قالت فضيلة القرقوري رئيسة دائرة بمحكمة المحاسبات، أن المحكمة رصدت خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019 ،العديد من الإخلالات التي شابت الحسابية المالية للمترشحين وشرعية الموارد ومجالات إنفاقها وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل واستعمال مال مشبوه غير مصرح به في الحملات الانتخابية وعدم احترام أحكام مرسوم الأحزاب. وأفادت القاضية خلال ندوة صحفية عقدت اليوم الثلاثاء، خصّصت لتقديم التقرير العام حول نتائج مراقبة محكمة المحاسبات لتمويل الحملات الانتخابية للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها لسنة 2019، والانتخابات التشريعية لسنة 2019، ونتائج مراقبة مالية الأحزاب السياسية، وتقرير دائرة الزجر المالي للفترة مابين سنة 2012 و2019، أن الإخلالات المرصودة تؤدي بالضرورة إلى حرمان القائمة أو المترشح المخل، من منحة استرجاع المصاريف الانتخابية كليا أو جزئيا وهو ما ستقوم به مختلف الهيئات الحكمية للمحكمة.
حسابات مالية للمترشحين مغلوطة
واعتبرت أن الحسابية المالية للمترشحين للرئاسية وللتشريعية لم تكن دائما مضبوطة، من ذلك أن 347 قائمة مترشحة للتشريعية لم تقدم حساباتها ولم تلتزم بمبدأ الشفافية الذي أقره القانون الانتخابي ولم تلتزم 23 قائمة تشريعية بنشر مختصر لحساباتها بجريدة يومية وينسحب الأمر ذاته على ثمانية مترشحين للرئاسية.
وبينت القرقوري في هذا الصدد أن هذه المخالفات تستوجب تنفيذ عقوبات أقرها القانون الانتخابي وأن المحكمة قد شرعت في إعداد تقارير ختم التحقيق بخصوص 203 قائمات لم تقدم حساباتها، وتم إصدار 107 قرارات ابتدائية بشأن تسليط عقوبة مالية على القائمات الانتخابية التي لم تلتزم بالإيداع.
وبالنسبة للانتخابات الرئاسية فإن المترشح حاتم بولبيار، على سبيل المثال، قدم لمحكمة المحاسبات حسابا بصفر موارد وصفر نفقات، والحال أنه نظم تظاهرات وأنشطة خلال حملته الانتخابية وصرح في الإعلام بأن نفقاته قد تجاوزت المليار مليم، واضافت المتحدثة في هذا الصدد أن الحسابات المالية للمترشحين لم تكن مشفوعة بقائمة للتظاهرات ومنهم من لم يصرح بالعديد من التظاهرات والكلفة المنجرة عنها.
وفي هذا السياق فإن أكثر من 100 قائمة لم تلتزم بضوابط مسك الحساب و13 قائمة لم تصرح ببعض الأنشطة و51 قائمة لم تودع موارد نقدية في الحسابات البنكية و17 قائمة لم تقدم كشوفات بنكية تغطي كل العمليات التي مرت بالحساب البنكي.
التعاقد مع الخارج
والأخطر من ذلك حسب فضيلة القرقوري أن الموارد لم تكن "مضمونة" وشابتها عدة مخاطر لتمويلات مشبوهة تجسمت بقبول تبرعات من ذوات معنوية وجمعيات، وأن الخاصية الكبيرة لانتخابات 2019 هي اللجوء إلى التعاقد مع الخارج واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفايسبوك، وما انجر عن ذلك من استعمال الإشهار السياسي وتأثيره على الحملة الانتخابية وعلى إرادة الناخب.
وذكرت في هذا الصدد إبرام المترشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي عقدا مع مؤسسة أجنبية بقيمة 2 فاصل 85 مليون دينار وتم التأكد من تحويل 427 فاصل 5 ألف دينار منها إلى حساب بالخارج غير مصرح به لدى البنك المركزي لزوجة المترشح تم الإنفاق منه على الحملة الانتخابية.
وبالنسبة للانتخابات التشريعية افادت فضيلة القرقوري ان حركة النهضة قامت بإبرام عقود مع شركة للدعاية والضغط بدأ العمل بها منذ سنة 2014 وإبرام عقد تكميلي إلى ديسمبر 2019 وتم دفع مبلغ قيمته أكثر من 187 ألف دولار ككلفة خدمات تم تنفيذها، كما أن المترشحة للانتخابات الرئاسية والتشريعية عن ائتلاف "عيش تونسي" (الفة التراس) قد التجأت إلى إبرام عقد مع شركة أمريكية "أمريكا تو أفريكا كونسالتينغ" من ماي إلى موفى أكتوبر 2019 ،بمبلغ 15 ألف دولار أمريكي شهريا.
وأوضحت القرقوري أن هذا التعاقد يمس بكل مبادئ الحملة وخاصة تكافؤ الفرص، وأن هذه العقود هدفها الدعاية وكسب التأييد، مبينة أنه وبالنظر إلى ما يشوب هذه العقود من شبهات حول تمويل أجنبي فقد عهد إلى الهيئات القضائية بمحكمة المحاسبات استكمال التحقيق في هذه الوقائع وترتيب الآثار القانونية المتعلقة بها إلى جانب الشبهات في التمويلات الأجنبية على مستوى تأدية النفقات.