بحرقة نار لم تنطفىء بمرور الأيام والأسابيع، وبلوعة الأم التي قدمت كل التضحيات الممكنة للاعتناء بابنها الذي باغته داء السكري حينما كان لا يتجاوز ال13 ربيعا من عمره، تحدثت السيدة دلندة قصارة والدة الشاب عبد السلام زيان الذي توفي بالسجن المدني بصفاقس بتاريخ 2 مارس الجاري، لحقائق أون لاين، عن تشبثها الشديد بالوصول إلى حق ولدها ومعاقبة المتسببين في موته، على حد تعبيرها. وفي تصريح يتزامن مع مصادقة مجلس نواب الشعب على إحداث لجنة تحقيق برلمانية حول ملابسات وفاة عبد السلام، أكدت السيدة دلندة قصارة أن العائلة وكل المؤمنين بقضية ابنها، سيتابعون عمل اللجنة فور تشكيلها وسيقومون إن لزم الأمر بالضغط عليها في اتجاه الوصول إلى الحقيقة حتى لا يتم تعويم الملف مثلما حصل في بعض اللجان البرلمانية، وفق قولها. هذا وتنوي العائلة تدويل قضية ابنها، في صورة عدم إنصافه قضائيا في تونس خاصة وأن النتائج الأولية لتقرير الطب الشرعي أثبتت أن مستوى السكري في دمه فاق 7 غرامات، وهو ما يؤكد أن الوفاة ناتجة عن عدم تمكين عبد السلام من حقنة الانسولين التي كانت الأم قد أمنتها من أجله عن طريق شقيقها فور إيقافه نظرا لمعرفتها الدقيقة بحالة ابنها الصحية والتي قد تتعكر حالا في حال عدم حصوله على جرعة الانسولين اللازمة في الوقت المناسب، وهي التي تنازلت عن مسيرتها المهنية في مجال الصحة بعد 17 سنة من العمل من أجل الاعتناء بابنها بعد إصابته بداء السكري وهو لم يتجاوز سن ال13. "ابني الذي تشهد كل صفاقس بدماثة أخلاقه وحسن سلوكه.. ابني الي طايع والديه.. ولدي الذي تنازلت عن كل طموحاتي حتى يعيش هو.. في الاخر مات عطشان حتى قطرة ماء ما عطاوهالوش.. خرج مالدار مبدل مزين رجعلي مشقوق في اثنين وملفوف في بطانية".. بهذه الصورة المؤلمة تحدثت السيدة دلندة وقد غلبتها الدموع ومزقت صوتها الآهات، وهي تتساءل في الأثناء عن سبب عدم تفاعل ممثلي السلط المعنية مع قضية ابنها التي هزت جهة صفاقس والراي العام في كامل أنحاء الجمهورية، مؤكدة في المقابل أنه قد تمت ترجمة ملف القضية إلى اللغة الانقليزية وإرسالها إلى منظمات في سويسرا والسويد ليسمع العالم عن تجاوزات "البوليس" في تونس، حسب تعبيرها. هذا وجددت محدثتنا توجيه أصابع الاتهام وتحميل المسؤولية لعوني الأمن الذين قاما بإيقاف ابنيها قبل يومين من وفاة أحدهما بسبب خرق حظر التجول، مشددة على أن تهمة "هضم جانب موظف عمومي بالقول والتهديد حال مباشرته لوظيفه" التي وجهت لهما كانت ملفقة، وأضافت ان المحامية التي رافقت ولديها فور إيقافهما مورطة كذلك في الملف هي وأمنيين آخرين قصد الحصول على رشوة تقدر ب5 آلاف دينار توزع على كل منهم بالتساوي، على حد قولها. وللإشارة فقد توفي الشاب عبد السلام زيان بالسجن المدني بصفاقس بتاريخ 2 مارس 2021، بعد أن أوقفته دورية أمنية تابعة لمركز أمن الشيحية رفقة شقيقه وحصول مشادة كلامية بين الطرفين حيث تم الاحتفاظ بهما بمركز الأمن قبل أن تصدر في حقهما المحكمة الابتدائية صفاقس 1 بطاقتي إيداع بالسجن المدني بصفاقس على خلفية عدم احترام مقتضيات حظر التجول وهضم جانب موظف عمومي بالقول والتهديد حال مباشرته لوظيفه. وقد أثارت حادثة الوفاة موجة من الاحتجاجات في صفوف عائلة الشاب وأقاربه وأصدقائه، واستنكار عدد من الجمعيات والمنظمات للظروف المسترابة للوفاة. كما أذن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية صفاقس 2 بفتح تحقيق قضائي في ظروف وملابسات وفاة هذا الشاب. هذا وصادقت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب في بداية جلستها اليوم الثلاثاء 23 مارس 2021، على إحداث لجنة تحقيق برلمانية حول ملابسات الوفاة، وذلك بموافقة 75 نائبا واحتفاظ نائب واحد ودون اعتراض.