مع ضمان وقف إطلاق النار.. 9 دول أوروبية تطالب بفتح معابر غ.زة    أخبار النادي الإفريقي: الانتصار أمام المنستير ضروري والهيئة تكشف عن الهيكلة الجديدة للفريق    أصداء التربية بولاية سليانة .. مهرجان circuit théâtre    في ظل عزوف الأطفال عنها .. كيف نحوّل المُطالعة من واجب إلى مُتعة ؟    الكوتش وليد زليلة يكتب..الإفراط في أحدهما يُسبّبُ مشاكل للطفل.. بين التشجيع والدلال .. كيف نُربي أبناءنا؟    عاجل/ اعصار يضرب هذه المنطقة في فرنسا..وهذه حصيلة الضحايا..    حماس تسلم الصليب الأحمر جثة جديدة لمحتجز لديها في غزة..    جماهير الهند: غياب رونالدو 'حطمنا'.. ولم نعد متحمسين    تحسن صحة القلب... 10 فوائد مذهلة لبذور اليقطين هل تعرفها؟    آثار تونس في متاحف أوروبا .. 44 قطعة أثرية لبورقيبة... تماثيل وهيكل ديناصور    سفارة تونس بالدوحة تقرر اسناد منحة لفائدة الطلبة والتلاميذ التونسيين أبناء العائلات التونسية المقيمة بالخارج    الصندوق العالمي للطبيعة: الطاقة المتجددة أصبحت المصدر الرئيسي للكهرباء على مستوى العالم    إضراب جهوي للمحامين بقابس غدًا احتجاجًا على التلوث الصناعي    الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المعاصر توضح السعر المرجعي لرحي زيت الزيتون    نابل: انطلاق موسم جني الزيتون وتوقعات بإنتاج أكثر من 90 ألف طنّ مقابل 61 ألف طنّ خلال بالموسم الفارط    مستخدمي المترو 3 و5...تنجموا ترجعوا تستعملوا الخطوط بصفة طبيعية    علاش احتج النواب في جلسة مناقشة التلوث في قابس اليوم ؟    شركة نقل تونس: اصابة عون التأمين وحالات هلع في اصطدام بين عربتي مترو... ولجنة للتحقيق في الحادث    وكالة النهوض بالصّناعة والتجديد تفتح مناظرة خارجية بالاختبارات لانتداب 14 إطار    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    عاجل : كتلة الخط الوطني السيادي تنسحب من جلسة مناقشة الوضع في قابس    بعد الأربعين: 4 فحوصات دمّ هامة تنقذ حياتك    بعد أكثر من شهرين: ما الجديد في قضية اختفاء طفلة ال15 سنة أسماء الفايدي..؟    وزير التجهيز يعلن عن الانطلاق الفوري في استكمال مشاريع بيئية كبرى بقابس بقيمة تتجاوز 200 مليون دينار    شبهة تدليس عقد عمل بمندوبية التربية بالكاف    الرابطة الثانية: جمعية مقرين تستقر على بديل خالد المليتي    الدورة الرابعة لملتقى محجوب العياري للكتاب والآداب تحتفي بالكاتبة حياة الرايس من 24 إلى 26 أكتوبر 2025    بطولة بريست للتنس: التونسي معز الشرقي يستهل مشواره غدا بملاقاة الفرنسي بوكيي ارتور    عاجل/ العاصمة: انقطاع المياه بهذه المناطق نتيجة عطب فجئي    لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب تشرع بداية من الغد الثلاثاء في النظر في مشروعي قانون المالية والميزان الاقتصادي 2026    عاجل: في تونس...تلميذ على 3 يعانون من قصر النظر    ينشطون في شبكة لقرصنة البطاقات البنكية: القضاء يصدر أحكامه ضد هؤلاء..#خبر_عاجل    السجن 10 سنوات وغرامات مالية لمروّج مخدّرات في الوسط المدرسي بالعاصمة    سوسة: مقتل "تيكتوكر" معروف بطعنات سكين !    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة السادسة    في حركة إنسانية نبيلة: تمكين طفلين قاصرين من لقاء والديهما بعد سنوات من الانقطاع عن رؤيتهما    الكندي ألياسيم يتوج بلقب بطولة بروكسل للتنس    الصناعات الكهربائية والميكانيكية في تونس تتحسن استثمارا وتصديرا    عاجل: تذاكر ماتش تونس والبرازيل تتباع على هذا الموقع    عاجل/ قتلى في حادث اصطدام طائرة بسيارة في هذا المطار..    مسرح أوبرا تونس يكرّم الفنانة سُلاف في عرض "عين المحبة"    أجواء ربيعية خلال ''الويكاند''    عاجل: النشاط الزلزالي يضرب تونس والجزائر.. شوف التفاصيل!    عاجل/ أحداث قابس: هذه آخر المستجدات بخصوص الموقوفين..    في 7 دقائق: سرقة القرن من متحف اللوفر بباريس وفرنسا في حالة صدمة    خطير/ دراسة تكشف: تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة..!    عاجل/ حجز أكثر من 29 طنا من المواد الفاسدة.. هيئة السلامة الصحية تكشف التفاصيل..    في بلاغ رسمي: الداخلية تعلن ايقاف هؤلاء..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الملك محمد السادس يهنئ منتخب المغرب الفائز بمونديال الشباب    ترامب يقرر فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا خير في قضاء لا يحكم بالعدل...
نشر في حقائق أون لاين يوم 09 - 07 - 2021

عديدة هي الملفات القضائية في بلادنا التي يحوم حولها الكثير من اللّبس بل وحتى الشبهات، والتي زيادة عن التمطيط في آجال الحسم فيها شهدت خروقات جسيمة لمبادئ المحاكمة العادلة، كما هو الحال اليوم في قضية شهيدي تونس شكري بلعيد ومحمد الراهمي، وقضية القاضيين الشهيرين اللذين يشغل أحدهما أعلى منصب قضائي في هرم السلطة القضائية ألا وهو الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، وهو ما يطرح السؤال اليوم حول العلاقة بين القضاء والعدل، فهل ثمّة يا ترى فرق بين المصطلحين؟
والجواب نعم بكل تأكيد. والفرق بينهما هو الفرق بين الوسيلة والغاية، أو بين الهدف وأداة الوصول إليه. القضاء هو جهاز يعمل فيه القاضي للنطق بالحكمِ العادل بل النطقِ بالعدل في كلمة واحدة جامعة. ولا يُعدّ القضاء سليما دون عدل صحيح حقيقي. أما القضاء الذي لا يحقق العدل ويضر ويؤذي فهو ما يستعيذ منه المؤمن ويتوجه إلى ربه قاضي السماء ليطلب منه عدالته التي لا يظلم فيها مخلوق.
ومن فضائل النظم الديمقراطية في العالم بل وحتى التي تدّعي ذلك، أنها وضعت سلطة العدل في أعلى هرم السُّلَط، وردّ النظر في جميع تصرفات السلط الأخرى إليها، وأطلق لها حرية التصرف كاملة لأن المفروض فيها هو أن لا تشتط ولا تنحاز ولا تُهادِن أيْ أنها تحكم بالعدل.
والحقيقة أننا نعيش اليوم عهدا جديدا يمكن أن نسمّيه عهد حكم العالم بسلطة القضاء الذي يعلو فوق جميع المؤسسات الدستورية لا يُستثنَى منها حتى جهاز الحكم في القمة.
وهذه السلطة الواسعة التي أُسنِدت لمؤسسة القضاء لن تذعن المجتمعاتُ إليها بالقبول والرضى إلا إذا كان قضاؤها عادلا وغير منحاز. ولن يستمر لها وجود دون ضمانة العدل الذي يحمل وحده النفوس على الانقياد إليها طوعا واختيارا. وقديما قيل «العدل أساس المُلْك» وبالتالي فالمُلْك دون عدل يؤول إلى التداعي والانهيار.
مؤسسة العدل تقوم في حضارة اليوم بدور أساسي في تركيز أخلاقيات الفضيلة الديمقراطية وترسيخ جذورها في ضمائر المجتمعات. وأخلاقيات الديمقراطية تُختصر في عصرنا في حماية حقوق الإنسان، وبناء دولة الحق والقانون، وتهذيب السلطة من التجاوزات، وتخليق التعامل البشري، وحماية الحريات الفردية والجماعية، ورفع الظلم، ونشر العدل، إلى غير ذلك من القيم التي تحفل بها الفضيلة الديمقراطية وما أكثرها!
وإذا ما استوحى القضاة حكمهم من هذه المُثُل السامية وتشكَّلت فيها الأحكام القانونية التي يُصدرونها أو ينطقون بها، فإنهم يُسهمون بذلك في إشاعة هذه القيم بين المجتمعات ويدفعون بمسيرة الأخلاقيات الديمقراطية إلى الأمام. وعلى العكس، فإن تجاهل هذه القيم أو مجافاتها فيما يُصدرونه من أحكام وآراء قانونية، سيعطّلان المسيرة ويعوقانها عن بلوغ مقاصدها. وهذه الرسالة الثقيلة الحافلة بالعواقب ملقاة اليوم على كاهل سلطة القضاء، وعليها أن تعيها حق الوعي، لتعيش نظام عصرها وتنخرط في قيم الحضارة والتمدّن.
إن المطلوب من القاضي أن يستقلّ بسلطته عن سائر السلط، وأن يستلهم حكمه من ضميره الحر، وأن يراقب اللّه وهو ينطق بالعدل طبقا لما أمره به. وإذا كان المطلوب منه أن يطبق القانون بنزاهة فقد ترك التنظيمُ القضائي له فسحةَ السلطة التقديرية المخوَّلة له قانونا لرد هذه الأحكام إلى أصولها، وتعميق البحث عن مقاصدها، وربطها ببيئتها التي صدرت فيها، واستحضار مقاصد السلطة التي وضعتها وأقرتها وعهدت إليه بتطبيقها، وليختار من بين هذه الأحكام على ضوء ذلك كله أعدلها أو أقلّها قسوة.
ولا ينبغي في عهد التحرر واستشراف المستقبل الذي تعيشه الكثير من البلدان وبينها بلدنا تونس، أن تنطبع أحكام القاضي بطابع الرجعية والجمود والتقوقع في الأعراف البالية التي تعود إلى قرون خلت. ولا يجوز للقاضي أن يُصدِر أحكامه لصالح نزعة الجمود متحديا بذلك إكراهات الحاضر الذي يتطلع إلى التجديد والتحديث، وعليه أن يمارس استقلاليته فلا يُصدِر حكما ينزلق به إلى خدمة أغراض سلطةٍ غير سلطة القانون أو ينطق بحكمه تحت تأثير الخوف أو التهديد.
القضاء اليوم يجب أن يستحق السلطة الواسعة التي خولها له القانون، فهو أصبح مدرسة لتأهيل المجتمعات لممارسة الفضيلة الديمقراطية. لذا لا يُفهَم ولا يُعقَل أن تصدر عنه أحكام القمع ضد نشطاء الحقوق، وحماة الحرية ودعاة التجديد والتحديث، بل إن واجبه أن يحمي حقوق أنصار الديمقراطية من خصومهم، ويوفر لهم المناخ القانوني للعمل في ظل القانون للقيام برسالتهم، مثلما يحمي القانونُ العادلُ، المجتمعَ من مخالفات الآثمين والمفسدين والخارجين على القانون.
صحيح أننا في تونس قمنا بخطوات عملاقة باتجاه استقلاية القضاء عبر دسترته وبعث المؤسسات القضائية التي تسهر على ذلك وتكرّسه، لكنّ ما يحوم من شكوك حول مآل الكثير من القضايا وبطء آجال التقاضي، والتعامل بمنطق المكياليْن، يحمل المواطن على الشعور بالغبن وبأنه في أشد الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى مؤسسات العدل، وإلى حكم القاضي النزيه المنصف، لأن العدل هو الإنصاف...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.