متهم بتبييض الأموال .. 15 ماي مراد الزغيدي أمام التحقيق    تعزيز التعاون مع نيجيريا    دعوة الى إنصاف عاملات الفلاحة    في ظل غياب الموقف الرسمي الليبي...ليبيا تستقبل آلاف المجرمين المرحّلين من أمريكا ؟    مع الشروق : الإرادة اليمنية تكتب فصول العزّة    لخبطة تكتيكية وهزيمة بثلاثية أمام المغرب... منتخب الأواسط تحت «رحمة» السنغال وافريقيا الوسطى    «شروق» على الملاعب العالمية ... قمة الإنتر وبرشلونة تدخل التاريخ    وزير الشؤون الدينية يطمئن من صفاقس... حجيجنا في أياد أمينة    وزيرة الثقافة تطالب بحلول عاجلة لمراكز الفنون الدرامية    ماكرون: سأسعى لرفع العقوبات الأوروبية عن سوريا تدريجيا    مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عبد العزيز    ولاية أريانة تستعد لانطلاق فعاليات الدورة 29 لعيد الورد من 9 إلى 25 ماي 2025    ترامب: "لن يتم منع الاحتجاجات المؤيّدة لفلسطين خلال مونديال 2026".. #خبر_عاجل    عاجل/ التخييم ممنوع بغابات هذه الولاية..    عاجل/ قتيل ومصابون في حادث اصطدام حافلة عمال بشاحنة    الليلة: أمطار مؤقتا رعدية مع تساقط محلي للبرد    تحويل جزئي للمرور على مستوى مدخل المروج وفوشانة بداية من مساء الأربعاء    كرة اليد: نضال العمري يعزز صفوف الترجي في بطولة إفريقيا    وزير السياحة يتباحث مع نظيره الكونغولي سبل تطوير التعاون ودعم الربط الجوي    رئيس المنظمة الفلاحية: أضاحي العيد متوفرة وأسعارها ستكون في حدود أسعار الموسم الماضي أو أقل    بطولة الرابطة الثانية: موعد المباريات    مطار قرطاج: ضبط كمية من الذهب وايقاف مسافرتين    مؤشرات إيجابية للنشاط التجاري للخطوط التونسية للفترة المتراوحة من أكتوبر 2024 إلى مارس 2025    عاجل/ نسبة إمتلاء السدود الى حدود اليوم الأربعاء    أنس جابر تعود لملاعب روما في هذا الموعد    الدوري الأوروبي: أتليتيك بيلباو يعلن غياب الشقيقان وليامز عن مواجهة مانشستر يونايتد    اجتماع تنسيقي بين وزارة الشؤون الثقافية واتحاد إذاعات الدول العربية تحضيرا لمهرجان الإذاعة والتلفزيون    نفوق 7 أبقار بالمهدية.. الاتحاد الجهوي للفلاحة يوضح    الديوانة التونسية تحبط عمليات تهريب قياسية: محجوزات بالمليارات    سيدي بوزيد: اللجنة المحلية لمجابهة الكوارث بسيدي بوزيد الغربية تنظر في الاستعدادات لموسم الحصاد وفي سبل التصدي للحشرة القرمزية    مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة ينظم تظاهرة فكرية ثقافية حول 'المرأة والتراث بالكاف    حي التضامن: القبض على 03 من مروّجي المخدرات وحجز كميات من الكوكايين والإكستازي    تحذير هام من الإستخدام العشوائي للمكمّلات الغذائية.. #خبر_عاجل    كيف تتصرف إذا ''لسعتك عقرب والا عضّتك أفعى''    عاجل/ البحر يلفظ جثة بهذه الولاية    كل ما تريد معرفته عن الازدواج الضريبي للتونسيين بالخارج    حماس تدعو إلى ملاحقة قادة الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية كمجربي حرب..#خبر_عاجل    اليوم في المسرح البلدي بالعاصمة: فيصل الحضيري يقدم "كاستينغ" امام شبابيك مغلقة    مصر وقطر في بيان مشترك: جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة    منظمة إرشاد المستهلك تعبّر عن انشغالها بشأن عدم تطبيق بعض البنوك للفصل 412 جديد من المجلّة التجاريّة    هذه أسعار أضاحي العيد بهذه الولاية..    عاجل/ نفوق عدد من الأبقار ببنزرت..وممثّل نقابة الفلاحين بالجهة يكشف ويُوضّح..    أطعمة تساهم في خفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح    وليد بن صالح رئيسا للجامعة الافريقية للخبراء المحاسبين    وزير التشغيل والتكوين المهني يدعو الى ترويج تجربة تونس في مجال التكوين المستمر دوليا    سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية    يقطع الكهرباء ويجدول الديون.. القبض على شخص ينتحل صفة عون ستاغ..    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    عاجل : وزارة التجهيز تعلن عن موعد انتهاء أشغال تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة    تفعيل خدمات النفاذ المجاني للأنترنات بمطارات صفاقس وتوزر وقفصة وطبرقة وقابس    بطولة الكويت - طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوال السعداوي مقاتلة على جبهات الربيع ..
نشر في حقائق أون لاين يوم 03 - 03 - 2013


بقلم : لنا عبد الرحمن *
من ذكريات الطفولة، وأيام المراهقة لفتاة يافعة تهتف ضدّ الإنكليز ومعاهدة صدقي – بيفن، إلى امرأة ثمانينية في حيوية الشباب تسير مع الثوار في ميدان التحرير لتهتف بثقة: «الشعب يريد إسقاط النظام». هكذا أمضت نوال السعداوي حياتها على مدار سنوات عمرها التي بلغت الثمانين، وتلك هي روحها المتقدة الحالمة بالتغيير. هذه الروح المنتصرة للأمل تحضر في كتابها الجديد «الثورات العربية» (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر – بيروت 2013) الذي ينقسم إلى ثلاثة محاور رئيسة هي: «كي لا تسرق الثورة»، و»حقوق المرأة من أخذها وكيف تستردها»، و»في الحرية والديموقراطية».
وتحت هذه العناوين تندرج المقالات التي قدمت الكاتبة، من خلالها، مواقفها الفكرية الجريئة من الثورة المسروقة، والحكم العسكري، ونظام مبارك والاعتقالات والسجون، والتيارات الدينية الصاعدة بقوة لتصادر أي رأي مخالف يتجرأ على إعمال الفكر، وعن قضايا التنمية الغائبة، ورداءة النظام التعليمي وضرورة تغييره. وإلى كل هذا تحضر قضية المرأة التي تُعتبر الشغل الشاغل لنوال السعداوي منذ بداية كتابتها البحثية والروائية، التي وضعت فيها كتباً تحرض على التفكير وإعادة النظر في وضع المرأة مثل كتابيها «الأنثى هي الأصل»، و»المرأة والجنس» الذي تمت مصادرته في السبعينات.
لم يغِب عن السعداوي تفكيك بنية الخطاب الأول للرئيس محمد مرسي في مقال عنوانه «خطاب رئيس الدولة الجديد وإثارة الجدل» قائلة: «الخطاب الأول الذي ألقاه الرئيس المصري الجديد محمد مرسي ينمّ عن التفكير اليقيني الخاص بالمدرسين الدينيين، لغة الخطاب دينية لم يرد فيها كلمة المواطنة» (ص 15). لكنّ السعداوي في تحليلها للخطاب تتسلّل إلى مشاكل مصر والعالم العربي، لتحسم الأمر من وجهة نظرها، وبلا مواربة، مؤكدة أن كل معاناة مصر تتلخّص في التوقف – منذ قرون – عن إنتاج العلم والمعرفة والإبداع، بحيث لعب الاستعمار الخارجي والداخلي دوراً رئيساً في التخلف وتجميد الفكر. ولعلّ هذه الفكرة المطروحة في معظم كتابات السعداوي تشكل منطلقاً أساسيّاً من منطلقاتها الفكرية لتنتقد البناء العام للعقل في المنظومة التعليمية والفكرية القائمة على التلقين والحفظ والتبعية الفكرية، في العلوم والآداب والفنون والتعليم الديني، حيث يتم تخريب العقل والضمير منذ الطفولة عن طريق التربية والتعليم والثقافة والأخلاق.
وفي المقابل يبدو جليّاً في مقالات السعداوي رؤيتها ضرورة وجود حرية التفكير والسلوك والعمل الإبداعي العلمي والاجتماعي لأنها تقود إلى شخصيات متطورة أخلاقياً وإنسانياً.
بين السجن والثورة والإعلام
إن جزءاً كبيراً من مقالات نوال السعداوي في «الثورات العربية» يركز على الأحداث التي وقعت في مصر بعد ثورة يناير 2011، حيث ترى أنّ الثورة نجحت في جذب الملايين من النساء والرجال والأطفال الذين تغلبوا على الخوف من التمرد والاعتراض على الظلم والفقر والفساد.
وبين الواقع الحالي والأمس، ثمّة رجوع في الزمن والذاكرة إلى الوراء ليمتزج الفردي بالعام بين تاريخين. ففي 21 شباط (فبراير) 1946، خرجت السعداوي في تظاهرة ضد الإنكليز في أيام وزير الداخلية محمود النقراشي، حين قامت الشرطة بفتح «كوبري عباس»، ما أدّى إلى غرق ثلاثين طالباً. وفي 21 شباط (فبراير) 2012، أي بعد مرور ستة وستين عاماً، عندما انطلقت مسيرات حاشدة من أمام مسلّة جامعة القاهرة إلى مجلس الشعب ليهتفوا بسقوط حكم العسكر، مندّدين بالمجلس العسكري ومطالبين برحيله. تقول: «كأنه لم يمضِ ستة وستون عاماً، وكأني أنا الفتاة الصغيرة التلميذة، أمشي وسط التظاهرة وأهتف: يسقط الظلم يسقط الإنجليز» (ص 99).
تتبع الكاتبة خيط الذكريات الطويل وتعود إلى أيام حكم السادات وتجربتها مع الاعتقال في العام 1981، حين داهمت بيتها قوات من الأمن وهي تكتب روايتها «سقوط الإمام»، وتقول: «قبل اغتيال السادات بشهر واحد كسر البوليس باب شقتي وأخذوني بالقوة إلى السجن، دون تحقيق أو تهمة» (ص70).
قضت السعداوي ثلاثة أشهر في السجن ثمّ خرجت براءة بعد اغتيال السادات، وبرغم هذا لا ترى فرقاً كبيراً بين نظام الحكم أيام السادات وأيام مبارك. فخلال حكم مبارك انتقل اسمها من القائمة السوداء المعلنة إلى القائمة السوداء الخفية، واستمرت وسائل القمع لأي نشاط اجتماعي جديد، وكل فكر حر.
تتنقل السعداوي في مقال واحد بين الحديث عن الماضي وما فيه من ظلم، وما حدث بعد ثورة يناير من قتل للمتظاهرين واضطهاد للنساء، متوقفة عند حادثة كشوف العذرية التي تعرضت لها مجموعة من الفتيات المشاركات في الثورة. فتدين نوال السعداوي ما فعله العسكر، وتنتصر للقضاء الذي وقف إلى جانب الفتيات، وهي تدرك جيداً أن الثورات الشعبية لا تتحقق أهدافها في شهور، لكنها تؤمن أن مبادئ الثورة المصرية لن تُجهَض مادام في مصر رجال ونساء لهم ضمائر حية، وإحساس بالمسؤولية الفردية والجماعية.
تهاجم نوال السعداوي النظام الرأسمالي، وسيطرته على الإعلام وتكريسه الثقافة الأبوية سواء في العالم الغربي المتحضر أو في الشرق. وفي مقالتها الأخيرة التي حملت عنوان «أحداث أوسلو والثورات العربية الجديدة»، تتناول فكرة التعصب الديني عبر نقاش يدور بينها وبين صديقة لها حول تعصب اليمين الأوروبي ضد المهاجرين من أوروبا الشرقية، وتنتقد تضامن الإعلام العالمي والرأسمالي الأوروبي والأميركي مع هذه التيارات المحلية اليمينية.
يحضر الواقع الإعلامي في مقالات عدة في الكتاب، فتنتقد ما تراه في الإعلام، تحديدًا انتشار مظاهر التعصب و الترويج لأفكار العصور الوسطى وخزعبلات استعباد المرأة والعامل والفلاح الفقير. (ص 129). ولا يتوقف انتقادها للإعلام على هذه الناحية بل تتساءل: كيف يتم الترويج للتعصب في مقابل التعتيم على الكتب الأدبية القيمة؟
واللافت في كتاب «ثورات عربية» هو أنّ الكاتبة لا يغيب عنها أي حدث يقع في مصر، وهي الآن في نهاية العقد الثامن، إلا أنّ حضورها فعّال وحيويتها وحماستها للمشاركة في كل القضايا المهمة تبدو جلية في سلسلة المقالات التي ضمّها الكتاب، وتطرقت فيها إلى كلّ ما تعانيه مصر سواء في زمن ما بعد ثورة يناير أو قبله، مدركة أنها اختارت الطريق الصعب، ليس هي وحدها بل هي ومن معها ممّن يتبنون التوجه الفكري ذاته. ولا تفقد نوال السعداوي تفاؤلها، وهي تستند في هذا التفاؤل إلى عبارة قالها أحد الفلاسفة: «إن اللحظة الحاضرة هي كل شيء».

نقلا عن جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 1 مارس 2013
لنا عبد الرحمان : كاتبة وصحفية لبنانية مقيمة في مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.