بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    وزارة الصناعة تفاوض شركة صينية إنجاز مشروع الفسفاط "أم الخشب" بالمتلوي    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    القيروان: الأستاذ الذي تعرّض للاعتداء من طرف تلميذه لم يصب بأضرار والأخير في الايقاف    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    الترجي الرياضي: يجب التصدي للمندسين والمخربين في مواجهة صن داونز    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    عاصفة مطريّة تؤثر على هذه الدول اعتباراً من هذه الليلة ويوم غد السبت    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصيلة المسار الديمقراطي لسنة 2011 (2) اعتصامات وإضرابات عشوائية مطالبها غريبة...وغير مسؤولية أخطاء الحكومات الوقتية المتتالية تمثلت في ترددها وعدم امتلاك الشجاعة الكافية للتصدي بحزم للظواهر السلبية
نشر في الخبير يوم 06 - 01 - 2012

أسباب الإضرابات والاعتصامات العشوائية وطلبات أصحابها أقلّ ما يقال عنها عجيبة وغير مسؤولة بالمرّة إن لم نقل انتهازية بالكامل...
عناوين بعض مقالات الصحافة المكتوبة والإلكترونية تكفي لوحدها، دون أيّ تعليق أو تحليل، أن توصف هذا المشهد الغريب :
- عمال مصنع ملابس يضربون للمطالبة بالتدخين أثناء العمل (صحيفة باب البنات بتاريخ 28/12/2011).
- اعتصامات قبل الشروع في العمل (صحيفة المغرب بتاريخ 25/12/2011).
- بعد الثورة ... بعض المؤسسات تدفع "فدية" لتعمل (صحيفة المغرب بنفس التاريخ).
ألهذا الحد من الغباء والانتهازية وصل ببعض المواطنين أن لا يفكروا إلاّ في مصلحتهم الآنية حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين وخراب البلاد ! هم يعتقدون خطأ أنهم بهذا السلوك سيصلون إلى مبتغاهم. يجب على كل القوى الحيّة بالبلاد، أوّلها الاعلام (خاصّة التلفزة) وثانيها السلطة التنفيذية، أن تساند كلّ المؤسسات المنتجة على أن لا تستجيب لأيّ نوع من الابتزاز والانتهازية لأنّها إذا استجابت ستعطي الدليل للانتهازيين أن بسلوكهم الدنيء يستطيعون بلوغ أهدافهم. يجب على الحكومة التأسيسية (وليست بالمؤقتة)التحلّي بالشجاعة والصرامة (بصفة تدريجيّة وتصاعدية) وتتعض من بعض أخطاء الحكومات الوقتية المتتالية حيث أنّ قراراتها كانت متردّدة والتي لم تكن لها الشجاعة الكافية للتصدّي إلى ظاهرة الاعتصامات واستجابت في معظم الأحيان إلى مطالب الزيادات في الأجور جانب كبير منها غير مبرر. إن كنا نتفهم أخطاء هذه الحكومات نظرا لعدم شرعيتها (ظروف الثورة حتّمت ذلك) فإنّنا لن نتفهم تكرار هذه الأخطاء من طرف حكومة شرعية. الشجاعة تستمد أيضا من خلال أخذ القرارات التي تساير روح وأهداف الثورة حتى وإن بدت غير شرعية في الظروف العادية. روح الثورة والظروف الاقتصادية الحالية والنظرة الصائبة ذات المدى البعيد تعطي الشرعية الكاملة للقرارات الجريئة. شعار تونس الآن هو الآتي : حان الوقت لكلّ مواطن أن يعطي ويخدم وطنه دون التفكير في المقابل وإلاّ Dégage.
كذلك على الحكومة الحالية أن لا ترتكب خطأ آخر كالحكومات السابقة التي اكتفت بالإشارة والتنبيه بخطورة أعمال بعض أطراف مخربة تريد أن تعرقل المسار السليم للثورة بدون أن تذكر بالتحديد من هي هاته الأطراف خاصّة وأنّ السيد الباجي قايد السبسي وفي خطاب تسليم السلطة قد نبّه وذكر أنّ بعض الأطراف كانت تعمل على إفشال عمل حكومته لاعتبارات سياسية وإيديولوجية صرفة لا تضع مصالح البلاد العليا في الحُسبان وأنّ هذه الأطراف قد تواصل عملها في اتجاه إفشال عمل الحكومة الحالية بكلّ الوسائل. وهنا وجب التأكيد على دور الأعلام، خاصة التلفزة، في إبراز معاني شعار تونس الحالي الذي يجب اتّخاذه من كل المواطنين وكل القوى الحيّة والسير على منهجه. حتى يكون هذا الشعار سائر المفعول، على التلفزة الإسراع بتكوين ملفات فيها كل المعطيات حول الانفلات الأمني وتوالي الاضرابات والاعتصامات التي تشل الحركة الاقتصادية فقط (أما المظاهرات والاعتصامات السياسية والسلمية وكل حركات لفت الانتباه التي لا تعرقل الحركة الاقتصادية هي مطلوبة وضرورية) وتنظيم برامج تلفزية، خاصة الحوارية منها، تستضيف فيها ممثلين عن كل القوى الحية بالبلاد (دون أن ننسى العمال والعاطلين عن العمل) ويفتح فيها الخط لمداخلات المواطنين التونسيّين. هناك أيضا برامج بسيطة ولكن مفعولها جدّ كبير وإيجابي كبث تحقيقات مباشرة حول شعور العمال عند غلق مؤسساتهم بسبب إضرابهم عن العمل سواء كان الإضراب شرعيا أو غير شرعي وإعطاؤها المساحة الزمنية المطلوبة ولا أن تكتفي ببضع دقائق، بل قل ثواني، كما فعلت القناة الوطنية 1 حال غلق معمل "يازاكي" الياباني.
إبراز هذا الشعور من شأنه أن يكون عبرة لكل من يفكر في الإضراب وأن يشهر من تلقاء نفسه بكل طرف حاول أن يحثه على الإضراب عوض الانسياق الأعمى والعاطفي من للحجج المغلوطة لهذه الأطراف كتقديم الإضراب للعمال على أنّه وسيلة شرعية وآنية وفرصة لا تعوّض حتى يحسّنوا مقدرتهم الشرائية، التي هي متدنية للغاية، وردّة فعل عادية لتراكمات سنوات من استغلال (من طرف مشغليهم) وظلم واستبداد (من طرف النظام البائد).
ألا تعلمون أنّ دون العمل ودون رفع مستوى الانتاجية لا نستطيع البتّة تطوير المقدرة الشرائيّة للعامل وللموظف لأنّ الترفيع في الأجور دون ذلك يؤدّي حتما إلى تدنّي المقدرة الشرائية (وليس رفعها) لأنّ الأسعار سترتفع لتغطّي التبذير وهدر الطاقات والإمكانيات.
أهاته الحكومة، التي تسلّمت من توها الحكم (26 ديسمبر 2011) والتي هي جادّة في إعطاء المكانة الأولى لكرامة المواطن التونسي، هي المتسبّبة لهذا الظلم ولتردي المقدرة الشرائية لكل المواطنين ؟ ومن هو الخاسر الأول والأكبر من الإضرابات والاعتصامات العشوائية التي تؤدّي إلى غلق مؤسسات منتجة، سواء كانت تونسية أو أجنبية، العامل والبلاد التونسية ككل أو المستثمر الذي يستطيع أن يستثمر في مكان آخر وعلى الأقلّ يصبر ويعيش بكرامة بمدخّراته ؟ ثم من هو المستثمر، سواء كان داخل تونس أو خارجها، الذي يعلم بالانفلات الأمني وتواصل الإضرابات والاعتصامات يقدم على الاستثمار ؟ بتوالي غلق المؤسسات وعزوف رجال الأعمال عن الاستثمار بتونس ألا يؤدّي ذلك إلى خراب تونس وإفلاسها؟ لقد ثرنا على النظام الديكتاتوري لنصبح أحرارا لا أن نصبح مستبدّين وديكتاتوريين تجاه السلطة التي انتخبها الشعب التونسي والتي هي جادّة في السير على تحقيق أهداف الثورة وأحلام التونسيّين.
متى نقتنع بأن علينا أن نعطي لتونس قبل أن نفكّر في الأخذ ؟ هذا بالطّبع لا يعني ذلك أن نمنح "صكا أبيض" للسلطة التنفيذية وسلطة المجلس التأسيسي فاليقضة السياسية لكل انزلاق محتمل من السلطة الحالية يمس روح الثورة (خاصّة الديمقراطية وما تتضمّن من كرامة وحريّة) هي مطلوبة وضرورية لكل القوى الحيّة بالبلاد وتعبر عن وعي ونضج ورقي المواطن التونسي. المهم لا وألف لا لكل ما يمس دوران العجلة الاقتصادية.
بشاكلة هذه البرامج التلفزية وبهذا المضمون تكشف ألاعيب الخطاب الشعبوي للأطراف الهدّامة من خلال تمييز وإبراز شفرات الخلط في المفاهيم وبالتالي يخلق جوّ عام يتّجه إلى الصد وبكلّ قوّة لكل من حاول عرقلة الاقتصاد ويدعو بشدّة إلى إقالة كل مضرب عن عمله (مهما كانت الأسباب)، كعقوبة أدنى لهذه الجريمة، بالذي هو أجدى وأولى بالعمل. هذه فرصة لتشغيل الذين هم أولى بالعمل : أصحاب الشرارة الأولى للثورة، خاصّة شباب مناطق سيدي بوزيد، تالة، القصرين وقفصة الذين رفضوا هدايا القوافل الآتية من الولايات الأخرى. هم يطالبون بكرامة وشرف الشغل دون تعجيز للدولة. ولا يطالبون إلاّ القصاص من قتلوا إخوانهم ويرفضون حتّى حقهم في التعويض المالي. فلنتعلم من هؤلاء الشهامة والعزّة والأنفة والكرامة والكرم والعطاء. أليس هذه رموز الثورة التونسية. فكيف لنا أن نتفهم شخصا مضربا عن العمل بدعوى أنّ أجرته منخفضة (أين صوته أيام بطش بن علي) والحال أن كل الأجور التونسية منخفضة نسبيا من جهة وأن العاطلين عن العمل متفهمون لوضع البلاد ويترفعون عن المطالب التعجيزية وعن الإعانات المقدمة طوعا من الشعب بالرّغم من حاجتهم إليها.
فيما يخصّ ثاني وثالث ورابع المؤشرات أعتقد أنّها مرتبطة ببعض تمكننا، إذا وقع التمعّن في دلالاتها، من الوصول إلى القراءة المحتملة الآتية ذكرها : إنّ النهضة تريد أن تنفذ مشروعا عظيما غير معلن تعتقد أنه يكون لفائدة العباد والبلاد بل ولربّما لكل البلدان العربية والإسلامية (الأسبقية لصالح الأحزاب الدينية تمس كل البلدان العربية). هذا المشروع هو إرساء على المدى الطويل وبالتدرج مجتمع ديني حسب مفهومهم للدّين الإسلامي. ادعاؤهم بأن حزبهم مدني وبأنهم لا يمثلون الدين الإسلامي سوى دهاء ومغالطة ووسيلة حتى يصلوا إلى الحكم شبه المطلق ويضمنوا النجاعة لمشروعهم بلا اصطدام حاد واعتراض شديد من غالبية الشعب ومن الأحزاب العلمانية (لذلك أيضا هي لم تعلن عن مشروعها الخفيّ). تنفيذ هذا المشروع يتلخص في تغيير عقلية فئة كبرى من الشعب الذي هو بالأساس مدني ووسطي تجعله يقبل في المدى الطّويل وبالتدرج فكرة مجتمع ديني بالأساس وفي أن "تضع في الإدارات والولايات والمعتمديات وغير ذلك رجالها". لذلك لا نستبعد أن يكون الإطار الجديد لتسيير الانتخابات من ضمن هياكل وزارة الداخلية (كما كان الحال لنظام بن علي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.