أثار خبر إصدار بطاقتي إيداع بالسجن ضدّ كل من الاعلامي معز بن غربية والكوميدي وسيم الحريصي (ميقالو) استغراب الرأي العام التونسي، واستحوذت القضية التي أوقفا بشأنها على جميع البرامج والبلاتوهات التلفزية والغذاعية كما اخذت الحيّز الاكبر في المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وصفحات الصحف الغموض المحيط بالقضية هو الذي يدفع ربما نحو البحث في كل الفرضيات سواء تلك التي تدين حقا المتهمين أو ترفع عنهما التهم المنسوبة إليهما من قبل النيابة العمومية والمتعلقة أساسا بارتكاب أمر موحش ضدّ رئيس الدولة والتحيل إضافة إلى نسبة صفة للنفس لدى العموم طبقا للفصول 62 و97 و159 و291 من المجلة الجزائية. ويقول مقربون من بن غربية، حسب ما صدر في صحيفة العرب اليوم السبت 14 مارس 2015، إن الاتصال برجل الأعمال حمادي الطويل وتقليد صوت رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كان جزءا من برنامج "كاميرا كاشي" الذي بدأ بن غربية والحريصي في إعداده لمناسبة شهر رمضان المقبل، والبرنامج يعتمد عادة أسلوب المفاجأة وعمل المقالب على من يتم الاتصال بهم. في المقابل، يؤكد رجل الأعمال الذي رفع القضية ضدّ الموقوفين بن غربية و"ميقالو"، في تصريح لصحيفة الشروق الصادرة اليوم، أنه تعرض لمؤامرة من قبل صاحب قناة "التاسعة" عندما اتصل به هذا الاخير يوم 27 فيفري الفارط وقال له إنه مستعد لمساعدته حتى يتمكن من العودة إلى تونس وأقنعه أنه سيمرر له بعد حوالي ساعة رئيس الجمهورية، ليتصل به مرة ثانية ويقول له حرفيا: "هاو السيد الرئيس معاك". وأضاف الطويل: "كنت سعيدا بالمكالمة لأني كنت أعتقد فعلا أي أخاطب السبسي.. أخبرته بالمعاناة التي تعرضت لها فوعدني أنه سيسلم ملف قضيتي لوزير العدل وأن الازمة التي امر بها ستنتهي عن قريب..لم أشك في البداية في أن من يهاتفني ليس رئيس الجمهورية، لكن لحظة طلب مني أن أسلمه فيديو يدين سمير الوافي تساءلت لماذا يريد رئيس الدولة ان يحارب إعلاميا.. فقط في تلك اللحظة تاكدت اني تعرضت لأكبر عملية تحيل؟". من جهته أكد المحامي فتحي المولدي على أنّ موكليه لم يتحصّلا على أيّة أموال ولم يهدّدا أيّ شخص وأنّ علاقتهما بالملف هي مرتبطة بتحقيق استقصائي استعملت فيه وسائل صحفية، مشيرا إلى أنّ هناك معطى هام جدا يمكن أن يساعده في القضية لم يكشف عنه، إذ أن الملف يحظى بالسرية التامة لذلك يمنع كليا الدخول في الجزئيات، ومبينا أنّ التهم الحالية جناحية وليست جنائية. وتجدر الإشارة إلى أن الطويل أفاد في تصريحه للشروق بأنه علم أن وسيم ميقالو اعترف أمس بما نسب إليه وأكد أن معز بن غربية طلب منه تقليد صوت الباجي قائد السبسي والمشاركة في التلاعب به، على حد تعبيره. يُذكر أن الفصل 291 من المجلة الجزائية ينص على أنه "يعاقب بالسجن مدة خمسة اعوام وبخطية قدرها 2400 دينارا كل من استعمل اسما مدلسا أو صفات غير صحيحة أو التجأ للحيل والخزعبلات التي من شأنها اقناع الغير بوجود مشاريع لا أصل لها في الحقيقة أو نفوذ أو اعتماذ وهمي". النظر في هذه القضية الغامضة والمتعددة الروايات حُدّد ليوم 25 مارس الجاري، وإلى ذلك التاريخ قد يتبين الخطأ من الصواب، إن كان فعلا عمل صحفي تلفزيوني أو عملية تحيل فعلية.