تم اليوم الاربعاء 1 جوان 2016 تنصيب تمثال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بالشارع الرئيسي للعاصمة بعد جلبه من حلق الوادي، ولاختيار هذا اليوم بالذات لتدشين النصب التذكاري دلالة رمزية تاريخية يحدثنا عنها المؤرخ والمحلل عبد اللطيف الحناشي. وأشار الحناشي إلى أن تاريخ 1 جوان يصادف "عيد النصر" غرة جوان 1955" حيث كان يحتفي به رسميا وشعبيا في العهد البورقيبي باعتباره عيدا وطنيا رسميا ثم تم حذفه نهائيا من قائمة الأعياد الوطنية وأصبح يوم عمل كغيره من الأيام العادية بقدوم النظام النوفمبري بدعوى أنه يمثل حدثا شخصيا، كما قام نفس النظام بإزالة تمثال بورقيبة من وسط العاصمة وحوّله إلى ضاحية حلق الوادي وركّز مكانه ساعة عملاقة. وتابع محدثنا بالقول إن يوم 1 جوان الذي أطلق عليه صفة "عيد النصر" يوافق عودة الزعيم الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن من منفاه الفرنسي الذي دام 3 أعوام و5 أشهر (من 18 جانفي 1952 إلى 31 ماي 1955 ) بعد انتهاء المفاوضات التونسية الفرنسية "العسيرة"بصفة رسمية وهي المفاوضات التي أشرف عليها الزعيم الحبيب بورقيبة بشكل غير مباشر وبشكل غير رسمي وقد واجهت هذه المفاوضات معارضة مكثفة وشديدة من قبل الأوساط الاستعمارية الفرنسية في تونس... وأوضح المؤرخ عبد اللطيف الحناشي أن المعارضة امتدت لبعض الأوساط الوطنية التونسية التي اعتبرت الاستقلال الذاتي خطوة إلى الوراء غير أن هذا الاتفاق يبرز نجاح إستراتيجية بورقيبة في النضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، معتبرا أن هذا الاتفاق نقطة ارتكاز لانطلاق استقلال تونس التام وبناء الجمهورية والدولة الحديثة. وبين الحناشي أن ارتباط الحدث برجوع الزعيم الحبيب بورقيبة من منفاه فهذا لا يعني أن المسألة ذات طابع شخصي بحت بل هي جزء من ذاكرة نضال الشعب التونسي التي يمثل الزعيم بورقيبة الى جانب الشيخ الثعالبي وفرحات حشاد وصالح بن يوسف أحد أهم رموزها ولا شك أن بورقيبة هو من أكثر الزعماء الوطنيين الذين صمدوا أمام التعسف الاستعماري من (عقوبات إدارية وقضائية والسجن والإبعاد الداخلي والنفي الى خارج الوطن والخطايا المالية). ما دلالة ارجاع النصب التذكاري لبورقيبة في هذا التاريخ وفي هذا الظرف الذي تمر به تونس ما الذي يقصد السبسي من وراء هذه الخطوة: دلالات عديدة منها: - وعن دلالات إرجاع النصب التذكاريلا إلى مكانه بالشارع الرئيسي بالعاصمة وهدف السبسي من هذه الخطوة أفاد عبد اللطيف الحناشي أن إعادة التمثال هو رد اعتبار لشخصية الزعيم بورقيبة ولنهجه السياسي وللمكاسب المختلفة التي تحققت في عهده. وأضاف أنها تعتبر أيضا محاولة كسب قطاع هام من الدستوريين وحركة للتعبير عن رفض السبسي لمنظومة السابع من نوفمبر الفكرية والسياسية فضلا عن طمأنة أصدقاء بورقيبة في الخارج للمحافظة على التراث الفكري لهذا الرجل. أما بخصوص الأطراف السياسية التي رحبت بهذه الخطوة والتي تعرضها، قال الحناشي إن دائرة معارضة هذه الخطوة قد ضاقت إلى حد بعيد بعد الثورة وأصبحت هامشية جدا وخاصة بعد إقرار الدستور الجديد وبعد تثبيت الهيئات الدستورية المختلفة ومراجعة حركة حزب النهضة لمواقفها ورؤيتها من دولة الاستقلال ورموزها والتراث الوطني التونسي. وتابع بأن الأطراف المعارضة تنحصر في المجموعات المتشددة دينيا أو بعض الأطراف السياسية التي لا تشكل وزنا اجتماعيا وسياسيا إلى جانب بعض الشخصيات ذات المرجعية الإسلامية أو القومية وبعض الحقوقيين الذين يطالبون بانتظار انتهاء العدالة الانتقالية من انجاز مهامها. وجدد محدثنا في هذا السياق دعوته بضرورة وجود هيئة علمية مستقلة لصياغة رؤية جديدة لتاريخ تونس المعاصر على أسس علمية وموضوعية بعيدة عن التجاذبات السياسية والأيديولوجية الآنية.