"الحل لمشكلة العراق حاليا لا يمكن ان يكون الا سياسيا"هكذا صرح اسيل النجيفي محافظ الموصل وذلك خلال لقاء نظمته مؤسسة الشرق الاوسط للبحوث يوم 24 جوان باربيل عاصمة اقليم كردستان. حيث رأى الحاضرون في اللقاء من سياسيين و عسكريين و خبراء ان الحل العسكري لن يوقف التناحر الطائفي الذي يهز العراق و انما لا بد ان يجتمع الفرقاء السياسيون على طاولة واحدة لتحديد مصير العراق : هل يجب ان يبقي متوحدا تحت ظل حكومة فدرالية تمثل جميع الاطياف السياسية او يتم تقسيمه الى ثلاث اجزاء: اكراد وسنة وشيعة ولا تزال المعارك دائرة حاليا بين القوات العراقية و مقاتلي داعش الذين اعلنوا سيطرتهم حاليا على مصفى بيجي اكبر مصفى في البلاد حيث يوفر نحو ثلث الوقود و المشتقات النفطية في البلاد. في حين تنفي القوات العراقية ذلك. ويبقي هدف داعش هو الزحف نحو بغداد. الامريكان يعجزون على جمع القوى السياسية للحوار وبالتوازي مع تواصل القتال تسعى الحكومة الامريكية الى دفع مختلف الفرقاء السياسيين الى الجلوس الى طاولة الحوار و التشاور حول تشكيل حكومة وطنية تكون كل الطوائف و القوى السياسية في البلاد ممثلة فيها. و في هذا الاطار اندرجت زيار ة و زير الخارجية الامريكي جون كيري الاخيرة (23 و 24 جوان الجاري ) التي التقى فيها رئيس الحكومة الحالية، نوري المالكي ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، عمار الحكيم و رئيس اقليم كردستان، مسعود البرزاني ولكن يبدو ان الامر ليس بالسهولة المرتقبة في طل تمسك المالكي بالحكم و اصرار ممثلي السنة على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية و الحصول على حقوقهم و طموح الاكراد المتزايد بتحقيق حلمهم بالاستقلال خاصة بعد استرجاعهم للمناطق الكردية المتنازع عليها سابقا مع الحكومة المركزية و هي كركوك و سنجار. سياسة المالكي وراء تقدم داعش ويشير المحللون الى ان السبب الرئيسي في الوضع الحالي ليس تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام اذ يمكن اعتبار نجاحه في السيطرة على مناطق عديدة في العراق، نتيجة لسياسات فاشلة انتهجتها الحكومة الحالية و تسببت في تأزم العلاقات بين الشيعة والسنة وانتفاضة ممثلي السنة و انضماهم للقتال مع داعش حيث يؤكد علي حاتم سليمان احد قادة العشائر السنة و امير قبيلة الدليم لاحدى الاذاعات الامريكية ان “داعش لا تمثل مشكلة فنحن نستطيع ان نتخلص منها في ايام. فليرحل الماكي و ليتم اعطاء آل السنة حقوقهم وستحل المشكلة لوحدها" و يضيف :"يلو موننا على وجود داعش و لكن ماذا عن وجود الميليشيات الشيعية التابعة للمالكي و تلك التابعة لايران؟ مادام هؤلاء موجودون فداعش ستبقى موجودة". و يصر زعماء العشائر السنة الذين تحالفوا مع البعثيين القدامى الى جانب تنظيمات اخرى تشمل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام، أن ما حصل في الموصل التي سقطت في يد داعش منذ 10 جوان، هو ثورة سنية ضد سياسية المالكي “الطائفية” و هي مواصلة لما حصل في الانبار في بداية السنة. و يتوعدون بمواصلة القتال و التقدم نحو بغداد اذا لم يرحل المالكي و لم تتحقق مطالبهم والتي تتمثل في ايقاف التمييز ضدهم و تهميشهم والسماح بمشاركتهم بصفة فعالة في الحياة السياسية الى جانب التوقف عن اعتبارهم كارهابيين من قبل حكومة المالكي والشيعة بشكل عام. ويعتبر مراقبون ان الحكومة الحالية اخطات خطا استراتيجا عندما حلت “الصحوات” و هي تنظيمات مسلحة سنية كونها الامريكان ما بين2006 و 2008 لمحاربة القاعدة و قد نجحت في ذلك، حيث رفض رئيس الحكومة الحالية استيعابهم داخل الجيش والشرطة الى جانب تهميشهم سياسيا. وهو ما دفع ابناء العشائر الى توحيد صفوفهم و التحالف مع البعثيين السابقين ومع داعش لمحاربة الشيعة. و يذكر انه يوجد حاليا اكثر من 15 من الفصائل المقاتلة منها رجال الطريقة النقشبندية و جماعة جيش المجاهدين و جماعة انصار الاسلام و المجلس العسكري لعشائر العراق . حكومة انقاذ او حكومة وطنية؟ من جهة اخرى يحاول المالكي تدارك الوضع على الارض عبر طلب الدعم العسكري الامريكي والايراني وحتى السوري لمواجهة الارهاب و لكن ايضا يسعى جاهدا، على المستوى السياسي، الى قطع الطريق امام مختلف القوى السياسية وخاصة السنية التي تحاول الدعوة الى حكومة انقاذ وطني. حيث حدد موعد الجلسة الاولى للبرلمان الجديد الثلاثاء القادم في محاولة للحصول على ولاية ثالثة الا ان القوي السياسية السنية و الاكراد لم يؤكدوا ما اذا كانوا سيشاركون في هذه الجلسة ام لا خاصة وانهم يطالبون كلهم برحيل المالكي. في الاثناء يتعقد وضع العراقيين و خاصة منهم الشيعة والمسييحيين الذين وجدوا انفسم مجبرين على ترك اراضيهم و بيوتهم منذ سقوط الموصل حيث تجاوز عدد اللاجئين الى اقليم كردستان الآمن الى ما يقارب 900 الف لاجئ تتولى منظمات الاغاثة الدولية بالاضافة الى حكومة الاقليم تقديم المساعدات لهم. و لا يدري هؤلاء الى متى تتواصل عملية تشريدهم.