نظّمت جمعية تونس الفتاة ومؤسسة كونراد أديناور عشية السبت 8 مارس 2014 بفضاء دار الثقافة ابن خلدون وسط العاصمة، مناظرة بعنوان "من الخلافة الدينية الى الدولة العلمانية: هل نجحت تجربة أتاتورك؟". المناظرة كانت بين أستاذ التاريخ والباحث في الآثار الاسلامية ناجي الجلّول ومحمد الحاج سالم الباحث في الاناسة وعلم الاجتماع، أمّا ادارة الحوار فقد أمّنها الاعلامي صلاح الدين الجورشي. وقد أشار محمد الحاج سالم الى كون ما فعله أتاتورك من فرض العلمانية على الشعب التركي لم يكن في واقع الأمر فصلا للدين عن الدولة بل محاولة للاستغناءعن الدين أساسا كمفصل من مفاصلها، حيث قام مصطفى كمال أتاتورك بالغاء الكتابة بالحروف العربية مستبدلا ايّاها بالأحرف اللاتينية، وجعل يوم الجمعة بدوام كامل بعد أن استبدل الراحة الأسبوعية بيوم الأحد كما منع بالقوة ارتداء النساء الحجاب فارضا عليهنّ الفستان الأوروبي حسب قوله. وأضاف الحاج سالم أنّ أتاتروك قد أمر بغلق المساجد وتحويلها الى متاحف وقام باحراق آلاف النسخ من القرآن المكتوب باللغة العربية فارضا استعمال التركية رسميا في صلاة الجماعة. من جهته، حاول ناجي الجلّول دحر كلّ الحجج التي قدّمها مناظره مبيّنا أن الاعلام التونسي والعربي يروّج لكون التجربة العلمانية في تركيا معادية للدين في حين أنّها أسّست لأول دولة اسلامية تنتهج العلمانية موضّحا أن مصطفى كمال أتاتورك قد قام بحماية الدين على خلاف ما يروّج له. وقدّم الجلّول أمثلة عن احترام النظام العلماني الذي ظهر في تركيا بقيادة كمال أتاتورك لشعائر الدين الاسلامي حيث أنه حافظ على المساجد وبنى عددا كبيرا منها في ربوع تركيا قاطبة وجمع القرآن المكتوب بلسان عربي في متحف دون أن ينتهك حرمته، مضيفا أنه يؤمن بأن لتونس نفس المواصفات التركية التي تسمح بالحذو حذو النموذج العلماني التركي مع اجراء بعض التعديلات. المناظرة التي أعطت مجالا للحضور الغفير لطرح أسئلة على طرفي الحوار، شهدت سجالا بين المدافعين عن علمانية أتاتورك وجمع من أنصار عودة الخلافة الدينية دون أن يؤدي ذلك إلى خروج الوضع عن السيطرة. جدير بالذكر أنّ هذه المناظرة تأتي في سياق سلسة كاملة بعنوان "صنّاع الفكر السياسي في الميزان" تنظّمها جمعية تونس الفتاة بالاشتراك مع مؤسسة كونراد أديناور وتتناول عددا من الشخصيات التي أثّرت على تبلور الفكر السياسي المعاصر في العالم العربي الاسلامي.