المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود لم تتجاوز 31،5 بالمائة    لا يعرف موعده: انفجار ضخم في الفضاء يمكن رؤيته بالعين المجردة    الكاف: العثور على جثة طفل داخل 'جابية'    قابس: وفاة زوجين في غنُوش بسبب انفجار قارورة غاز منزلي    الفيلم التونسي "المابين" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية    مرام بن عزيزة تكشف أسباب وفاة فرح بالقاضي    بعد افتتاح سفارات اوكرانية في افريقيا: الرئيس الايفواري يحضر قمة السلام في سويسرا    المغزاوي يحط الرحال في الوطني السعودي    وفاة الأنستغراموز فرح القاضي    يورو 2024.. رومانيا تكتسح اكرانيا بثلاثية    بعد 24 عاما من زيارته الأولى.. بوتين يصل كوريا الشمالية غدا    أرينا سبالينكا تَغِيبُ في أولمبياد باريس    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    إستخدام الأواني المصنوعة من مادة البلاستيك يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة    تونسي يتميز في جامعة دايفس بكاليفورنيا الأمريكية    خلال يومين.. احباط 59 عملية "حرقة" وايقاف 24 منظما ووسيطا    معبر الذهيبة : ازدحام كبير جراء ارتفاع عدد العائلات الليبية القادمة نحو تونس    بداية من الغد: تحذير من ارتفاع درجات الحرارة    وزير الشّؤون الدّينية يتفقّد أحوال الحجيج بمخيّمات المشاعر المقدّسة    الهيئة الوطنية للمحامين تنعى المحامي الدواس الذي وافته المنية في البقاع المقدسة    نحو 16 ألف شخص تعرضوا لإصابات خلال ذبح الخرفان في أول أيام العيد    مدخرات تونس من العملة الصعبة تقدر ب 107 ايام توريد    سليانة.. تقدم موسم الحصاد بنسبة 45 بالمائة    قرقنة.. وفاة حاج من منطقة العطايا بالبقاع المقدسة    القيروان : زوج يقتل زوجته بطريقة وحشية بعد ملاحقتها في الطريق العام    كأس أمم أوروبا: برنامج مواجهات اليوم والنقل التلفزي    تنس – انس جابر تحافظ على مركزها العاشر عالميا وتواجه الصينية وانغ في مستهل مشوارها ببطولة برلين    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الختامية..    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    مصرع 6 أشخاص وفقدان 30 آخرين في انهيار أرضي في الإكوادور    عاجل/ الاحتلال الصهيوني يحرق قاعة المسافرين في معبر رفح البري..    المتحدث باسم "اليونيسف".. الحرب على غزة هي حرب على الأطفال    طقس اليوم.. خلايا رعدية بعد الظهر والحرارة في ارتفاع    كأس أوروبا 2024 : المنتخب الفرنسي يستهل غدا مشاركته بلقاء النمسا    انس جابر تشارك الاسبوع المقبل في بطولة برلين للتنس    الإنتاج الوطني للنفط الخام يتراجع في شهر افريل بنسبة 13 بالمائة (المرصد الوطني للطاقة والمناجم)    رئيس الجمهورية يتبادل تهاني العيد مع كل من رئيس المجلس الرئاسي الليبي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية    العلاقات الاندونيسية التونسية جسر تواصل من اجل ثقافة هادفة، محور ندوة بتونس العاصمة    في ظل انتشار التسممات الغذائية في فصل الصيف، مختصة في التغذية تدعو الى اعتماد سلوك غذائي سليم    47 درجة مئوية في الظل.. الأرصاد السعودية تسجل أعلى درجة حرارة بالمشاعر المقدسة    بن عروس/ 18 اتصالا حول وضعيات صحية للأضاحي في أوّل أيّام عيد الأضحى..    صفاقس : "البازين بالقلاية".. عادة غذائية مقدسة غير أنها مهددة بالإندثار والعلم ينصح بتفاديها لما تسببه من أضرار صحية.    إخصائية في التغذية: لا ضرر من استهلاك ماء الحنفية..    فرق التفقد الطبي بكامل الجمهورية تقوم بزيارات ميدانية غير معلنة لعدد من الأقسام الاستعجالية    وزارة الصحة السعودية تصدر بيانا تحذيريا لضيوف الرحمان    الصوناد: الرقم الأخضر 80100319 لتلقي التشكيات    تخصيص برنامج متكامل لرفع الفضلات خلال أيام العيد    بعد ظهر اليوم.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار متفرقة    أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    في أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى    المطربة المصرية منى عبد الغني تنهار باكية أثناء أداء مناسك الحج على جبل عرفات (فيديو)    أطباء يحذرون من حقن خسارة الوزن    المهدية: مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو يعرب المرزوقي للسبسي: لست بحاجة لشهادتي بأنك من دهاة العرب!
نشر في حقائق أون لاين يوم 01 - 10 - 2015

توجّه الكاتب والفيلسوف أبو يعرف المرزوقي، برسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي جاء فيها:
" لست بحاجة لشهادتي بأنك سياسي قدير وبأنك من دهاة العرب. فلا تكن من دواهيهم. ولست بحاجة إلى التذكير بأني عندما حللت توقعاتي حول ما يمكن أن يبدر منك اعتمدت على هذا العامل مع عاملين آخرين أود التذكير بهما لأنهما علة الحد من موقفي السلبي من طموحك السياسي ووصفه بإحياء البورقيبية دون مزيد وصف (يمكن أن يستمد من أهداف الثورة):
أولهما طموحك بختم حياتك بما يمكن أن يضم اسمك إلى تاريخ رجالات تونس وهو طموح شرعي لكنه في سن لا تمكن من تحقيق شروطه إلا بحزم لم أره بعد. وتلك هي العلة الأولى لرسالتي.
والثاني أنك على وعي بأن ما عجز عنه سلفاك بورقيبة وابن علي لن تحاوله لكن إشارات السلوك إلى حد الآن تفيد أن السعي لتجنب محاولته ليس بعد ثابت الخطى. وتلك هي العلة الثانية لرسالتي.
ومما شجعني على الكتابة مع ذلك هو أني تيقنت أنك رفضت مقايضة أمن تونس ومستقبل سلمها الأهلية بمساعدة مادية مهما كبرت. فهذا دليل على أنك قضيت بعين الحكمة أنها لا تساوي قطرة دم قد تراق فتكون بداية الانتقال الفعلي إلى الحرب الأهلية الكامنة منذ القطائع المتوالية في نسيج تونس الاجتماعي :
بين بورقيبة والثعالبي
ثم بينه وبين ابن يوسف
ثم بينه وبين الحركة الإسلامية
ثم بين ابن علي والحركة الإسلامية.
وهذا الموقف التاريخي لا ينكره إلا من لا يعترف بالفضل لأهله (حتى لو افترضنا -وهذا مشروع سياسيا- أن الدافع لهذا الموقف ليس هو بالضرورة خلقيا خالصا بل هو نتيجة حساب سياسي ذكي يقارن بين سنك وإمكانية حسم المعركة في أجل معقول). حكمتك جعلتك تدرك حقيقة ما كان يمكن أن يحصل لو قبلت المقايضة وخاصة أخطاره التي لا تقدر.
لذلك فإني اعترف في رسالتي هذه بأنك استعملت لعبة حافة الهاوية للوصول إلى الحكم ولم تكن تقصد الذهاب بها إلى الهاوية. لأنك لو كنت تنوي ذلك أي الذهاب بها إلى المغامرة المصرية لما رفضتها لما أصبحت رئيس البلاد وحظوظ نجاحك فيها أكبر.
وهذه هي العلة الجامعة للعلتين اللتين جعلتاني أكتب لك هذه الرسالة مع التذكير بأمرين:
الأول -ولعلك مازلت تذكره لانه حدث في المجلس التأسيسي- أني قلت لك يوم سلمت الحكم للترويكا بأنك الآن قد دخلت التاريخ من بابه العريض ثم قبلت الخروج من المعترك السياسي من بابه الأعرض : حققت أول مرة في تاريخ البلاد انتقالا سلميا وتدوالا ديموقراطيا للحكم بعد انتخابات ديموقراطية أشرفت عليها وأنجزتها بالمعايير الدولية.
الثاني -وهو متقدم في الزمان على الأول الذي كان في غاية حكمك وهذا كان هو بدايته- هو تأويلي لقصتك عن التارزي الروماني وكسوة خروتشاف. فأنت قصصت هذه القصة يوم عينت رئيسا للحكومة بعد سقوط حكومة الغنوشي الثانية.
وقد قرأت القصة قراءة تبين لاحقا أن تأويلي لها هو عين ما كنت تقصده :
الكسوة هي الإطار القانوني البديل مما كان موجودا قبل الثورة.
فقد ساهمت فعلا في “التفصيل” قبل الترويكا وبعد الترويكا.
نجحت نجاح التارزي الروماني.
والسؤال هو : هل أنت راض عن الثمرة؟
أعتقد أن الهروب وراء المسؤولية الحكومية الأخص (رئاسة الدولة) لترك المسؤولية السياسة الأعم (رجل الدولة) ليس مما يمكن أن يتذرع به أمثالك وقد عايشوا أنظمة تونس الخمسة المتولية لمدة سبعة عقود :
نظام البايات
ونظام بورقيبة
ونظام ابن علي
ونظام الثورة
ونظام الثورة المضادة الذي يفرض عليك الآن -افترض أنك لست راضيا بما يجري- بعد الورطة التي حصلت حتى وإن كان دافعها الأول هو تحقيق التوازن بين طرفي المعادلة التونسية أي نزعة التأصيل ونزعة التحديث.
من هنا لا بد من طرح السؤالين التاليين :
السؤال الأول :
هل أنت مطمئن إلى أن ما أمكن تجنبه إلى حد الآن قابل للتجنب إذا لم تذهب بالسعي إلى التوازن إلى غايته؟
فالتوازن بين النزعتين التأصيلية (الإسلاميون) والتحديثية (العلمانيون) اقتضي من النزعة التأصيلية التحرر من الفصيل الذي اختار التأصيل العنيف.
أما كان ينبغي أن يقتضي كذلك من النزعة التحديثة التحرر من الفصيل الذي اختار التحديث العنيف؟
لكن حزبك الذي لم تعد مسيطرا عليه -وهذا افتراض مني لتنزيهك عن السعي للحرب الأهلية- لم يختر ذلك بل هو عاد إلى الموقف الذي يعتبر الإسلامي وحتى المسلم من حيث هو مسلم تابعا للفصيل الذي حاول الاسلاميون الديموقراطيون تحييده بالطريقتين الممكنتين سياسيا :
التربية والقانون.
السؤال الثاني :
هل أنت مطمئن إلى أن حرب الخلافة على الحكم في حزبك ليست آيلة بعد عمر طويل إلى حرب لا تختلف كثيرا ولعلها أسوأ من حرب الخلافة بعد بورقيبة وكلتاهما بدأت في حياة من تطلب خلافته؟
فالحزب الذي أنشأته ليحقق التوازن بين التحديث والتأصيل هو بدروه ليس متوازنا بل إن التحديث المستبد والفاسد هو المسيطر عليه على الأقل في مستوى القيادات وليس في مستوى القاعدة.
فإلى متى تظل ساكتا ولا تحسم؟
فحجة الرئاسة والاستقالة من الحزب فيها الكثير مما يقال :
المواقف التي تتعلق بآليات الحكم وسلامة الدولة من واجبات رئيس الدولة حتى لو تعلقت بحزبه لأن نسبته إليه حينها تكون إلى فصيل سياسي تونسي مثله مثل غيره وهي حينئذ نسبة واحدة لمنع تخريب الدولة بتخريب قواها السياسية الرئيسية.
فإذا كنت تعتقد أن معركة الخلافة ليست بصدد تحويل هذا الحزب إلى فاشية ستالينية فأنت إذن غير مطلع.
وإذا كنت تعلم ذلك ولم تتدخل بعد فأنت لم تقم بواجب رئيس الدولة واجبه الأول : حماية الدولة والوطن.
لماذا أقول هذا؟
لست بحاجة للتوضيح لمن هو مثلك ولكل رجل دولة :
فإذا لا قدر الله وقع ما أخشاه فتحولت معركة الخلافة في حزبك إلى شق جهازي الحماية في الدولة أي الجيش والأمن-مع التصدع في النسيج الاجتماعي بسبب الثورة وما ترتب عليها- بمفعول مافية تريد الاستحواذ على الحكم ولو بالطريقة المصرية فإن الحرب الأهلية ستكون زلزالا شبيها بما يجري في سوريا.
يتوهم أصحاب المغامرة أن ثوار تونس مثل اخوان مصر.
هم إذن سذج.
ثوار تونس من جنس آخر.
والأخطر الذي أتمنى أن يدركوه هو أنهم بهذا التهور قد يجعلون الثورة في تونس وليبيا وربما في مصر تشتعل مرة أخرى في موجة ثانية متحدة هذه المرة وهي ثورة عارمة لن تبقي ولن تذر.
وستكون مسؤولا أمام الله والتاريخ بأنك تركت الحبل على الغارب للفروخ يلعبون بمستقبل البلاد.
ولعل ذلك هو ما يريده مكر الله أو مكر التاريخ وعلمه عند الله وحده.
فيكون أعداء الثورة هم من بتهورهم يوصلونها إلى الحلول الحدية التي تقطع بجذريتها مع كل الحلول الوسطى التي هي الطريق الأسلم لأنها في الأخير هي ما سيعود إليه الجميع بعد اليأس من التصفية المتبادلة.
فما من ثورة لم تعد بعد هدوء الاضطرابات للتوازنات البراغماتية في تعايش الجماعات البشرية.
والأمر هنا لا يتعلق بالإسلاميين وحدهم بل بكل المواطنين المؤمنين بألا عودة لما سبق الثورة مهما كانت التكاليف. الظن بأن التونسيين سيقبلون بعودة الاستبداد والفساد تحت مفعول الخوف الذي كان سائدا قبل الثورة دليل غباء وسذاجة سياسية.
أما ما الحل فأنت أدرى به مني.
لكني مع ذلك اقترح أن يكون الحل من جنس ما أقدم عليه الصف الثاني صف التأصيل فيحاكيه صف التحديث.
فإذا كان الإسلاميون قد استبعدوا من صفهم من اختاروا التأصيل العنيف فمن المفروض أن يختار صف التحديث الذي تحمل شعاره استبعاد من اختاروا التحديث العنيف.
والاستبعاد ليس استثناء مطلقا من إمكانية المشاركة السياسية بل هو فرز غايته جعل هذين الخيارين التأصيل والتحديث العنيفين يرجعان إلى السياسة بمنطق المشاركة الديموقراطية التي تحتكم لرأي الشعب وليس للفرض عليه إما بالإرهاب المادي أو بالإرهاب الرمزي.
وهذا الحل الذي اقترحه هو ما دعوت إليه منذ أن قبلت المشاركة في العمل السياسي بعيد الثورة.
فتونس لن تستقر ولن تصبح قابلة للتسيير الديموقراطي السلمي إلا إذا خرجت من سبب الحرب الأهلية سببها الذي حكمها منذ الثلاثينات.
لا بد من الصلح بين الثعالبية (التأصيل) والبورقيبية (التحديث).
ولا بد من جعل التطرفين في النزعتين اللتين لا يمكن تصور بلد عربي ومسلم خاليا منهما يترشدان بالتدريج حتى ينضما إلى العمل السياسي السلمي.
ولهذه العلة كنت منذ الأيام الأولى بعد الثورة أدعو إلى جعل المصالحة مناخ المحاسبة حتى لا تتحول الثانية إلى سلسلة من المؤامرات التي لا تنتهي منعا لها فتصبح المصالحة من ثم مستحيلة التحقيق".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.