البلاد، الأمر الذي سوف يشجع التنفيذ الفعّال للبرنامج الوطني لتغير المناخ. فضلاً عن ذلك فقد خصصت الصين في إطار خطة التحفيز الاقتصادي 210 مليار يوان لمشاريع الحفاظ على الطاقة، والحد من الملوثات، وحماية الأنظمة البيئية، و 370 مليار يوان للتعديل البنيوي للاقتصاد والتقنيات العلمية الإبداعية، و 400 مليار يوان لبناء مساكن جديدة مصممة لتوفير الطاقة، وهي المساكن التي سوف تستخدم مواد رحيمة بالبيئة. هذا بالإضافة إلى 370 مليار يوان لتحسين مستويات المعيشة في المناطق الريفية بأسلوب سليم بيئياً وقابل للاستدامة. إن الصين تبذل في الواقع جهوداً هائلة لمكافحة تغير المناخ رغم أنها ما زالت دولة نامية منخفضة الدخل حيث لا يزيد نصيب الفرد في ناتجها المحلي الإجمالي عن حوالي ثلاثة آلاف دولار. وطبقاً لمعايير الأممالمتحدة فإن 150 مليون مواطن صيني ما زالوا يعيشون تحت خط الفقر. والصين ليس لديها خيار آخر غير دعم النمو المستدام من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لشعبها واستئصال الفقر تماماً في النهاية. وفي هذه العملية فإن الصين تؤكد للعالم أنها سوف تبذل كل جهد ممكن للتصدي لتغير المناخ. إن المجتمع الدولي يعلق آمالاً كبرى على التوصل إلى نتيجة إيجابية في» كوبنهاجن« .وفي رأي الصين فإن المفتاح إلى النجاح في»كوبنهاجن« يكمن في التنفيذ الكامل الفعّال للاتفاقية و»بروتوكول كيوتو«. لذا، يتعين على البلدان النامية المشارِكة في اتفاقية»كيوتو«أن توحد جهودها في الحد من انبعاث الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي بما لا يقل عن %24 إلى %40 تحت المستويات التي كانت عليها الانبعاثات في عام 1990، وذلك بحلول عام .2020 أما بالنسبة للبلدان المتقدمة غير المشاركة في »بروتوكول كيوتو«، فيتعين عليها أن تتحمل الالتزامات التي تتناسب مع حجمها من أهداف التخفيض الكمي للانبعاثات. كما يتعين على البلدان المتقدمة أن تفي بالتزاماتها بموجب الاتفاقية فيما يتصل بتوفير الدعم المالي ونقل التكنولوجيا من أجل تمكين البلدان النامية من التصدي لتغير المناخ بفعالية. بالإضافة إلى ما سبق فلابد من تأسيس الآليات المناسبة واتخاذ التدابير المؤسسية الملائمة لأغراض التكيف، وتوفير الدعم المالي، ونقل التكنولوجيا. ويتعين على البلدان النامية أن تتخذ تدابير التخفيف الملائمة لها على المستوى الوطني، وذلك في سياق التنمية المستدامة ومن خلال توفير الدعم الملموس القابل للقياس والتحقق فيما يتصل بالتمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات. لا شك أن الأزمة المالية العالمية أدت إلى تفاقم التحدي المتمثل في تغير المناخ. ولكن نظراً لما يشكله تغير المناخ من تحدٍ أبعد مدى وأشد خطورة، فيتعين على العالم ألا يلين في تصميمه والتزامه بالتصدي لهذا التحدي. والحقيقة أن الأزمة المالية الدولية، إذا ما تعاملنا معها على النحو اللائق، فقد ننجح في تحويلها إلى فرصة للتوصل إلى حل يضمن الفوز للجميع سواء فيما يتصل بمكافحة تغير المناخ أو التنمية الاقتصادية. من منطلق شعورها العميق بالمسؤولية عن شعبها وعن الجنس البشري بأسره، فلسوف تستمر الصين في تنفيذ سياساتها وتدابيرها الاستباقية في التصدي لتغير المناخ وبذل الجهود المتواصلة لحماية الأرض.