أكّد الخبير الاقتصادي و رئيس الجمعية التونسية للحوكمة معز الجودي ،في تصريح لحقائق أون لاين، اليوم الثلاثاء، أن مسألة الاستثمارات الأجنبية في تونس باتت تمثّل مشكلا كبيرا حيث تمّ تسجيل عزوف يناهز ال 50 بالمائة. و تساءل الجودي عن مدى وجود رغبة حقيقية من قبل الحكومة و الأطراف السياسية و النقابية من أجل حلحلة هذا الاشكال الذي يعزى ،وفق تقديره ،الى المشاكل الأمنية و عدم وجود الاستقرار السياسي الكافي ، فضلا عن التعقيدات و التعطيلات الادارية. و أوضح أنه لا يوجد اليوم في تونس مناخ مشجّع للأعمال فضلا عن غياب توجهات و سياسات واضحة من قبل الحكومة من أجل تجاوز بعض العقبات التي تعترض الاستثمار الاجنبي في تونس من قبيل مشكل الاطار التشريعي، داعيا الى تغيير القوانين و تسهيل الاجراءات علاوة عن الاهتمام بمسألة الاحاطة بالمستثمر الأجنبي الذي كثيرا ما تعترضه مشاكل في علاقة بعدم توفر جهة مسؤولة واضحة للتنسيق معه بغية التحفيز. كما تساءل معز الجودي عن امكانية وجود رغبة في تنفير المستثمرين الأجانب الذين بالإمكان أن تستفيد منهم تونس من خلال خلق قيمة مضافة و مواطن شغل عديدة. و قد أشار الجودي الى المكاسب التي حقّقتها المغرب بفضل تشجيع الاستثمار الأجنبي و استقطاب مشاريع كبرى، معتبرا أن المحاولات الفردية في تونس لا تكفي لخلق مناخ اعمال ايجابي، محملا الطرف النقابي جزءا من المسؤولية بسبب ما أسماه الضغوطات الكبيرة و البيئة الاجتماعية المحتقنة علاوة على كثرة الاضرابات و ايقاف أنشطة بالمؤسسات. و بيّن ان كل الآنف ذكره قد أعطى اشارات سلبية في علاقة بمناخ الأعمال و الاستثمار في تونس، مشددا على ضرورة المضي في مصالحة اقتصادية تضع حدا لأزمة الثقة التي زادت في تكبيل المسؤولين بالادارة الذين أضحوا يتجنبون اتخاذ القرارات بالنظر الى عدم توفر الحصانة الكافية زيادة عن تخوفهم من امكانية أن يتسبّب ذلك في مشاكل لهم على غرار ما حدث لعدد منهم بعد الثورة حيث وجد لفيف منهم نفسه محل تتبعات قضائية وصلت حد السجن. و بخصوص ما راج حول خسارة تونس لمشروع شركة "بيجو ستروين" الفرنسية الذي احتضنته رسميا المغرب حيث سيتم بناء مصنع للسيارات موجه لمنطقة افريقيا و الشرق الأوسط بطاقة تشغيلية قد تناهز 100 الف موطن شغل، أكّد معز الجودي أنه لا يمكن الجزم بأن الشركة السابق ذكرها قد كانت مهتمة بصفة جديّة و فعلية بالاستثمار في تونس، لافتا الى أن هناك اهتمام ببلدان المغرب العربي بصفة عامة من قبل الدول المصنعة لاسيما و أن القارة الافريقية تمثّل حاضر و مستقبل الاقتصاد العالمي. و دعا معز الجودي المسؤولين السياسيين الى التمعّن في المعلومات التي تخصّ نوايا الاستثمار الاجنبي في المنطقة المغاربية، فضلا عن ضرورة توضيح التوجهات و تحضير الارضية و خلق العلاقات التي من شأنها تشجيع الشركات المختصة على الاستثمار في تونس. على صعيد آخر و بخصوص مبادرة المصالحة الاقتصادية التي شرعت في الاعداد لها الجمعية التونسية للحوكمة عبر رسم خارطة طريق تتضمن توصيات ومقترحات، أبرز معز الجودي أن هذا المشروع ليس له أيّ انتماء سياسي و هو محلّ نقاشات مستفيضة مع جميع الأطراف المعنية بهذه القضية و ذلك بغية فهم كيف تتمّ آليات هذه المصالحة و الاطار الحاضن الذي يجب توفيره لها. و قد شدّد محدثنا على أن البلاد مازالت معطّلة في علاقة بالشأن الاقتصادي، معتبرا أن الخصومات و القضايا لن تجدي نفعا و من هنا تأتي أهمية المصالحة الاقتصادية التي تمثّل أحد الحلول لتجاوز الاشكالات الراهنة و التي لن تكون على قاعدة " بوس خوك و شيء ما صار " وفق تعبيره، و لكنها سترتكز على اعلاء المصلحة العليا للوطن من أجل تدارك ما فات. هذا و قد أفاد معز الجودي أنه من المنتظر أن تكشف الجمعية التونسية للحوكمة عن مضمون مبادرتها حول المصالحة الاقتصادية في أجل لن يتجاوز سبتمبر المقبل.