طالب دكتوراه يتهم جامعة تونس بمنعه من مناقشة أطروحته... والجامعة توضّح الأسباب    الغرفة الوطنية لصانعي المصوغ تدعو الشباب إلى الإقبال على شراء الذهب    ألمانيا.. مصادرة أكثر من 11 ألف ماسة من أحد المسافرين في مطار فرانكفورت    ماذا قال ترامب عن ظهوره في صور جيفري إبستين؟    إيران تصادر ناقلة نفط أجنبية على متنها 6 ملايين لتر من الديزل المهرب في بحر سلطنة عُمان    طقس اليوم: ضباب صباحا وارتفاع في درجات الحرارة    ولاية تونس :جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 14 لمعرض "مدينة تونس للكتاب" من 18ديسمبرالجاري الى 4 جانفي القادم    البحث عن آفاق جديدة للشراكة التونسية الجزائرية في مختلف المجالات ذات الأولوية محور جلسة عمل بين وزير الفلاحة ونظيره الجزائري    تنديد عربي وإسلامي بهجوم إسرائيل على "الأونروا"    قبلي ..انتعاشة سياحية في العطلة المدرسية و آخر السنة الإدارية    احتضنه رواق «قمّودة» بالمعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد ... «بيروسيس»: معرض جديد للفنان التّشكيلي الدّكتور أحمد نصري    من زاوية أخرى...كثر اللغو واللغط حوله أتركوا نور الدين بن عياد ينام في سلام    الإطاحة بشبكة دولية للقمار الإلكتروني واصدار بطاقات إيداع بالسجن..#خبر_عاجل    توزر ...بمعرض للصناعات التقليدية ..اختتام حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة    الليلة وصباح الغد: ضباب كثيف يتسبب في انخفاض مدى الرؤية الأفقية    في لقاء تكريمي بالمنستير.. محمد مومن يبكي ويرد على وصف الفاضل الجزيري ب "النوفمبري"    وزير الدفاع في زيارة تفقّد إلى الإدارة العامة للصحّة العسكرية    فيديو - وزير الاقتصاد : الدورة 39 لأيام المؤسسة تركّز على التحوّل التكنولوجي ودعم القطاع الخاص    عاجل: اليوم تنتهي الآجال الدستورية لختم رئيس الجمهورية لقانون المالية    الديفا أمينة فاخت تحيي سهرة رأس السنة بفندق Radisson Blu    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    مجموعة رائدة في صناعة مستحضرات التجميل تختار الاستثمار في بوسالم    حبس 9 سنين لمروج المخدرات في المدارس    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    عاجل: جامعة كرة القدم توقع اتفاقية استشهار استراتيجية مع MG Motors    وزارة البيئة تعلن عن فتح باب الترشحات لتقديم مبادرة فنية رياضية مسرحية ذات الصلة بالبيئة    النوم مع ال Casque: عادة شائعة ومخاطر خفية    فريق كبير ينجح في إستخراج 58 حصوة من كلية مريض    صادم: أجهزة منزلية تهدد صحة الرئتين    كاس امم افريقيا (المغرب 2025): افضل هدافي المسابقة عبر التاريخ    عاجل/ منظمة الهجرة الدولية تحذر من تعرض النازحين في غزة للخطر وسط منع دخول إمدادات الطوارئ..    31 ديسمبر 2025: انطلاق موسم تصدير البرتقال المالطي إلى فرنسا    الألعاب الأفريقية للشباب – لواندا 2025: تونس ترفع رصيدها إلى 5 ميداليات برونزية    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    كأس القارات للأندية: فلامنغو البرازيلي يواجه بيراميدز المصري في نصف النهائي    عاجل: قبل الدربي بيوم..لاعب الترجي يغيب عن المُقابلة والسبب ''عُقوبة''    وزير الإقتصاد: سيتمّ حذف مجموعة من التراخيص    جمعت تبرعات لبناء جامع...تفكيك عصابة تدليس وتحيل وحجز أختام وبطاقات تعريف    قابس: تركيز الشباك الموحد لتوفير مختلف الخدمات لفائدة حجيج الولاية    الرابطة الأولى: مستقبل المرسى يتربص بالمنستير.. و3 وديات في البرنامج    قضية عبير موسي..هذه آخر المستجدات..#خبر_عاجل    عاجل: هذه حقيقة الوضع الصحي للفنانة ''عبلة كامل''    3 ميداليات برونزية لتونس في اليوم الثاني لدورة الألعاب الإفريقية للشباب بلوندا    وزير الإقتصاد: حقّقنا نتائج إيجابية رغم الصعوبات والتقلّبات    حاجة في كوجينتك فيها 5 أضعاف الحديد الي يحتاجه بدنك.. تقوي دمك بسهولة    هجوم سيبراني يخترق ملفات ل "الداخلية الفرنسية"    رقمنة الخدمات الادارية: تحقيق نسبة 80 بالمائة في افق سنة 2030    جدول مباريات اليوم الجمعة في كأس العرب ..التوقيت القنوات الناقلة    طقس اليوم: ضباب كثيف في الصباح والحرارة في استقرار    عاجل/ جريمة مدنين الشنيعة: مصطفى عبد الكبير يفجرها ويؤكد تصفية الشابين ويكشف..    القطاع يستعد لرمضان: إنتاج وفير وخطة لتخزين 20 مليون بيضة    ولاية واشنطن: فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية    زلزال بقوة 6.5 درجة قبالة شمال اليابان وتحذير من تسونامي    في اختتام المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري ..وزير التجارة يؤكد ضرورة إحداث نقلة نوعية ثنائية نحو السوق الإفريقية    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    عاجل: تسجيل الكحل العربي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَنْ يُلمْلِمُ شُرُوخَ الذّاكِرَة.. ؟؟
نشر في حقائق أون لاين يوم 15 - 04 - 2016

تَسَعُ الذاكرة الانسانية تفاصيلَ الحياة والأثرَ البشري بكل تفاعلاته الإبداعية منها والحياتية العادية، والذّاكرة فسحة حالمة ممتدة على تخوم الذات، و هي مساحة رمزية عابقة بالفعل الإنساني في أسمى معانيه، وحفظ الذاكرة هو حفظ للذات الإنسانية، وتكريم للأثر الإنساني في مختلف تشكلاته وتعبيراته الفنية منها أو تفاعلاته الحياتية في معيشه اليومي.. الذاكرة رسوم ذهبية ونقوش محفورة لا تمحوها الأيادي العابثة.. من يعتدي على ذاكرته هو كمن يفقأ إحدى عينيه بإصبعه.. ومن يصمت على تلك الأفعال أو يعبّد المسالك الوعرة لتهريب صفحات ناصعة من ذاكرتنا الجماعية هو كالخائن الذي ينصب الكمائن لجيش بلاده وهو في ذروة الحرب مع عدو شرس.
إلى زمن ليس بالبعيد كانت تجارة الآثار ممارسة تحتكرها فئة معلومة بمباركة من جهات نافذة في الدولة.. تجارة يعلم اغلب التونسيين أنها جُرم في حق الوطن وأبنائه.. واليوم يُسرق الوطن مرتين.. وتُنتهك ذاكرته في اليوم مرات ومرات.. كيف نحمي ذاكرتنا من السرقة ونحن لا نعرف قيمة الذاكرة ولا نعي قيمة التاريخ ولا نعتدُّ به كما تفعل الأمم الأخرى.. نحن شعب للأسف نعيش اللحظة.. نركب الجواد الرابح.. ولا نتّعض من الكبوات والهفوات.. نحن شعب نرمي بتاريخنا وراءنا نتنكر بسهولة لماضينا.. تاريخنا مشوّه أو شبه محرّف.. من يضعه التاريخ في الربوة يُغرِق السّهل في مستنقع النسيان.. لم نتعلم من تاريخنا و محافله ومآثره.. عدا ما دوّنه المؤرخون الموضوعيون المنفلتون من عقال السلطة التي وظفت وما تزال التاريخ و مختلف محطاته لفائدتهامازال السجال قائما حول تفاصيل الحركة الوطنية.. و الحركة اليوسفية.. ومتا زلنا نتساءل مالذي فعله بورقيبة بالبقية ولماذا برز هو دون سواه.
تدرجُ التحويرات و التنقيحات على برامج التاريخ في المعاهد لإرضاء نزعات سياسية سليطة حتى على أحداث التاريخ فتم تعويم عديد الأحداث الوطنية في تاريخ تونس وتشويهها احيانا لأنها تدور حول الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.. محطات طُمست وأخرى شُوهت بسبب اشخاص نختلف معهم.. فهل سينساهم التاريخ كما تناسيناهم ؟؟ أبدا التاريخ لا يحفل بنزعات بعضنا وأهوائنا.. التاريخ أمين ولا يتفاعل مع الأمزجة بل يتفاعل مع الأحداث وتأثيراتها.
اليوم يتم بشكل مقصود أو عفوي القفز على مراحل أخرى من تاريخ تونس فهناك من انتهك الحركة النضالية الوطنية لعدد من التونسيين لاختلافه معهم سياسيا أو إيديولوجيا.. وهناك من قزّم الأشخاص والجماعات لأنه لا يتفق معهم في بعض الجزئيات.. وهناك من رفض الاعتراف بالبناء التراكمي للدولة ونسف كل ما تحقق أو سيتحقق من مكاسب لان له مشروع مختلف.. يحدث هذا ويصدر من نخب اختلط في ذهنها السياسي بالثقافي بالتاريخي.. فكيف نلوم من يتجرأ على متحف ويتسوّره لأجل السرقة ؟؟ أو من ينبش في الذاكرة الوطنية و يبحث عن الآثار والمقابر في ظلام الليل بحثا عن كنز للاتجار به ؟؟ لست في موضع تبرير هاته الأفعال التي يجرمها القانون و ينبذها الجميع.. من يسرق المتاحف و الآثار لا يعلم انه عندما يسرق تحفة أو تمثالا فقد سرق شعبا بكامله وشوّه وجه الوطن المشرق..هو لا يرى في تلك القطعة إلا وجهها المالي.. وقد يبيعها بأبخس الأثمان لأن الذاكرة لا تقاس بثمن..لو علم هذا المتنكر لذاكرته المغرَّر به انه يسرق وطنا ما فعل ؟ لو تشبّع بتاريخ بلده وعشّشت في زوايا ذاكرته بدءا بالقرطاجنيين وصولا إلى الدولة الحسينية لما تجرّأ على النبش في الذاكرة الحيّة ولما سرق الأحلام والأعلام واللحظات الناعمة في تاريخ تونس.
في بلد تنهب متاحفه و تسرق آثاره لا يمكن ان نتحدث عن التاريخ بل نتحدث عن العهود والازمان التي تمر كمرور القطار على المحطات لا يترك فيها اثرا غير ضجيجه او بعض المسافرين الذين يلقيهم على قارعة المحطة ويمضون الى مواطنهم.
على النخب و المجتمع المدني وفواعل المجتمع والدولة أن تحرس الذاكرة بإعطاء التاريخ حقه وتحييده عن المماحكة الايديولوجية والسياسية فلكل محطّة ولحظة تاريخيّة في تونس ظروفها الموضوعية المحيطة.. ومن حق كل تونسي ان يعرف ما جرى وما يجري في وطنه.. إن اجتثاث أي مرحلة من تاريخ تونس من سياقها هو إنبتات لشعب كامل.. عندما نعرف جيدا تاريخنا ونحفره في الذاكرة، سيرتاح حُراس المتاحف وسنحرس ذاكرتنا بسلاح المعرفة والوعي بأهمية تراثنا.. لأن في كل حجر من متاحفنا صورة لنا وفي كل أحفورة رمزية تدفعنا كَرْها للوقوف دونها والنهب والإتلاف.. أعطونا شعبا يعرف تاريخه.. أعطيكم متحفا بلا عسس في كل قرية ومدينة... قد أكون حالما لاني تناسيت شبكات مغالية في الحنق واللهفة على المادة حتى على حساب رحيق الوطن وهي عصابات المتاجرة بالآثار.. لكنى اعلم جيدا أن هاته العصابات أذرعها طويلة وتوظف بعض الأيادي التي هي بيننا تمتد لتسرق حلم أبنائنا.. فلنقف دون هؤلاء من أجل تونس ومن أجل غدها الناهل من ماضيها العميق... ولنحميها ممّن يحاول سرقة ماضيها وممن يحيك الدسائس لحاضرها ولربما لمستقبلها أيضا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.