أثار مشروع رسملة البنوك جدلا واسعا داخل مجلس نواب الشعب، فبعد المصادقة أمس على مشروع قانون تدعيم الأسس المالية لبنكيْ الإسكان والشركة التونسية للبنك تعمّق الإشكال ووصل حدّ التهديد بمقاضاة الحكومة. الخبير الاقتصادي معزّ الجودي أوضح لحقائق اون لاين المقاربة الاقتصادية لهذا المشروع ومدى نجاعته، مستهلّا حديثه معنا بتعريف "رسملة البنوك" والتي حددها بكونها "عملية ضخّ اموال تقدر بمئات الملايين من ميزانية الدولة لفائدة البنوك العمومية التي تعاني من وضعية مالية مزرية". وأوضح الجودي أن رسملة القطاع البنكي تعتبر خطوة مهمة وذلك لكونها تساهم بنسبة 87 بالمائة في الاستثمارات في بلادنا، معتبرا أن رسملتها وإحياءها بمثابة الإنعاش للاقتصاد لدورها في تمويل المشاريع وخلق مواطن شغل، لافتا إلى ان البنوك العمومية وخاصة بنك الإسكان والشركة التونسية للبنك والبنك الفلاحي قريبة جدا من إعلان الإفلاس، الأمر الذي سيؤثر سلبا على القطاع الاقتصادي المتأزّم بطبعه، كما دعا إلى التعجيل بإصلاح القطاع البنكي لكونه من أوكد اللآليات التي تنهض بالاقتصاد التونسي. وبالاستفسار عن ضمانات عمليّة الرسملة والخوف من مغبّة إعادة سقوط البنوك التي تقرر دعمها في هاوية الإفلاس مرّة أخرى، شدّد محدثنا على ضرورة أن تكون عملية الرسملة جدّية وصارمة، قائلا : "ان الدولة التونسية صرفت الملايين وطالبت من مكاتب تدقيق عالمية النظر في الوضعيات المالية التي تعيشها المؤسسات البنكية ومن غير المعقول ان تضخّ الدولة أموالا ضخمة لهذه المؤسسات دون صدور التقرير والإعلان عن نتائجه واطلاع الرأي العام عن الإشكاليات التي أدت إلى التدهور العميق لهذه البنوك". وتساءل الخبير الاقتصادي معزّ الجودي "كيف تدفع تونس المليارات المتأتّية من أموال الشعب والمواطن البسيط لفائدة بنوك لم توضّح بعد أسباب إفلاسها ووصولها إلى حدّ الانهيار.. هل كان بسبب فساد، سوء تصرّف استراتيجي...؟"، مشيرا إلى أن "عملية الرسملة لا يجب ان تكون اعتباطية وعشوائية وانما يجب ان تخضع لمراقبة وعمليات تدقيق حازمة".. وأضاف انه كان من الأجدى أن تقترح الحكومة برامج إعادة هيكلة وسياسة إنقاذ على هذه البنوك وتطالبها ببرامجها الإصلاحية من اجل ضمان عدم العودة الى المربع القديم والسقوط في خانة التدهور المالي. يُذكر ان النائب بمجلس نواب الشعب عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدايمي انتقد خلال مداخلته أمس في الجلسة العامة بالمجلس هذا التمشي وندّد بعدم صدور تقرير يفسّر الوضع المالي للبنوك الآنف ذكرها، معتبرا أن "رسملة البنوك تعني أن يدفع الشعب الكريم تكلفة الحوكمة الفاسدة وسوء التصرف والمحسوبية والفساد للبنوك العمومية". وتجدر الإشارة إلى أنه تم إحداث لجان رقابة بمشاركة قضائية وبرلمانية لمتابعة تنفيذ برامج الإصلاح والحوكمة في تسيير البنوك.