من عاش فترة التسعينات الطلابية يعرف حتما نجم الدين الحمروني الذي وقع تعيينه كاتب دولة مكلف بتأهيل المؤسسات الاستشفائية. بالتأكيد فان تكوين الكهل الأربعيني والذي تقلد آخر منصب أمين عام للاتحاد العام التونسي للطلبة المحسوب على الاسلاميين قبل حله، أهله بحسب تقديرات رئيس الحكومة لهذا المنصب. وهو تعيين يستجيب في حقيقته لمنطق المحاصصة الحزبية التي دخلت فيها النهضة الى حكومة النداء المقنعة. الحمروني يستجيب الى "بورتريه" الشخصيات النهضوية التي يريدهم من سطر حكومة النداء. هو بحسب العارفين بالحركة من جيل "الحمائم" العقلانيين مثله مثل زياد العذاري وزير التكوين المهني والتشغيل. ولكن بخلاف العذاري الذي اكشتفه الرأي العام وابناء النهضة ذاتهم، في السنتين الأخيرتين، فان الحمروني "أحد أبناء النهضة" التاريخيين الذين تربوا في حلقات الاتجاه الاسلامي بالجامعة. الحمروني لمن يعرفه يفضل دائما ان يكون رجل ظل في قيادات النهضة. اختيار يعود لطبيعته الانطوائية. بخلاف قيادات نهضوية اخرى شابة لا يفضل الحمروني الظهور الاعلامي. يريد ان يكون مؤثرا دون ان يظهر في الصورة. كان تعيينه في حكومة الجبالي خلفا للطفي زيتون كمستشار سياسي مستجيبا لطبيعته ورغبته في تجنب الحديث كثيرا. أبعد من وظيفة كاتب دولة للمؤسسات الاستشفائية الحمروني الذي ينحدر من مدينة بنزرت يعرف في الأوساط النهضوية بكونه أحد رموز الجيل النهضوي الجديد الذي من المرشح ان يخلف القيادة التاريخية، أو جيل المؤسسيين. في آخر مؤتمر للاتحاد العام التونسي للطلبة في ديسمبر من سنة 1990 اكتشف نظام بن علي، نجم الدين الحمروني عندما وقع انتخابه آنذاك كأمين عام ثالث للمنظمة الطلابية الاسلامية. كان وبخلاف العديد من القيادات الطلابية الاخرى، لا يتوفر على ارث عائلي قيادي في الحركة الاسلامية. شق الحمروني طريقه منفردا في المنظمة الطلابية التي تشقها تيارات وعائلات عدّة وتريد النهضة استعمالها في صراعها من السلطة. في مؤتمر كلية الحقوق الأخير تمكن نجم الدين الحمروني من الحصول على العدد الأكبر من أصوات المؤتمرين امام قيادات نهضوية اخرى من قبيل عامر العريض الذي برز اسمه في الفترة التي تلت اندلاع الثورة. مرحلة المواجهة مع النظام وحل الاتحاد العام التونسي للطلبة، أجبرت نجم الدين الحمروني على مغادرة البلاد واللجوء الى فرنسا. هو من وجهة نظر التقسيمات التي تشق حركة النهضة محسوب على رئيس الحركة راشد الغنوشي. هو من الجيل الجديد الذي من المرجح أن يخلف جيل المؤسسين في الحركة الاسلامية الأم في تونس.