بداية من الثلاثاء: انقطاع مياه الشرب بهذه الضاحية من العاصمة.. #خبر_عاجل    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    تعيين مدير عام جديد على رأس "بي هاش" للتأمين    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    سوسة: سوسة: تفاصيل القبض على شخص مصنّف خطير    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    الإثنين المقبل :144 ألف تلميذ يجتازون امتحانات البكالوريا التجريبية    جلسة خمريّة تنتهي بجريمة قتل!!    وزير التربية يؤدي زيارة إلى معرض الكتاب بالكرم    وزارة التعليم العالى تطلق مكتبة افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الديبلوماسية التونسية تحتفل بيومها الوطني : التاريخ .. المبادئ .. الأهداف    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    التوقعات الجوية لليوم السبت    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بمشروع مدني بيئي وثقافي    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    تعزيز مخزون السدود وتحسين موسم الحبوب والزيتون في تونس بفضل الأمطار الأخيرة    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    طقس اليوم: أجواء ربيعية دافئة وأمطار رعدية محلية    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سطمبالي بلحسن ميهوب.. صليل الأصفاد والسلاسل سبيل إلى الدفء والنيرفانا
نشر في حقائق أون لاين يوم 25 - 01 - 2019

مساء بارد يعبق بريح الثلج الذي وشح مناطق الشمال الغربي، كم هو جميل منظر البياض إذ يزين الثرى وكم هي مؤلمة ارتعاشة الفقراء من البرد، هبّت إلى ذهني هذه المفارقة وأنا أحاول أن أثبت قدمي على الارض في مواجهة الريح.

ريح صرصر تخترق مسام الجلد وتختلط بالدماء حتى تتخثر ويسري الخدر في كل جسدي فلا اقوى حتى على تحريك أناملي، وأقارع كل الظروف التي تحول دون وصولي إلى قاعة الفن الرابع المواكبة عرض سطمبالي بلحسن ميهوب، أقارع الريح والبرد والوحدة، لتنتفي كل المنغصات مع النغمات الأولى التي انبعثت من القمبري حينما داعبته أنامل بلحسن ميهوب.

ولما تعالت قرقعة "الشقاشق"، محاكية صليل الأصفاد والأغلال المعلقة على أجساد العبيد، عمّت حالة من الدفء الوجداني قاعة الفن الرابع، هي صرخات الحرية المتسللة من بين حلقات السلاسل، صرخات حرى دافئة تواجه برود العنصريين والمضطهدين.

نغمات القمبري تحاكي دندنة العبيد وغمغماتهم فتتمزق على وقعها سلاسل الاستعباد وتنكسر القيود محدثة صوتا تحاكيه ايقاعات "الشقاشق"، وتعاضدها أصوات العازفين لتروي حكايات الانعتاق والتحرر.

وفي قاعة الفن الرابع، انتفى الزمان والمكان وما عاد البرد يجد له موطئ قدم، على وقع الانغام الحادة تعانقت الأكف مصفقة وتمايلت الأجساد يمينا و شمالا وكأنها ترنو إلى الخلاص من حاجز الواقع، وتماهت حركات الحضور مع حركات الراقص المدروسة.

كان الراقص يلوّح بردائه الأزرق يمينا وشمالا ملقيا عن عاتقه كل ما من شأنه ان يعكّر صفوه، وكانت حركاته المرتّبة على وقع أنغام القمبري والشقاشق، خطواته واهتزازات جسده تأخذك إلى عالم يرشح سكينة، عالم يعلن عن ميلاده بلحسن ميهوب كلّما داعبت انامله اوتار القمبري، ليدخل في حوار ثنائي مع آلته الموسيقية ويتبعه عازفيْ الشقاشق ، وتنصهر أحاسيس العازفين مع الأصوات التي تحاكي أنين العبيد ورنين الحديد المعلّق عى اجساده.

وما اعمق تلك النظرات التي ترتسم عى عيون العازفين وهم يردّدون كلمات اغان تتضمّن كلمات باللهجة التونسية ولكنّك قد لا تفهم بعضها لأنّها موسومة بلهجة افريقية وبعض كلمات غير مفهومة تسمّى "العجمي"، وانت قطعا لن تهتم كثيرا بفهم الكلمات ولكنك في المقابل لا تتوقف عن هز رأسك والتمايل على وقعها.

حالة من الدفء الوجداني سرت بين الحضور، وتماهت الألحان مع الكلمات وحركات الأيادي والأرجل وأنفاس الحضور وحلّقت بهم إلى عالم الدفء والنيرفانا حيث لا شيء غير التناسق الروحي، وكلّما صمتت إيقاعات العازفين عوّضتها ايقاعات الأكف محتفية بعرض السطمبالي.

وإيقاعات السطمبالي تغريك وتسافر بك عبر الزمن، تنقل إليك صليل الأصفاد ورنين السلاسل وما بينهما من أوجاع الباكين على قارعة الإنسانية، تستحضر صرخات الحرية التي تتجاوز الأجساد المكبّلة وتنكسر على اعتابها كل القيود، تجعلك تفكّر في تلك الرغبة الإرادة التي صنعت من المعاناة تعبيرة احتجاجية على واقع مرير.

وأي طاقة تلك التي تبعثها موسيقى السطمبالي في النفوس، فترقص على وقعها سائحتين أجنبتين دون ان تفهما كلمات الاغاني، ربّما الأمر شبيه بحالة النيرفانا التي يدخل فيها العبيد وهم يغمغمون بكلمات لا يفهمها " الأسياد".

وفي قاعة الفن الرابع رقص الكلّ مع " بوسعدية" فيما تهاطت قطرات المطر في الخارج، ومن المفارقة ان تكون " ساعة سعيدة" على وقع صرخة الحرية التي أطلقها الزنوج متحدّين ألام الأصفاد وآثارها.

*صورة لعصام برهومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.