استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    «لارتيستو»...الفنانة خديجة العفريت ل«الشروق».... المشهد الموسيقي التونسي حزين    ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    قبل الهجوم الصهيوني الوشيك ...رفح تناشد العالم منعا للمذبحة    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    توقيع مذكرة تفاهم بين تونس و 'الكيبيك' في مجال مكافحة الجرائم الالكترونية    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    عاجل/ تعيين مديرتين عامتين على رأس معهد باستور وديوان المياه    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فايا يونان تتلو "حكايا القلب" في رحاب قرطاج
نشر في حقائق أون لاين يوم 20 - 07 - 2019

صوتها ابن الحب والنوستالجيا، صوت كترانيم الملائكة ودعاء الامهات إذ عانق السماء، كتهويدات النوم أيام الصبا واعترافات العشق وصدى القبلات المبعثرة على صفحة الحياة.

رقيقة وحالمة، خامتها تؤوي ضحكات الزمن وصوت وقع الدموع على أخاديد الحياة، خامة قد تبدو لك محدودة ولكنّك ستنسى الأمر إذا ماعانقت إحساسها المتفّرد، فيحملك أداؤها إلى عوالم الحلم حيث يد الحبيب امتداد للوطن.

إطلالتها بسيطة، وحضورها على المسرح هادئ حدّ الصراخ، للبعيدين عن اوطانهم والباحثين عن قلوب تؤويهم غنّت، هي الفنّانة فايا يونان التي تسري بك إلى أوجاع الحرب لتضيع "الراء" في ثنايا الموسيقى ويرتفع صوت الحب.

وفي رحاب المسرح الأثري بقرطاج تلت فايا يونان "حكايا القلب"، ألبومها الأخير، حكايا الحب والذكريات التي تعلم على الجسد فيضيع صدى القبلات وسط صراخ الحنين وتظل الأجساد تؤوي أثرها.

"يا قاتلي ولها احييتني تيها كل الاغاني سدى ان لم تكن فيها.. جراح حبك تذكار على جسدي ان كان لي فيك خير لا تداويها.. و نار حبك في روحي مقدسة ما اكثر الدمع لكن ليس يطفيها.. خذني اليك و شكلني و كن صفتي احق انت بروحي ان تسميها"، كلمات بالعربية الفصحى رتلتها على مسمع من جمهورها الذي بدأ خاشعا في حرم صلوات الحب.

والفنانة التي تعتلي ركح المسرح الأثري بقرطاج للمرة الثانية على التوالي، تجمع عمق الإحساس ورقة الصوت، وذكاء رافقها منذ بداياتها، وهي التي اقتحمت موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأول فنانة عربية تصور فيديو كليب من حملة تبرعات.

هي تتحكم بأوتار الفضاء الرمزي الذي صنعته لنفسها وتجيد العزف عليها، جعلت لها متابعين تفقه السبل الى عاطفتهم وقلوبهم، تتغزل بهم وتسألهم عن السبيل الى الشفاء من حب تونس فيجيبون هتافا باسمها.

ولأن الموسيقى لغة عالمية لتبادل العواطف، لغة جسرت المسافات بين فايا يونان ومحبيها فإنها احتفت بها في أغنية "بيناتنا موج البحر"، فصارت الموسيقى لغة تنتفض إذا ما عز الفهم.

أمام جمهور ردد معها كلمات أغانيها، وتمايل ذات اليمين وذات الشمال على وقع الموسيقى الهادئة جدا، وتساءل معها "كيفنا تنيناتنا"، لتحمله إلى الضفة الأخرى من الحب "حب الأقوياء"وتغني لجمهورها دون موسيقى "انا ما لجأت لعينيك خوفاً.. انا بنت خير التراب وشمس السماء.. فإن كنت تحسب عشقي ضعفا.. فلا حب عندي بلا كبرياء" وكأن بها تبدي امكانياتها الصوتية لمن انتقد صعودها على ركح قرطاج.

وهي تغني "يا ليته يعلم" كانت لسان كل محب سكن محبوبه بين ثنايا الروح، قبل أن تصير لسان سوريا وتبلغ سلاماتها لجمهور أحب احساسها وهي تغني لبلدها في أول ظهور لها.

وكان الفنان ياسر الجرادي رفيقها في الغناء في أغنية "نرجعلك ديما "، وهو اختيار وفقت فيه فايا يونان ورغم اختلاف المساحات الصوتية للفنانين كان الاحساس قاعدة الالتقاء بينهما.

معانقا غيتارته التي تؤنسه حيثما حل، وحاملا حب الوطن بين الكلمة واللحن والصوت، غنى الجرادي "نرجعلك ديما ديما مهما زرعولي الشوك في الثنية" ورافقته فايا الغناء وردد معهما الجمهور كلمات الاغنية، ومن تونس إلى سوريا، يظل حب الوطن الهاجس الأكبر رغم الجراح والأشواك التي تكسو الطريق إليه.

وفايا يونان، تجيد التعامل مع جمهورها، وهي التي حدّثته عن الأغنية الثامنة من البوم "حكايا القلب"، أغنية ستؤديها في دمشق للمرة الأولى وتروي فيها وجع وطنها، لتنتهي الى غناء مقطع منها تحية من سوريا إلى تونس، أليس هذا ضربا من الذكاء التواصلي مع الجمهور.

مغنية لبلدها، للمنفيين والمعذبين، حيت العراق وفلسطين وحيت كل البلدان العربية، هي تعلم جيدا أن الشعوب العربية شعوب عاطفية وهي تجيد إرضاء جمهورها إذ غنت "اكابيلا" أغنية بغداد نزولا عند طلب أحدهم.

بين الحرب والحب تأرجح صوتها، وتلك "الراء" التي تسقط عن الحرب، هي عنوان الرتابة التي تخيم على أغاني فايا يونان، رتابة تنبع من النسق الخطي للألحان الذي يجعل الايقاعات والأنغام المتسللة الى اأُذنك مكررة.

غناء روتيني، لا يخلو من الإحساس، ولكنه يبدو نظاميا اكثر من اللازم على مستوى الإيقاعات وانسيابية الصوت، وهو ما يجب أن تتلافاه فايا يونان وتعمل على تحرير مساحتها الصوتية أكثر فأكثر.

ولئن تشدّك حين تغني، فإنك تظل ترقب تلك اللحظة التي تكسر خط "الريتم" المتواصل، ولكنها لا تفاجؤك وتواصل بنفس النسق، الذي لم ينقطع إلا حينما لجأت إلى المدونة الغنائية التونسية والى التراث الشامي وأغنية سريانية لا تخلو من ملامح الفرح، ومع "الفن الفن عمري للفن" و"ريتك ما نعرف وين" و"زينوا المرجى" حررت فايا صوتها ويديها وكسرت إيقاع الرتابة.

وفايا التي تعرف جيدا كيف تغازل جمهورها شاركته الزغاريد التي تردد صداها في محيط المسرح الأثري بقرطاج، وعاضدها التصفيق والهتافات.

واللافت في حفل فايا يونان على ركح مهرجان قرطاح، هو الاختيار المميز للعازفين التونسين، الذين حلمت آلاتهم الموسيقية انفعالات الحب ووجع الحرب، فكان صوت الكمان الذي لامسته انامل العازف حمزة أبّا يتأرجح بين صوت الضحكات ووقع الدموع، فيما تحمل إلينا نغمات القانون إذ داعب صامد كمون اوتاره، نسمات الشجن والحنين إلى زمن السلام، ويوقظ ناي محمد بن صالحة الذكريات النائمة.

"أحب البلاد" للشاعر الصغير اولاد حمد كانت الخاتمة على ركح قرطاج، على إيقاع الموسيقى التي شارك في عزفها طيلة السهرة كل من وليد ناصر على الايقاع وقيس فريحات على الباص ونديم روحانة على اكرديوم وكريس شاهين على الدرامز بتوزيع من ريان الهبر.

وبغض النظر عن التوزيع الرتيب للأغاني الذي يتطلب إعادة نظر فيه لكي لا يبدو الأداء مستنسخة وروتينيا رغم اختلاف كلمات الاغاني، فإن فايا التي كان لها من اسمها نصيب وهو الذي يعني الرقيقة والجميلة، نجحت في استمالة جمهورها الذي ردد معها كلمات أغانيها وكسبت رهان الغناء بالعربية الفصحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.