وجّه وزير العدل، الأستاذ نورالدين البحيري انذارا لمساعد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بباجة «من أجل إخلاله بواجباته المهنية» هذا القرار أثار جدلا كبيرا لدى القضاة والمحامين، واعتبره شق كبير بأنه مدخل من مداخل المساس باستقلالية القضاء، فهل هو فعلا كذلك؟ القرار صدر بتاريخ 17 أفريل 2012 وجاء فيه «يوجه إنذار للسيد ماهر جريري مساعد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بباجة من أجل إخلاله بواجباته المهنية» هذا القرار يعود الى واقعة جدّت بمحكمة باجة الابتدائية يوم 12 مارس 2012 اذ تعمّد شخص الدخول الى مقر المحكمة حاملا يافطة كتب عليها اسم قاض بانه «يناشد الرئيس المخلوع وبعد الجلسة يحكم على المتهمين». حسب مصادرنا فإن وكيل الجمهورية طلب من هذا المواطن الخروج والابتعاد عن المحكمة، الا ان القاضي المعني طلب من مساعد وكيل الجمهورية القيام بالاجراءات القانونية نظرا الى وقوع جريمة. مساعد وكيل الجمهورية السيد ماهر جريري، فتح تحقيقا في القضية، وعهد الأمر الى احدى الفرق الأمنية للقيام بالتحريات وتمت احالة المتهم بحالة تقديم. ويشار إلى أن احضار المتهم بحالة تقديم يعني إحالته مع محاضر البحث. الاحالة تمت يوم ثلاثاء وهو اليوم الذي يتزامن مع انعقاد جلسة يحضرها مساعد وكيل الجمهورية باعتباره ممثلا للنيابة العمومية. وحسب نفس المصادر فإن وكيل الجمهورية لم يبت في محضر إحالة المتهم. الأمر الذي جعل المساعد يبت بنفسه في الموضوع ويقرر إصدار بطاقة ايداع بالسجن ضد المشتبه به. يوم الجمعة 17 فيفري توجه وكيل الجمهورية بسؤال لمساعده لماذا لم يستشره عندما فتح بحثا في القضية وعندما اصدر بطاقة ايداع بالسجن ضد المتهم. مع الاشارة الى أن الفصل 10 من مجلة الاجراءات الجزائية ينصّ على أن مباشرة الضابطة العدلية يباشرها وكلاء الجمهورية ومساعدوهم، بمعنى ان مساعد وكيل الجمهورية ليس مطالبا باستشارة وكيل الجمهورية في اثارة الدعوى او إصدار بطاقة ايداع بالسجن. يوم 18 فيفري توجه مساعد وكيل الجمهورية والقاضي المتضرر والتقيا وزير العدل الأستاذ نور الدين البحيري وعرضا عليه الموضوع حول طريقة تعامل وكيل الجمهورية مع مساعده. المساعد قال إن البحيري أبلغه بأنه «لا يمكن له تجاوز عرفه». وكيل الجمهورية قدّم شكواه الى وزارة العدل وقامت الوزارة بعملها الإداري وقررت في النهاية انذار مساعد الوكيل من أجل الاخلال بالواجبات المهنية. وقال المساعد ل «الشروق» إن للانذار استتباعات سياسية اذ انه حتى في ظل غياب التعليمات من وزير العدل فإن الرسالة تفيد بأنه على القاضي ان يستشير عرفه. وقال إنه ليس هناك نصّ قانوني ينصّ على أن المساعد يستشير الوكيل. المساعد رفض الانذار الذي وجهه اليه وزير العدل ورفع دعوى لدى المحكمة الادارية في مادة تجاوز السلطة، واعتبر ان قرار وزير العدل هو تدخل في القضاء وعمله ومس من استقلاليته وقال «وزير العدل يتدخل في الصلاحيات القضائية لأنني اتخذت موقفا من محضر دون استشارة رئيسي في العمل.. إنها رسالة الى كل القضاة» وقال إن خطورة الأمر في معاقبة قاض بسبب عمله وهذا ما يذكر بالنسبة الى المتابعين لهذه القضية بما كان سائدا سابقا. انذار وزير العدل لمساعد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بباجة أثار القضاة والمحامين وصدرت البيانات المندّدة واعتبر المحامي المنذر الذيب الناشط في دائرة قضاء محكمة باجة ان ما وقع «لا يختلف عن المنظومة التي قامت الثورة ضدها». وعبّر عدد هام من المحامين عن مساندتهم للقاضي كما استنكر قضاة محكمة باجة الخطوة التي أقدمت عليها وزارة العدل اما جمعية القضاة فلقد ندّدت بما جرى وعبّرت عن مساندتها لمساعد وكيل الجمهورية وطالبت الوزير بالتراجع عن الانذار الذي وجهه الى زميلهم. هذه القضية جعلت العديد من المراقبين والمحامين القضاة يدقون ناقوس الخطر حول التدخل في عمل القضاة والمساس من استقلالية قرارهم وعملهم القضائي