تعاقبت الحكومات وتتالت ببرامج واهية، باهتة و ترقيعية. لم نلمس فيها لا الجرأة و لا الشجاعة، أيادي مرتعشة و حسابات سياسية ضيقة كنا نأمل ان تندثر بحلول الحكومة الجديدة و انتهاء "المرحلة المؤقتة". ولكن في الحقيقة حكومة الصيد ربما هي الأقل جرأة، كلما خاطبنا وزير الحكومة إلا و كان الخطاب مرتعشا،بائسا، يائسا. لم يأتي بحلول جذرية و لا بأخرى تطمئن هذا الشعب البائس و تنقذ هذه الدولة التي قيل انها توشك على الإفلاس. نادينا بالجرأة والشجاعة في القرارات وانتظرناها طويلا، إلا انها غابت تماما. في المقابل تواصلت الإضرابات العشوائية منها والمنظمة حتى دمرت الاقتصاد الوطني غير 0بهة بما قد يؤول له الوضع في دولة تخوض حربا ضد اللإرهاب و تجاور داعش بإمكانيات متواضعة. و فجأة حضرت الجرأة حيث لم يكن مرحبا بها، حضرت الجرأة عندما كانت الإستجابة لمطالب المعلمين قد تكون أول خطوة في إصلاح المنظومة التربوية؛ فكيف لمعلم يعيش الخصاصة والحرمان ان يربي لك جيلا قيما، مثقفا، ذو مبادئ و فكرا نيرا ينئ به عن ممارسة العنف و التعصب و لا يجعله فريسة سهلة المنال في أيادي الإرهاب. يكفينا ان ننظر في معدل الأعمار لدى الإرهابيين حتى نعلم من أي منظومة تربوية هم قادمون. ارتأت الجرأة ان إنجاح تلامذة الإبتدائي بنسبة المائة بالمائة هو الحل لإصلاح المنظومة التعليمية٬ هذه الجملة التي صدعت رؤوسنا خلال الحملة الانتخابية ككل نظيراتها اللاتي بقين مجرد شعارات. في الحقيقة أنا أتفهم قرار هذه الحكومة لأنها كسالفاتها ليس لها خطة واضحة وإني أذكر الكلام الذي جاء على لسان السيد الرئيس الحالي عندما قال إن كل الدول العظمى يريدون مساعدتنا إلا انهم طلبوا منا إعداد خطة واضحة، ربما مرت هذه الجملة مرور الكرام عند الأغلبية إلا إني توقفت عندها كثيرا لأنها بكل بساطة أجابت عن سؤال يلازمني دائما ماهذا الفشل الذريع؟ لماذا عجزت كل هذه الحكومات المتتالية عن اخراجنا من عنق الزجاجة كما يقال؟..
الإجابة كانت غياب التخطيط وزيف الشعارات، فكل حكوماتنا لا يملكون خططا جدية لحل مشاكل التونسيين فقط هم يقولون شعارات رنانة توصلهم الى السلطة و بمجرد وصولهم لها يجدون انفسهم يصارعون المشاكل كل واحدة على حدى حتى نفذت الخزينة العامة فبقيت كل الحلول متاحة ماعدى الحل المادي او المالي لهذا جاء قرار الإنجاح ال0لي وغيره من الإجراءات.. ليتكم فكرتم في ذلك عندما أصبحت الزيادة في الأجور الرياضة الوطنية الأولى، ليتكم فكرتم في ذلك عندما كنتم تقترضون لاستخلاص الأجور التي تضاعفت بسبب الانتدابات العشوائية و الزيادات الغير مدروسة. كنا نأمل ولازلنا أن تكون الجرأة و الشجاعة في وضع خطة واضحة لا غبار عليها لمقاومة الإرهاب .. كنا نأمل و لا زلنا أن تكون الجرأة والشجاعة في مراجعة القوانين التي أنصفت اللصوص على حساب شهداء و جرحى الثورة.. كنا نأمل و لازلنا ان تكون الجرأة و الشجاعة في وضع منوال تنموي في الجهات الداخلية لإلحاقها بالجهات الأخرى .. كنا نأمل و لازلنا ان تكون الجرأة و الشجاعة في إيجاد حلول جذرية لإنصاف منطقة الحوض المنجمي و غيرها من المناطق المهمشة التي تدر الخيرات لهذا البلد .. ولن يتحقق ذلك إلا بإقامة منظومة جبائية عادلة كأول خطوة في تحقيق العدالة الاجتماعية وإنعاش خزينة الدولة، فأجرؤوا أيها السادة او إرحلوا.