في ظل ما شهدته الساحة الوطنية من تجاذبات سياسية عقيمة كان لها الأثر السلبي علي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد مما حدا بالعديد من منظمات المجتمع المدني التدخل واطلاق مبادرات لم الشمل ورتق الصدع بين الفرقاء والخروج بالازمة التي تعصف بمستقبل البلاد نحو بر الأمان , جاءت مبادرة الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين التي سارعت بالادلاء بدلوها باعتبارها احدى المؤسسات الفاعلة في المنظومة الاقتصادية ولها الدراية الكافية بالوضع الاقتصادي الحالي علما وان الهيئة لعبت دورا كبيرا في تقدير ممتلكات العائلة المالكة السابقة ومساعدة القضاء في ما يخص الممتلكات المصادرة لعائلة بين على وزمرته هذا وقد اصدرت الهيئة في الآونة الاخيرة بيانا عبرت فيه عن مخاوفها من الوضع الاقتصادي الراهن والمخاطر التي تحدق بابلاد , عارضة في الوقت نفسه جملة من المقترحات عساها تسهم في الخروج بالبلاد من هذه الازمة. حقائق أون لاين التقت رئيس الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية، نبيل عبد اللطيف وكان معه الحوار التالي: * من يتحمل مسؤولية تردي الاوضاع الاقتصادية في البلاد حسب رايكم ؟ في حقيقة الامر ما يحدث في البلاد و ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والتي اصبحت تنذر بمخاطر تتربص بلادنا ليست مسؤولية فرد أو جماعة انما هي مسؤولية جماعية ناتجة عن تجاذبات سياسية عقيمة آلت نتائجها الى ما هو عليه الوضع الآن من عزوف الاستثمار الخارجي وتدني سعر الدينار التونسي و غلق عديد المؤسسات الاجنبية التي كانت منتصبة في تونس وعديد المؤسسات التونسية ايضا جراء الاضرابات العشوائية المتتالية ممى اضطر الدولة الى اللجوء للاقتراض لسد الحاجيات وتوفير متطلبات الحياة اليومية للمواطن . واصبح السلم الاجتماعي مهددا بالاضافة الى تدني ترقيم الائتمان الدولي والذي جعل المؤسسات المالية الدولية تأخذ الحيطة اللازمة في التعامل مع البلاد التونسية. و من هذا المنطلق نظمت الهيئة عديد اللقاءات التحسيسية بينت فيها الاوضاع الاقتصادية للبلاد و سعت لايجاد حلول كفيلة . و قد قامت الهيئة بتقديم النصح والمشورة عبر المراسلات والاجتماعات الرسمية مع الدوائر المسؤولة والشخصيات الوطنية والعالمية التي تعنى بالشأن الاقتصادي. * ما هي المقترحات التي تقدمت بها هيئة الخبراء المحاسبين للخروج من الأزمة؟ كما ذكرت سلفا المقترحات عديدة آخرها البيان الذي اصدرناه مشفوعا بمقترحات للخروج من الازمة وذلك خلال شهر اوت 2013. حيث أكدنا في هذه المقترحات على الفرقاء السياسيين ان يرسموا خارطة طريق واضحة المعالم لاستكمال مسار الانتقال الديمقراطي ينتهي بانتخابات شفافة ونزيهة. و مراجعة فرضيات منوال ميزانية البلاد لسنة 2013 على ضوء المعطيات المستجدة والتركيز اساسا على تمويل المجهود الوطني لاسترداد التوازنات المالية والاقتصادية واستعادة الامن والاستقرار اللازمين لنجاح لديمومة المناخ الاقتصادي والاجتماعي ورصد الامكانات لتحقيق خارطة الطريق مع تصريف باقي الشؤون وفق سياسة تقشفية دون الوقوع في وعود وطموحات من طرف الدولة لا يمكن تحقيقها في الفترة الانتقالية . كما أشرنا في النقاط المقترحة الى تعهد وزارة الشؤون الاقتصادية بالمتابعة اليومية للشأن الاقتصادي خاصة في باب التحكيم بين السياسة الاقتصادية النقدية والميزانية اضافة الى متابعة برامج الاصلاحات المطلوبة من هياكل الدولة المفروضة والتدقيق في الدين الخارجي ومكافحة الجريمة الاقتصادية، خاصة منها الفساد والرشوة والتهريب والاقتصاد الموازي. هذا واكدنا على ضرورة تأجيل الاصلاحات الهيكلية من جباية واستثمار وغيرها الى حين اتمام خارطة الطريق وتعويضها باجراءات تنفيذية عاجلة لاعادة الثقة في السوق التونسية و ضخ الموارد الاساسية وعودة الانتاجية ومردودية الموارد البشرية التونسية التي تدهورت بشكل ملحوظ مع التضخم المالي وكثرة الاضطرابات والانقطاع عن العمل. كما دعونا الى تفعيل القوانين والرجوع الى العمل بالمراسيم الصادرة عن رئيس الحكومة مع ضرورة ان تكون مسبوقة بموافقة مجلس اجتماعي واقتصادي او مجلس شيوخ او اي هيكل يتفق علي تسميته بمقتضى النص المشرع لخارطة الطريق الاقتصادية قصد المشورة وابداء الرأي. و كذلك اصدار المعايير والنصوص المنظمة للحوكمة والتدقيق في تصرف المنظمات والجمعيات والاحزاب وتفعيل دور القطب القضائي المكلف بالمتابعة وتمكين اجهزة المراقبة من الحصانة اللازمة للقيام بهذه الاعمال حسب المعايير والمقاييس الدولية للحياد والاستقلالية. * حسبما فهمت من وراء ردودكم , الوضع الحالي للاقتصاد الوطني صعب للغاية و يتطلب انقاذا عاجلا ؟ ليس بهذا المفهوم انما اذا لم تتدارك كل القوي الحية للبلاد الامر و تثوب الى رشدها وتجعل مصلحة البلاد والعباد فوق المصالح الفردية والحزبية الضيقة سيكون الامر سيئا للغاية.