خلُص التقرير السنوي لعمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سنة 2016، إلى تفشي ظاهرة الفساد في معظم مؤسسات الدولة . وذكر التقرير الذي قدمه رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب خلال ندوة صحفية اليوم الخميس، أن الهيئة تلقت 140 شكاية تتعلق بالصفقات العمومية و1729 شكاية تتعلق بفساد مالي وجرائم اقتصادية، لتتمّ إحالة 94 شكاية الى الجهات القضائية. وقال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب، إن الهيئة لاحظت أن الجهات المورطة في شبهات الفساد اعتمدت نفس الأساليب التي تم اعتمادها خلال النظام السابق (بن علي)، مشيرا إلى ان أغلب الجهات التي تضمنت ملفات فساد ترصد لها موارد مالية هامة، وفق قوله. 21 بالمائة من الشكايات قُدمت ضد مؤسسات عمومية .. كما لفت التقرير الى أن 21 بالمائة من الشكايات قُدمت ضد مؤسسات عامة وخاصة و37 بالمائة ضد أشخاص عاديين. وبخصوص مصادر الملفات الواردة على الهيئة أوضح التقرير إلى أنها تلقت 721 ملفا تهم الوزارات و 353 من الولايات والمعتمديات والبلديات و 215 ملفا من مؤسسات خدمات البريد والماء والكهرباء و 380 من البنوك والشركات، فيما تلقت كذلك 17 ملفا اتهم فيها الرئيس الأسبق بن علي وعائلته و 1295 ملفا يخص أفرادا عاديين. وفي سياق متصل اعتبر التقرير أن مآل الأبحاث الإدارية في عديد الملفات التي تتعلق بها شبهات فساد تبقى حبيسة أدراج الإدارات التونسية نظرا لعدم التقصي فيها أو متابعتها إلى حين البت فيها، لتبلغ عدد الملفات العالقة التي لم تتمكن لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة 5308 ملفا، ما اضطر الهيئة الحالية لتكليف فريق خاص من المحققين للبت فيها. ملفات فساد بالجملة .. وتضمن التقرير الذي ورد في أكثر من 500 صفحة، عينات مختارة من ملفات الفساد تم اختيارها حسب أهمية الملف كمدى تأثير شبهات الفساد على القطاع العام أو فداحة الجرم المرتكب، من ذلك شبهات فساد تتعلق بنتائج مناظرة بالمجلس الوطني للاعتماد بعد احالة من مصالح الحوكمة برئاسة الحكومة، إذا خلص التقرير إلى أن المناظرة الخاصة بهذا الانتداب الخارجي كانت بغرض انتداب أشخاص مقربين من سلطة القرار دون اعتماد معايير الكفاءة والمهنية. وتحدث التقرير كذلك عن شبهات فساد تتعلق بالانتدابات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تورط فيها نقابيون ومسؤولون اداريون ووزير سابق للشؤون الاجتماعية، إذ تولت الهيئة اثر تعدها بالملف سنة 2015 توضيح عدة نقاط تتعلق بالانتداب ليتبين أنها شملت مقربين من المسؤولين. وبين التقرير كذلك وجود شبهات فساد بوزارة الداخلية تتعلق بصندوق القروض ومساعدة الجماعات المحلية التابع لها، إذ تلقت الهيئة تبليغا مفاده أنه في اطار البرنامج الوطني للتحكم في الطاقة قامت الوكالة الوطنية للطاقة المتجددة بتنفيذ عمليات تجريبية مع بعض المزودين بتركيز معدلات الجهد على بعض شبكات التنوير العمومي على غرار بلدية صفاقس سنة 1999، في إطار استراتيجية وطنية للتحكم في الطاقة، وقد تم ابرام الصفقة العمومية بالتفاوض المباشر على غير الصيغ القانونية. وبالعودة إلى التقرير فقد أبرز كذلك وجود شبهات فساد في الصفقات العمومية شملت الشركة التونسية للكهرباء والغاز والمندوبية الجهوية للفلاحة بالمنستير ومصانع ، لتثبت الردود فيما بعد أن البراهين المقدمة لا تبعد الشبهة. كما شملت شبهات الفساد مؤسسات اعلامية عمومية على غرار مؤسسة الإذاعة التونسية، إذ تقصت الهيئة بخصوص صفقة أبرمتها المؤسسة المذكورة بتاريخ 30 جوان 2010 مع شركة اسبانية بغرض اقتناء تجهيزات لتجديد القاعة الفنية المركزية التابعة لمؤسسة الاذاعة. وزارات تتفاعل وأخرى لا .. ويقول رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب إن عددا من الوزارت قامت بإحالة عديد الملفات، بينما لم تُحل وزارات أخرى أي ملف رغم أنها تتضمن عددا كبيرا من ملفات الفساد، وفق تعبيره. وذكر في هذا الإطار أن الوزارات التي قامت بواجبها وفق تعبيره، هم وزارات الشؤون الاجتماعية التي احالت 21 ملفا إلى الجهات القضائية، تتعلق بشبهات تدليس وتزوير بطاقات إعاقة واختلاس ادوية من طرف اطباء، هذا إلى جانب وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري التي احالت سنة 2016 وفق قوله، 13 ملفا إلى الجهات القضائية، ثم وزارة التربية التي أحالت 7 ملفات ووزارة المالية التي أحالت 8 ملفات. وتحدث العميد شوقي الطبيب في السياق، عن عدم إحالة وزارات التنمية والصناعة والنقل وأملاك الدولة والشؤون العقارية والخارجية والداخلية، لأي ملفات إلى الجهات القضائية رغم أنها تتضمن عديد ملفات الفساد، وفق تأكيده.