قال رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إن المرور إلى المصالحة الوطنية الذي كان اقترحه سابقا أمر ضروري سيتم المضي فيه لا محالة" ،معتبرا أن مصلحة البلاد تقتضي تشريك كل التونسيين بمن فيهم رجال الأعمال لمواجهة الظرف الاقتصادي والاجتماعي الصعب. وأضاف،في كلمة ألقاها اليوم الخميس في افتتاح ملتقى حول " الاستشراف والتخطيط الاستراتيجي في تونس ودور المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية" بضاحية قمرت، أن "هذا المقترح لم يحظ بقبول عديد الأطراف ونحن نعرفها" مبينا أن هذا المقترح سياسي ولا بد من إيجاد صيغ قانونية لتجسيده والمضي في مرحلة طي صفحة الماضي. وأكد في المقابل أن "المصالحة لا تعني تبرئة أي طرف كان وأن من يثبت تورطه فان القانون سيكون هو الفيصل " . وبين بخصوص الدراسات الاستراتيجية ضرورة مساهمة كافة الأطراف السياسية فيها باعتبارها جزء من الحوكمة الرشيدة مشيرا إلى أن عمل المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية متوقف منذ مغادرة مديره طارق الكحلاوي وأن رئاسة الجمهورية ارتأت قبل استئناف العمل في هذا المعهد استشارة كل الاطراف المعنية بخصوص تركيبته وطريقة عمله. وأفاد في هذا الصدد بأن العمل الاستشرافي ووضع خطة استراتيجية فاعلة وناجعة لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار الوضع في تونس بعد الثورة لا سيما على المستوى الأمني الوطني والإقليمي وكذلك على المستوى الاجتماعي والاقتصادي. فعلى المستوى الأمني قال قائد السبسي "إن تونس لا يمكن لها لوحدها أن تواجه الإرهاب بنجاعة وان الجميع مطالب بالالتفاف حول الدولة وتجاوز كل محاولات التفكيك والتقسيم قائلا في هذا السياق إلى أن التحركات الاخيرة في الجنوب "لم تكن بريئة وأن هناك تيارات تدفع نحو هذا التفكك ". وشدد بقوله إن "الدولة يجب أن تقوم بواجبها ولا بد من فتح تحقيق في هذه الاحداث وكل من تثبت إدانته يحاسب ". وأضاف إن الوضع في ليبيا يمثل تهديدا اكبر على أمن تونس " الموجودة في الخط الامامي للخطر" حسب تعبيره ،معتبرا ان الدولة في ليبيا الشقيقة "غائبة وان هذا البلد مؤهل للانقسام في ظل غياب الحوار السياسي الحقيقي و اكتساح حوار السلاح ". وبين في سياق متصل أن الحدود التونسية الممتدة على قرابة 500 كلم وأغلبها صحراوي ليست مؤمنة بالكامل وتفرض مراقبتها استعمال وسائل تقنية متطورة تمكن من تأمين البلاد ضد تسريب السلاح والارهابيين لافتا إلى أن الآلاف من التونسيين انضموا إلى "الدواعش " في سوريا والعراق وخاصة ليبيا. واعتبر رئيس الجمهورية أن الوضع الأمني في ليبيا زاد تأزما بعد تقدم "داعش" في أراضيها واكتساحه لمناطق مركزية في البلاد على غرار درنة وسرت، مشيرا إلى "أن التدخل الغربي العسكري لم يعط أكله إلى حد الآن وأنه لا بد من حلول سياسية لها مقتضياتها ". وثمن جهود المؤسستين العسكرية والامنية "الجبار" في مقاومة الارهاب ،معتبرا ان تونس تتقدم في هذا المجال بخطوات ثابتة وإن كانت بطيئة. أما بالنسبة للوضع الاجتماعي في تونس والذي قال قائد السبسي أنه يجب أن يكون من الاعتبارات الأساسية في وضع مخطط استراتيجي للفترة القادمة فقد أشار رئيس الجمهورية إلى أن الثورة التي قامت ضد الفقر والتهميش لم تغير من واقع البلاد كثيرا وأن عدد العاطلين عن العمل والمقدر ب620 الف شخص منذ 5 سنوات لم ينخفض بل ارتفع. وتعليقا على التحركات الاحتجاجية عبر قائد السبسي عن تفهمه للمطالب الاجتماعية وانخفاض مستوى الأجور مقارنة بمستلزمات الوضع الراهن لافتا في المقابل الى أنه لا بد من احترام الأولويات في الدولة وأن "تحسين وضع من لا دخل له أهم في هذه المرحلة ممن يطالب بالزيادة في الاجر ". وقال "لا بد من الحسم في موضوع التحركات الاحتجاجية" ،مضيفا قوله " لن نخرج من الوضع الاقتصادي الراهن وتراجع نسبة النمو دون خلق مناخ جديد يساهم الجميع في تحسينه ويكون ملائما لتطوير الاقتصاد والالتحاق بالدول المتقدمة ". وفي سياق متصل اعتبر رئيس الجمهورية أن الدولة العادلة هي دولة القانون وأن تونس شهدت في الفترة الماضية ما وصفه ب"إفلاس الدولة" الذي يفرض تكريس دولة القانون مضيفا أن النهوض بالبلاد لن يكون عن طريق الأجيال القديمة بل الأجيال القادمة التي لا بد من تكوينها. وفي جانب اخر من كلمته قال رئيس الجمهورية إن كل خطوة تقوم بها الدولة وأجهزتها تكون محل نقد مذكرا في هذا الشأن بالجدل القائم بخصوص منح تونس صفة الحليف غير العضو للناتو وذلك خلال زيارته الى الولاياتالمتحدةالامريكية في ماي الماضي. واضاف في هذا الصدد أن هناك من ذهب "عن جهل أو استخفاف بالدولة " إلى المطالبة بعدم المصادقة على هذا القرار بمجلس نواب الشعب مع العلم انه لا توجد اي وثيقة في هذا الشأن ليتم تمريرها الى البرلمان. المصدر: وات