شهدت مدينة نيس الفرنسية مساء أمس الخميس هجوما أسفر عن مقتل 84 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين، نفذه شاب تونسي يدعى "محمد لحويج بوهلال" من مواليد 31 جانفي 1985، مقيم بفرنسا. وهو معروف لدى الأمن والقضاء الفرنسيين بتهم تتعلق بالاعتداء، كما انه طرد من عمله ولديه مشاكل عائلية، علماً وان اسمه غير وارد لدى الاستخبارات الفرنسية كمتطرف ديني، ولم يتمّ إلى الآن التأكد مما إذا كان ينتمي إلى تنظيم إرهابي أو لا. وفي هذا السياق، بيّن المؤرخ والأستاذ الجامعي عبد الجليل بوقرة انه بالنسبة إلى عملية نيس فقد جاء في شهادة شقيق منفذ الهجوم ان محمد بوهلال لم يكن يصلي ولا يصوم، كما أنه غير معروف بالتزامه الديني. واستدرك بوقرة بالقول، في تصريح لحقائق أون لاين اليوم الجمعة، ان هذا لا ينفي ان الحركات الإرهابية أصبحت تعتمد في بعض عملياتها على أشخاص لا يُعرف عنهم التشدد الديني أو حتى الالتزام الديني لإبعاد الشبهات وضمان "نجاح" عملياتهم الإجرامية، حسب تعبيره. وأكد انه لا يمكن في الآن ذاته التسرع في الحكم على هذه العملية لأن الأبحاث لازالت جارية مشيراً إلى انه قد يكون قام بما قام به نتيجة مشاكل عائلية وأزمة نفسية خاصة ان المنظمات الإرهابية المعروفة بارتكابها لمثل هذه العمليات لم تتبنّ إلى الآن هجوم نيس. ورداً على سؤال يتعلق بتبرؤ المؤسسات الدينية من هذه الأعمال، اعتبر محدثنا ان ذلك هو محاولة من هذه المؤسسات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه باعتبار انهم من جهة يندّدون رسمياً بمثل هذه العمليات في بيانات متشابهة تستعمل صيغة معروفة ومكرّرة ، ومن جهة أخرى يشرّعون في خطبهم ودعاويهم للتطرف والتعصب الديني والعنف والعداء للآخر تحت مسميات من نوع "الجهاد" و"الإسلام في خطر"، إلخ، على حدّ قوله. وأضاف ان هذه المؤسسات تشكّل في الواقع مطاراً تقلع منه الحركات الإرهابية في حين ان المطلوب الآن رجال دين لهم من المعرفة وعمق الثقافة والدراية بالأديان المقارنة والحضارات المقارنة ما يكفي حتى يتجرؤوا على إنجاز الإصلاح الديني المطلوب منذ حوالي قرنين. وختم عبد الجليل بوقرة بالتأكيد على انه دون ذلك لا يمكن تحقيق أي إصلاح جوهري للمجتمعات الإسلامية ولنمط تفكيرنا وستستمرّ الأعمال الإرهابية بأكثر عنفا وشراسة وستحرق نيرانها كلّ البلدان وسيتحوّل أي شخص مسلم إلى شخص مشبوه يحتاط منه كلّ العالم.