سيدي حسين: الاعتداء على تلميذة أمام المعهد والأمن يوقف جميع المتورطات    انتقال رئاسة النجم الساحلي الى فؤاد قاسم بعد استقالة زبير بية    توقيع برنامج تعاون ثنائي بين وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة الرومانية    في ذكرى وفاة عبد القادر بن الحاج عامر الخبو    نبض الصحافة العربية والدولية ... إطلاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزّة    أولا وأخيرا .. على أكل الحشيش نعيش    بنزرت: يوم إعلامي حول السّجل الوطني للمؤسسات    من المجاهدين الأفغان إلى الجولاني ... «الجهاديون»... خدم للإمبريالية!    في بيت الرواية بمدينة الثقافة .. .جلسة أدبية حول «تعالق الشعر بالسرد»    تستوعب 10 آلاف جندي: غزّة... قاعدة أمريكية ؟    المهدية: مواد خطيرة وحملة وطنية لمنع استعمالها: طلاء الأظافر الاصطناعية و«الكيراتين» مسرطنة    أنس بن سعيد تتألّق في "ذو فويس" وتعيد للأغنية التونسية بريقها    استماعات بخصوص مشروع قانون المالية    قبلي: عملية بيضاء لرفع جاهزية فرق الحماية المدنية في مجابهة حوادث المرور    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا    العجز التجاري لتونس يبلغ 18,435.8 مليون دينار مع موفى أكتوبر 2025    الليلة: سحب قليلة والحرارة بين 10 درجات و15 درجة    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): جميلة بولكباش تهدي تونس الميدالية الذهبية الاولى    عاجل/ الزهروني: "دقبونة" و"ولد العيارية" و"العروسي" في قبضة الامن    كأس إفريقيا لكرة اليد: تونس ضمن الكبار قبل انطلاق البطولة 2026    الرئيس الجزائري يوافق على طلب نظيره الألماني بالعفو عن الكاتب بوعلام صنصال    مشروع السدّ يتحرّك: مفاوضات جديدة لإنهاء ملف انتزاع الأراضي بجندوبة!    القصرين: 126 ألف شتلة جديدة لتعزيز الغطاء الغابي خلال موسم التشجير 2025-2026    مباراة تونس وموريتانيا الودية : وقتاش و القناة الناقلة ؟    عاجل/ صدور أحكام سجنية في قضية هجوم أكودة الارهابي    سليانة: انطلاق مهرجان "نظرة ما" في دورتها الثانية    مدير المركز الوطني لنقل الدم: هدفنا بلوغ 290 ألف تبرّع سنوي لتلبية حاجيات البلاد من الدم ومشتقاته دون ضغوط    مجلس الجهات والأقاليم ينتدب في هذه الخطط الإدارية..#خبر_عاجل    النائب على زغدود حول مشروع قانون المالية: اعددنا حزمة من التعديلات وهذه تخوفاتنا    الرابطة الأولى: النادي الصفاقسي يطالب بصافرة أجنبية في الكلاسيكو    عاجل: 8 سنين حبس لفتاة تروّج في المخدّرات قدّام مدرسة في الجبل الأحمر!    انقلاب سيارة في جسر بنزرت..#خبر_عاجل    عاجل/ انشاء هيكل جديد لتنظيم قطاع القهوة في تونس    عاجل/ دليلة مصدق تفجرها وتكشف عن تطورات خطيرة وجديدة حول وضعية جوهر بن مبارك..    الترجي الرياضي: توغاي يعود إلى تونس.. ورحة بأيام ل"بن سعيد"    نواب ينتقدون مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026: "استنساخ للسابقة واعتماد مفرط على الجباية"    عاجل/ بشرى سارة لأصحاب هذه الشهائد: 1292 انتداب جديد..    انطلاق معرض الموبيليا بمركز المعارض بالشرقية الجمعة 14 نوفمبر 2025    النجم الساحلي: زبير بية يكشف عن أسباب الإستقالة.. ويتوجه برسالة إلى الأحباء    تونس تشارك في بطولة العالم للكاراتي بمصر من 27 الى 30 نوفمبر بخمسة عناصر    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    قفصة: وفاة مساعد سائق في حادث جنوح قطار لنقل الفسفاط بالمتلوي    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    تحطم طائرة شحن تركية يودي بحياة 20 جندياً...شنيا الحكاية؟    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    تحب تسهّل معاملاتك مع الديوانة؟ شوف الحل    عاجل/ هذا ما كشفته وثائق سرية حول اتفاق غزة..    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    بش تغيّر العمليات الديوانية: شنوّا هي منظومة ''سندة2''    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلامُ الأمريكيُّ وَقَلْبُ الحَقائق لِتَضليلِ جُمْهُورِهِ أوّلاً
نشر في حقائق أون لاين يوم 03 - 00 - 2017


يَشْعُرُ المَرْءُ بالشَّفَقَةِ على جُمْهُورٍ...
يَشْعُرُ المَرْءُ بالشَّفَقَةِ على جُمْهُورٍ مَصْدَرُ مَعْلُوماتِهِ الوحيد هُوَ الإعلام الأمريكيّ الذي يُشَكِّلُ وَعْيَ الجُمْهُور الذي يَسْتَهْدِفُهُ بأخبار وتحليلات بل وأحياناً ب "تحقيقات استقصائيّة" مزعومة قَوامُها جميعاً فَبْرَكَةُ الأكاذيبِ وَقَلْبُ الحَقائقِ، ذلكَ أنّ الإمبرياليّة الأمريكيّة بصيغَتِها النيوليبراليّة المُتَوَحِّشة التي تَعْتَرِضُ البشريّةَ المُعاصِرَةَ في العُقُودِ الثلاثةِ الأخيرةِ خاصَّةً يَشفُّ أداؤها الإعلاميّ عَنْ نَهْجٍ نازيٍّ كانَ كامِناً فانْفَلَتَ تَجسيداً ليسَ فقط لِقَوْلِ " أدولف هتلر" الشهير : "إنَّ الرأيَ العامّ لا يعتمدُ على الخبرةِ الشخصية أو على معرفةِ الأشخاصِ وهو يستسلمُ للدِّعايات التي تُسيطرُ عليه دُونَ أنْ يَشْعُرَ، والصحافةُ هِيَ الموجِّهُ الوحيد"، بَلْ وَأيْضاً تجسيداً لِشِعَارٍ أشْهَر أطْلَقَهُ وزيرُ الدِّعايَةِ النازيّةِ "يوزف غوبلز" : " اكْذِبْ اكْذِبْ اكْذِبْ إلى أنْ يُصَدِّقَكَ النّاسُ" .
هُوَ إعْلامٌ يَتأسَّسُ وَيَنْهَضُ بِ وَعلى "الكذب المُمَنْهَج والمُبَرْمَج" وفْقَ استراتيجيّة السياسة والمصالح الأمريكيّة، بإيمانٍ يَكادُ يَكُونُ مُطْلَقاً بأنَّ مَن "يملكُ وسائلَ الإعلامِ يملكُ أداةَ الحَسْمِ لِصالِحِهِ في الحُرُوبِ الباردَةِ والساخِنَةِ"، وهُنا لا يَفُوتنا التّماهي مع الإيمان النازيّ ذاتهِ بِدَور وسائلِ الإعلام في كَسْبِ الحُرُوب. إلا أنّهَ في النّهاية سَيُهْزَمُ الإمبرياليُّ الأمريكيّ المُتَغَطْرِسُ كما هُزِمَ سَلَفُهُ النّازيُّ الألمانيّ، لأنَّ السِّلاحَ الإعلاميّ لَهُ وَجْهُهُ الصَّحيحُ الأمْضى حِينَ يُسْتَخْدَمُ بِكَفاءَة وَيُشِكِّلُ وَعْيَ الجُّمهور الذي يستهدِفُهُ بحقائق يُصاغُ مِنها الخبرُ ويُبْنى عليها التحليلُ المَوضوعيُّ.
وَللتدليلِ على ما ذَهَبْنا إليهِ يَفيضُ تاريخُ الإعلامِ الأمريكيّ بالوثائقِ والأدِلَّةِ الدّامِغَة خاصّةً في الملفِّ العِراقيّ ، تمثيلاً لا حَصْراً، بَدْءاً مِن دُخُولِ الجيش العراقي الكويت وتداعياتِهِ التراجيديّة وُصُولاً إلى غَزوِ العراقِ واحتلالهِ بَعْدَ فَرْضِ حصارٍ جائرٍ قاسٍ شامِلٍ عليهِ دامَ ثلاثَ عشَرَةَ سَنَة ، تَمثيلاً لا حَصْراً . لكنّنا نَهْتَمُّ هُنا بِمُقاربَةِ الإعلام الأمريكيّ لِدَوْرِ واشنطُن المَزْعُومِ في الحَرْبِ على الإرهاب التكفيري الذي يَغزو العراقَ وسوريا وغيرهما.
فقد أمْعَنَ الإعلامُ الأمريكيّ في جرائمِهِ المِهَنيّة ضدَّ الإنسانيّة ،إنْ جازَ التعبيرُ، وَهُوَ يُراكِمُ الأكاذيبَ التي تَزْعَمُ أنَّ كُلَّ ما يجري في سوريا هُوَ حَرْبٌ يَشنُّها "دكتاتور" سُوري مَدْعُوم بِحُلَفائه مِن روسيا وإيران ولبنان ضدَّ "الشَّعْب السوري" الذي أفْرَزَ "مُعارَضَةً مُعْتَدِلَة" رأتْ واشنطُن وحليفاتُها وأتباعُها في الغرب والشّرْق أنَّ "الواجب الإنسانيّ الديمقراطيّ" دَعا الولايات المتحدة وجوقتَها كفرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني والكيانات الخليجيّة وتركيا إلى تمويل وتسليح وتدريب هذه "المُعارَضَة المُعْتَدِلَة" المسكينة وَرَفْدِها بعشراتِ الآلاف مِن "المُقاتلين لِنَشْرِ الديمقراطيّة الأمريكيّةِ عبْر العالم"، الذينَ يُسَمُّونَ أنْفُسَهُم "مُجاهدين لِفَرْضِ شريعةِ الله"، وَالذينَ سبَقَ للمخابرات الأمريكيّة أنْ جَنَّدَتْهُم بأموالٍ خليجيّة عبْرَ مٌخْتَلَف بلدان الدنيا (مِن الشيشان إلى الصين ومن السعوديّة واليمن إلى دُوَلِ المغرب العربي ومن الأردن وفلسطين المحتلة ولبنان إلى السودان وغيرها ...) لِشَنِّ حُرُوبها هي ضدَّ الحكومات الوطنيّة في الدُّوَلِ التي تستهدفُها ، تُرسِل جماعاتِها الإرهابيّة إلى هذه الدول "حِصانَ طروادَةَ" تلوَ الآخَر ، ثُمَّ تتبعُ أجهزة واشنطن الاستخباراتيّة والعسكريّة هذه الأحصنة مانحَةً نَفْسَها "حقَّ" التدخُّل في الشُؤون الداخليّة لتلكَ البلدان واستباحة أراضيها وسيادتها الوطنيّة بذريعة أنّها تقودُ تحالفاً دوليّاً ضدَّ الإرهاب، وهو دائماً تحالفٌ مِن حُلَفائها يَعْتدي على الشعوب والبلدان المستقلّة وبالتالي على الشرعيّة والقانون الدّوليين كُلّما "اقتضَت" مَصالحُ الشركاتِ الاحتكاريّة الإمبرياليّة الصهيو أمريكيّة ذلك. وَدَوْرُ الإعلامِ الأمريكيُّ هُنا دائماً فبْرَكَةُ الأكاذيب وقَلْب الحَقائق ، وَمِنْ ذلكَ تمثيلاً لا حَصْراً مَزاعِمُهُ بأنّ الجيشَ العربيَّ السوريّ وحلفاءه وخاصة مِنَ الجيش الروسي يرتكبونَ جرائم حرب ضدَّ المدنيين السوريين وأنّ هؤلاء المدنيين لا يلقونَ نصيراً غير جمعيّات المجتمع المَدَني المزعومة التي يُمَوّلُها الغَرْبُ وأجهزتُه الاستخباراتيّة عادَة، وَأبْرَزُ هذه الجمعيّات ما يُسَمّى "القُبَّعاتُ البيضاء" التي اختارتْ مجلة "التايم" الأمريكيّة مديرها المدعو "رائد صالح" من بين أكثر 100شخصيّة مُؤثِّرَة في العالم.
وجاءَ اختيارُ المجلة ل”صالح” هذا "تقديراً للدور الذي يقومُ به "أفرادُ الدفاعِ المدنيّ بمهامٍّ كُبْرى لإنقاذِ حياةِ المدنيين من عمليات القصف التي يمارسُها الأسد والروسُ ضدَّ السوريين في المناطِقِ المُحَرَّرَة".
وكان فيلم “القبعات البيضاء” الذي يتناولُ موضوعَ "المُسعِفِين المدنيين في سوريا" قد فازَ بجائزة "الأوسكار" الأمريكيّة عن فئةِ أفضلِ فيلمٍ وثائقيٍّ قصير ، في سِياقِ تسييسٍ مُبْتَذَل لهذه الجائزة كما هُوَ حال مُعْظَم الجوائز الأدبيّة والفنيّة في الغَرْب والشَّرْق. وَقَلْبُ الحَقائقِ هُنا يَتَجَلّى في كوْن منظمة "القبعات البيضاء" تتعاوَنُ مع تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" - المُصَنَّفين حتى في الولاياتِ المُتحدة كتنظيمين إرهابيين - والمجموعات التابعة لهُما في سوريا وتُشاركُهم في عمليات القتْل والإعدامات الجماعيَّة، وَهذا الكلام ليست مَصادرهُ الدولة السوريّةُ أو حليفتُها روسيا ، بل هذا ما أكَّدَته الصحفيةُ البريطانيَّة المُستقلة "فانيسا بيلي".
وقد عَبَّرَتْ "بيلي" لوسائل إعلام في بلادِها عَن استغرابِها من تواجُد أفراد "القبعات البيضاء" دوماً في المناطقِ الخاضعة لسيطرة الميليشيات المسلحة مثل "داعش" أو "جبهة النصرة"، مُشيرَةً إلى " وُجود تسجيلات فيديو وصُوَر كثيرة تُلتقَطُ في هذه المناطق تؤكِّدُ تعاونَ المنظمة مع المُسلحين حيث تقدِّم لهُم الخدمات الطبية وتُشارك في عمليات القتْل والإعداماتِ الجماعيّة للمدنيِّين والجنودِ السوريِّين".
وأكدتْ الصحفيَّةُ البريطانيَّةُ أنه لا يمكن عَدّ هذه المنظمة مستقلةً لأنها تُمثِّلَ مَصالِح الدول الغرْبية التي تَدْعَمُ جماعات "المُعارضة" في سورية، مُلاحِظَةً أنه "من المَعروف أن "القبَّعات البيضاء" تحصل على تمويل من عَدَد كبير من الدول الغرْبية بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا".
نحنُ إذَنْ ازاءَ قطيع ذِئابٍ مِن حوالي أربعةِ آلاف إرهابيّ يُسَوِّقُهُم الإعلامُ الأمريكيُّ على أنّهم أسْرابُ حمامٍ بيضاء ، بينما يُؤكِّدُ موقعُ "لاند دستروير" الأمريكي كذلك أنّ "هؤلاء فبرَكَةٌ إعلاميّة غرْبيّة هَدَفُها كَسْبُ تعاطُفِ الرأي العام العالمي لاختِلاقِ كوارث إنسانيّة واستِخدامها كذريعةٍ لِتَدَخُّلٍ غَرْبيٍّ أوْسَع في سوريا".
وَبَعْدَ أنْ افْتُضِحَ أمْرُهُم انتهى دَورُهُم وباتوا فاقِدِي الصلاحيّة (وَرَقة مَحروقة) ، بحيثُ لم تسمحْ الحكومةُ الأمريكية لعددٍ مِن نشطاء "القُبَّعات البيضاء" عَيْنها نَفْسها، بدُخولِ أراضي الولايات المتحدة بِمَنْ فيهم رئيسها "رياض صالح" بسبب اتصالاته مع المسلحين، حسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "مارك تونر".ونحنُ طَبْعاً لن نضعَ إشارة تَعَجُّب هُنا كما لن نَضَعها عندَما يلقى حُلفاء واشنطن القُدَماء والجُّدُد" السوريين" مِن ذَويّ "القُبّعات المُلَوَّنةِ " الأخرى مصيراً أسوأ مِن مصير "القُبَّعات البيضاء".
هذه إذَنْ عَيِّنَةٌ أوْ غَيْضٌ مِنْ فَيْضِ الدّلائل على فبركات وأكاذيب الإعلامِ الأمريكيّ التضليليّ ، الذي ما فَتئ يزعَمُ أنَّ المُقاتلات الجويّة الروسيّة والسوريّة لا تُحاربُ الإرهابَ بَلْ تقصفُ المدَنيينَ السوريين (كما يُسَمّي الإعلامُ الأمريكي الإرهابيين المُرْتَزَقَة والتكفيريين الذينَ جَنَّدَتهم ومولتهم ودرّبتْهُم وسلّحَتْهُم المخابراتُ الأمريكيّة وعملاؤها من الإخوان المسلمين والخليجيين والأتراك ، وأطلقوهم يقتلونَ ويدمّرون البشرَ والحجَرَ والشجَرَ في سوريا ). كما يُزوِّدُونَ هؤلاء الإرهابيين المُجْرِمين بأسلحةٍ كيمياويّة ليستخدموها ضدّ المدنيين السوريين ويتهموا الجيشَ العربي السوري بأنّه هُوَ مَن ارتَكَبَ جريمتهم تلك ، وأحيانا يتمّ مَسْرَحةُ جريمةٍ مزعومةٍ أوْ مُتَخَيَّلَة يُرَوِّجُ لها الإعلامُ الأمريكيّ وتعتمدُها الإدارةُ الأمريكيّة في شَنِّ عُدوانٍ مُبَيَّت على الدولة السوريّة وجيشها ، كُلّما حَقَّقَ تقدُّماً على حساب تنظيم "داعش" وسواه مِن التنظيمات الإرهابيّة، وفي هذا السّياق ،تمثيلاً لا حَصْراً، أكّدتْ القيادةُ العامّةُ للجيشِ والقوات المسلحة في سوريا "أنَّ طيرانَ التحالُف الأمريكيّ يقصفُ أحدَ المواقع العسكريّة للجيشِ العربيّ السوريّ في جَبَلِ ثرْدة في محيطِ مطارِ دير الزور ما أدّى إلى وقوعِ خسائر بالأرواحِ والعَتاد في صفوفِ قواتنا ومَهَّدَ بشكْلٍ واضِحٍ لهجومِ إرهابيي تنظيم داعش على الموقعِ والسيطرةِ عليه". وليسَ هذا فقطْ ما يَفْضَحُ زَيْفَ الولايات المُتَّحِدَة وإعلامها في ادّعائهم مُحارَبَةِ الإرهاب ، فناهيكَ عَنْ فضيحَةِ الرئيسِ الأمريكيّ الأرْعَن، دونالد ترامب، عندَما أصْدَرَ أمراً مُباشراً منه بتوجيهِ ضربَةٍ عسكريّة ضد مطار الشعيرات الموقع العسكريّ السوري الذي تنطلق منه الطائراتُ الحربيّة السوريّة لضَرْبِ مَواقِعِ الجماعات الإرهابيّة بذريعةٍ واهية بل مُقَزِّزَة تزعم اشتباهاً بأنَّ هذا المطار" يحتوي مواد كيماوية" ستُسْتَخْدَم في ضرْبِ "المُعارَضَة المُعْتَدَلة" ، فَإنَّ جرائمَ الطيران الأمريكيّ ضدَّ القوات العراقيّة التي تُقاتل الإرهابيِّين في الموصل وغيرها ، والتي يسكتُ عنها الإعلام الأمريكي "الحُرّ؟" ، يُؤكِّدُ مَدى تَوَرُّطُ واشنطُن والإعلام الأمريكي في التواطُؤ مع جرائم الإرهابيين في سوريا والعراق وليبيا واليمَن ناهيكَ عن تواطؤها مع الإرهاب الإسرائيليّ المُنَظَّم ضدَّ الشعبِ الفلسطينيّ.
ففي العراق يُقْدِم الطيرانُ الحَرْبي الأمريكيّ على قَصف المدنيين العراقيين في قُراهم كما حَصلَ في بلدة المشرفة، وفي قرية الرحيات، وفي المنطقة الساحلية ، مما أسفر عن مقُتل أكثر من 30 شخصا ، وجرح أكثر من 100 آخرين .
وفي أواخرجوان2017 قصفتْ القواتُ الأمريكيّة وحدات "مُكافَحة الإرهاب" العراقية، عندما كانت بِصَدَدِ تحرير مدينة الموصل القديمة مِن مقاتلي تنظيم “داعش”.
وذكَرَ أحدُ شهود العَيان أنَّ القوّات الأمريكية المُشاركة ضمْنَ قوّات التحالف الدولي، أطلقتْ صاروخا على مُقدِّمةِ وحْدات مُكافحةِ الإرْهاب، وبعدها أبلغتْهُم أنه صاروخٌ تحذيري "لِعدَم وُجود أوامر بالتقدُّم مِنَ الجانبِ الأمريكيِّ".
لكنَّ شهودَ عَيان آخرين، أكَّدوا أنَّ الصاروخَ كانَ بمثابة تحذير ل”داعش”، خاصَّة بعد تراجُع القوات العراقية المُهاجِمة، مِمّا أدّى إلى هُجُومٍ عَكْسِيٍّ للدواعش وقد نتجَ عنه تَصْفيَةُ أفرادٍ من وحْدات مكافحة الإرهاب أو أسْرهم. وهذا ليسَ حادثاً مَعزولاً ، فَالفرقة التاسعة المدرعة في الجيش العراقي كانت قد تقدَّمت لتحرير مستشفى السلام بالجانب الأيمن للموصل في ديسمبر الماضي، بدون موافقة أمريكية، فاختفى الغطاءُ الجوي الأمريكيّ وحاصرَها الدواعشُ ، فأعدموا 90جنديا وضابطا عراقيا ومَثَّلوا بجُثَثِهِم قبْلَ أنْ تفكَّ "فرقةُ مُكافَحَةِ الإرهاب" العراقيّة الحصارَ عن الفرقة التاسعة المذكورة.
وقَبْلَ عامِ مِن هذه الجريمة الأمريكيّة –الداعشيّة المُشتَركة ضدَّ الجيشِ العراقيّ ، وحسب مصدر في الجيش العراقي، قَصَفَتْ القوّاتُ الجوية الأمريكية، الفرقةَ التاسعة المدرعة ذاتها، التابعة للقوات العراقية في الموصل مما أسفر عن مقتل نحو 90 عسكرياً عراقيا، وجرح أكثر من 100 آخرين، إضافَةً إلى تدميرِ ثماني عربات مُشاة قتالية مِن نوع “بي إم بي- 1” وأربع عربات “هامفي” تابعة للقوّات العراقية.
وفي جوان 2017أفاد مراسلون لوكالات أجنبية وعراقية يعملون في العراق بأن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة قصفتْ مقرَّ الفرقة الأولى التابعة للجيش العراقي في الفلوجة ما تسبب بسقوط 6 قتلى و 8 جرحى.
وَقال النائب في البرلمان العراقي، "عدنان الشحماني" إن طيران التحالف قَصَفَ أيضاً مقرَّ الفرقة ال17 وقاطِعَ عمليات "التيار الرسالي" التابع للحَشْد الشعبي في الكرْمة وقد أدّى القصْفُ إلى سُقوط قتلى وجَرْحى.
إنَّ طيرانَ التحالُف الدولي بقيادة أمريكا قصفَ مِراراً وحدات تابعة للقوات العراقية والحشْد الشعبي العراقي ، كما يتعمَّد إلحاق أوْسَع وأشدّ أذى مُمكِن بالمدنيين وبيوتهم وَمَرافق مُدُنهم وقُراهم الصحيّة وأوابدهم الحضاريّة بالقصْفِ الوحشيّ الذي يَقومُ بهِ طيرانه الحَرْبيّ (الذي يزعمُ زُوراً وتزويراً أنّهُ يستهدِفُ تنظيمَ داعش) ودائماً تزعمُ أمريكا وحلْفُهَا الدّوليّ أنَّ تلك الغارات حَدَثتْ "بالخَطأ".
ومع ذلك فإنّ الإعلام الأمريكيّ يتحدّث الآن عن إنجاز الجيش والحشْدِ العراقيَّين في طَرْدِ "داعش" مِن الموصِل وكأنّه انتصارٌ أنجزَهُ الجيشُ الأمريكيّ ، مُتَجاهلاً في الوَقْتِ نَفْسِهِ عَدَدَ الضَّحايا وَحَجْم الدَّمار في حَرْبِ الموصل ضدَّ داعش، لكن عندما تحصد المقاتلاتُ الجويّة الروسيّة رُؤوسَ الإرهابيين وتدَمِّرُ مواقِعَهم في سوريا تضجُّ وسائلُ الإعلامِ الأمريكيّ بأحاديث مُضَلِّلة وأخبار مُشَوَّهة تزعم أن القوات الروسية تستهدف مدنيين سوريين. علماً أنَّ كثيراً مِنَ "المُصالحات" التي تُفضي إلى تفكيكِ بَعض الجماعات الإرهابيّة المُسلّحة على الأرض السورية اقتصاداً في الدمِ والضحايا يقفُ وراءها أصدقاؤنا الرُّوس.
والإعلامُ الأمريكيّ لا يزالُ يَتَجاهلُ هذا التّواطؤ العسكريّ الأمريكيّ مع تنظيمِ "داعش" الإرهابيّ ضدَّ قوّات الجيش والحشْد العراقيّين في المُوصل والفلوجة وَغَيرهما ، كما يَتجاهل بُطولات وتضحيات الجيشين السوريّ والروسيّ في مُواجهة الإرهاب التكفيريّ في سوريا، بل لا يَتَوَقَّفُ عن الافْتِراء وَفبركةِ الأكاذيب في حَقِّ الجيش الروسيّ خاصّةً، هذا الجيش الذي قَدَّمَ إلى جانب الجيشِ العربيّ السوريّ دَماً زكيّاً دفاعاً عَن حَقِّ الشَّعْبِ السّوريّ في الوُجُودِ الحرّ الكريم على أرْضِ دَولتِهِ المستقلّة ذات السيادة، وَدِفاعاً عَن الشرعيّةِ والقانون الدّوليين اللذين تنتهكهما الولاياتُ المتحدة في سوريا أيضاً باستخباراتها وعسكرها وإعلامها التضليليّ الكاذب عَن سَبْقِ إصْرارٍ وَتَقَصُّد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.