إلغاء إقامة لقاء برشلونة وفياريال في ميامي    هام/ وزارة الداخلية تنتدب..    مدنين على إيقاع مسرح التجريب    الاحد 26 أكتوبر الجاري يوم بدون سيارات في بلدية الشيحية من ولاية صفاقس    الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة تدعو البنك المركزي الى حل هذه الاشكاليات    مجمع التمور : موسم تصدير التمور الي المغرب انطلق يوم 20 أكتوبر    بخصوص وضعية موظفي هيئة مكافحة الفساد ..رئاسة الحكومة توضح    الرابطة الأولى: تشكيلة الترجي الجرجيسي في مواجهة الترجي الرياضي    الرابطة الأولى: تشكيلة النجم الساحلي في مواجهة الأولمبي الباجي    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة الملعب التونسي    ولاية تونس تعلن عن القائمات النهائية للمترشحين المقبولين للحصول على رخصة تاكسي فردي    جريمة قتل مروّعة بالمرسى: منحرفون يهشمون رأس عامل يومي بعد سلبه    الحماية المدنية : 629 تدخلا خلال24ساعة الماضية    تونس ضمن أفضل 25 وجهة سياحية في العالم لسنة 2026    عاجل/ الموقوفون في أحداث قابس يمثلون اليوم أمام القضاء..    عاجل: واتساب ومسنجر يطلقو أدوات جديدة تحميك من التحيل الإلكتروني!    دورة التحدي بريست بفرنسا للتنس: التوسي معز الشرقي يغادر من الدور السادس عشر    عاجل/ بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..    فتيات تونس يتألقن في أربيل... تتويج المنتخب للجودو بلقب البطولة العربية!    اللوفر في باريس يعيد فتح أبوابه بعد سرقة قياسية بقيمة 88 مليون يورو    بعد خسارة نوبل.. ترامب ينال جائزة "مهندس السلام"    جريمة مروعة/ عثر على جثثهم داخل سيارة: مقتل أب وأبنائه في ظروف غامضة..#خبر_عاجل    عاجل/ اصطدام عربتي المترو 5 و3: الكشف عن أسباب الحادث..    أكثر من 10 حافلات تهشمت بسبب العنف داخل النقل العمومي    من هو ''الدغباجي'' الذي تحدث عنه قيس سعيد؟    هل تريد يومًا منتجًا؟ لا تفعل هذه الأشياء الخمس عند الاستيقاظ    الجزائر تعود لتطبيق عقوبة الإعدام بعد 32 عاماً..هذه الجرائم المعنية    الترجي التونسي يواجه الترجي الجرجيسي..التوقيت والقناة الناقلة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة ساحل الإكوادور    العدل الدولية تُصدر اليوم حكماً في قانونية منع إدخال المساعدات للقطاع    قيس سعيد: بلاغ استثناء المغرب من تصدير التمور غير مسؤول يقتضي الواجب مساءلة صاحبه    الكونغرس يلاحق بيل كلينتون في قضية إبستين المثيرة!    طقس اليوم: أمطار بالشمال وانخفاض في درجات الحرارة    يوم الخميس مفتتح شهر جمادى الأولى 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحين الى اتباع الممارسات الجيدّة لمكافحة الذبابة المتوسطية المتكاثرة على الفواكه    مصر.. اكتشاف تمثال ونفق يقرب العلماء من مقبرة الملكة كليوباترا    نابل : انطلاق موسم جني الزيتون    في افتتاح تظاهرة «عين المحبة» في موسمها الثاني...تكريم المطربة القديرة «سلاف»    مهرجان «الرمّان» بالقلعة الصغرى ..أنشطة رياضية صحيّة، ندوات علمية تاريخية وسهرات موسيقية    جندوبة: وفاة عون أمن في حادث مرور    عاجل: مفتي الجمهورية: الخميس 23 أكتوبر أول أيام شهر جمادى الأولى 1447 ه    قضيّة ضبط 400 كغ زطلة في أحد موانئ سوسة: إيداع 8 أشخاص السجن    أهالي قابس بصوت واحد ..أنقذوا ما تبقّى من حياة فينا    المؤتمر الثامن للطب العام والعائلي: مقاربات طيبة ونفسية واجتماعية للتهرم المتزايد للسكان في تونس    الحمامات تستضيف الملتقى الجهوي الأول للموسيقى بنابل في دورة تحمل اسم الفنان رشيد يدعس    المنستير: انطلاق أشغال مشروع بناء دار الثقافة بقصرهلال بكلفة 4 ملايين و879 ألف دينار    القصرين: عملية بيولوجية جديدة لمكافحة الحشرة القرمزية    14 عملا مسرحيا في المسابقة الرسمية لمهرجان مواسم الإبداع في دورته الثالثة    كيفاش تحافظ على زيت الزيتونة ويقعد معاك مدة طويلة؟    عاجل : دراسة صادمة... لحوم البقر والأسماك تسبب أعراض الاكتئاب    بن عروس: الشروع في تأمين عيادات في اختصاص جراحة العظام بالمراكز الوسيطة بالجهة    تأمينات البنك الوطني الفلاحي: رقم الأعمال يزيد ب9،8 بالمائة ويبلغ 136 مليون دينار موفى سبتمبر 2025    بمناسبة الذكرى 77 لتأسيسها: الخطوط التونسية تطلق عروضا استثنائية لمدة 77 ساعة    طقس اليوم: الحرارة تصل إلى 34 درجة وأمطار ضعيفة بأقصى الشمال    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فايا يونان تتلو "حكايا القلب" في رحاب قرطاج
نشر في حقائق أون لاين يوم 20 - 07 - 2019

صوتها ابن الحب والنوستالجيا، صوت كترانيم الملائكة ودعاء الامهات إذ عانق السماء، كتهويدات النوم أيام الصبا واعترافات العشق وصدى القبلات المبعثرة على صفحة الحياة.

رقيقة وحالمة، خامتها تؤوي ضحكات الزمن وصوت وقع الدموع على أخاديد الحياة، خامة قد تبدو لك محدودة ولكنّك ستنسى الأمر إذا ماعانقت إحساسها المتفّرد، فيحملك أداؤها إلى عوالم الحلم حيث يد الحبيب امتداد للوطن.

إطلالتها بسيطة، وحضورها على المسرح هادئ حدّ الصراخ، للبعيدين عن اوطانهم والباحثين عن قلوب تؤويهم غنّت، هي الفنّانة فايا يونان التي تسري بك إلى أوجاع الحرب لتضيع "الراء" في ثنايا الموسيقى ويرتفع صوت الحب.

وفي رحاب المسرح الأثري بقرطاج تلت فايا يونان "حكايا القلب"، ألبومها الأخير، حكايا الحب والذكريات التي تعلم على الجسد فيضيع صدى القبلات وسط صراخ الحنين وتظل الأجساد تؤوي أثرها.

"يا قاتلي ولها احييتني تيها كل الاغاني سدى ان لم تكن فيها.. جراح حبك تذكار على جسدي ان كان لي فيك خير لا تداويها.. و نار حبك في روحي مقدسة ما اكثر الدمع لكن ليس يطفيها.. خذني اليك و شكلني و كن صفتي احق انت بروحي ان تسميها"، كلمات بالعربية الفصحى رتلتها على مسمع من جمهورها الذي بدأ خاشعا في حرم صلوات الحب.

والفنانة التي تعتلي ركح المسرح الأثري بقرطاج للمرة الثانية على التوالي، تجمع عمق الإحساس ورقة الصوت، وذكاء رافقها منذ بداياتها، وهي التي اقتحمت موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأول فنانة عربية تصور فيديو كليب من حملة تبرعات.

هي تتحكم بأوتار الفضاء الرمزي الذي صنعته لنفسها وتجيد العزف عليها، جعلت لها متابعين تفقه السبل الى عاطفتهم وقلوبهم، تتغزل بهم وتسألهم عن السبيل الى الشفاء من حب تونس فيجيبون هتافا باسمها.

ولأن الموسيقى لغة عالمية لتبادل العواطف، لغة جسرت المسافات بين فايا يونان ومحبيها فإنها احتفت بها في أغنية "بيناتنا موج البحر"، فصارت الموسيقى لغة تنتفض إذا ما عز الفهم.

أمام جمهور ردد معها كلمات أغانيها، وتمايل ذات اليمين وذات الشمال على وقع الموسيقى الهادئة جدا، وتساءل معها "كيفنا تنيناتنا"، لتحمله إلى الضفة الأخرى من الحب "حب الأقوياء"وتغني لجمهورها دون موسيقى "انا ما لجأت لعينيك خوفاً.. انا بنت خير التراب وشمس السماء.. فإن كنت تحسب عشقي ضعفا.. فلا حب عندي بلا كبرياء" وكأن بها تبدي امكانياتها الصوتية لمن انتقد صعودها على ركح قرطاج.

وهي تغني "يا ليته يعلم" كانت لسان كل محب سكن محبوبه بين ثنايا الروح، قبل أن تصير لسان سوريا وتبلغ سلاماتها لجمهور أحب احساسها وهي تغني لبلدها في أول ظهور لها.

وكان الفنان ياسر الجرادي رفيقها في الغناء في أغنية "نرجعلك ديما "، وهو اختيار وفقت فيه فايا يونان ورغم اختلاف المساحات الصوتية للفنانين كان الاحساس قاعدة الالتقاء بينهما.

معانقا غيتارته التي تؤنسه حيثما حل، وحاملا حب الوطن بين الكلمة واللحن والصوت، غنى الجرادي "نرجعلك ديما ديما مهما زرعولي الشوك في الثنية" ورافقته فايا الغناء وردد معهما الجمهور كلمات الاغنية، ومن تونس إلى سوريا، يظل حب الوطن الهاجس الأكبر رغم الجراح والأشواك التي تكسو الطريق إليه.

وفايا يونان، تجيد التعامل مع جمهورها، وهي التي حدّثته عن الأغنية الثامنة من البوم "حكايا القلب"، أغنية ستؤديها في دمشق للمرة الأولى وتروي فيها وجع وطنها، لتنتهي الى غناء مقطع منها تحية من سوريا إلى تونس، أليس هذا ضربا من الذكاء التواصلي مع الجمهور.

مغنية لبلدها، للمنفيين والمعذبين، حيت العراق وفلسطين وحيت كل البلدان العربية، هي تعلم جيدا أن الشعوب العربية شعوب عاطفية وهي تجيد إرضاء جمهورها إذ غنت "اكابيلا" أغنية بغداد نزولا عند طلب أحدهم.

بين الحرب والحب تأرجح صوتها، وتلك "الراء" التي تسقط عن الحرب، هي عنوان الرتابة التي تخيم على أغاني فايا يونان، رتابة تنبع من النسق الخطي للألحان الذي يجعل الايقاعات والأنغام المتسللة الى اأُذنك مكررة.

غناء روتيني، لا يخلو من الإحساس، ولكنه يبدو نظاميا اكثر من اللازم على مستوى الإيقاعات وانسيابية الصوت، وهو ما يجب أن تتلافاه فايا يونان وتعمل على تحرير مساحتها الصوتية أكثر فأكثر.

ولئن تشدّك حين تغني، فإنك تظل ترقب تلك اللحظة التي تكسر خط "الريتم" المتواصل، ولكنها لا تفاجؤك وتواصل بنفس النسق، الذي لم ينقطع إلا حينما لجأت إلى المدونة الغنائية التونسية والى التراث الشامي وأغنية سريانية لا تخلو من ملامح الفرح، ومع "الفن الفن عمري للفن" و"ريتك ما نعرف وين" و"زينوا المرجى" حررت فايا صوتها ويديها وكسرت إيقاع الرتابة.

وفايا التي تعرف جيدا كيف تغازل جمهورها شاركته الزغاريد التي تردد صداها في محيط المسرح الأثري بقرطاج، وعاضدها التصفيق والهتافات.

واللافت في حفل فايا يونان على ركح مهرجان قرطاح، هو الاختيار المميز للعازفين التونسين، الذين حلمت آلاتهم الموسيقية انفعالات الحب ووجع الحرب، فكان صوت الكمان الذي لامسته انامل العازف حمزة أبّا يتأرجح بين صوت الضحكات ووقع الدموع، فيما تحمل إلينا نغمات القانون إذ داعب صامد كمون اوتاره، نسمات الشجن والحنين إلى زمن السلام، ويوقظ ناي محمد بن صالحة الذكريات النائمة.

"أحب البلاد" للشاعر الصغير اولاد حمد كانت الخاتمة على ركح قرطاج، على إيقاع الموسيقى التي شارك في عزفها طيلة السهرة كل من وليد ناصر على الايقاع وقيس فريحات على الباص ونديم روحانة على اكرديوم وكريس شاهين على الدرامز بتوزيع من ريان الهبر.

وبغض النظر عن التوزيع الرتيب للأغاني الذي يتطلب إعادة نظر فيه لكي لا يبدو الأداء مستنسخة وروتينيا رغم اختلاف كلمات الاغاني، فإن فايا التي كان لها من اسمها نصيب وهو الذي يعني الرقيقة والجميلة، نجحت في استمالة جمهورها الذي ردد معها كلمات أغانيها وكسبت رهان الغناء بالعربية الفصحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.