صياغة الدستور في مرحلة الانتقال الديمقراطي ، والأحكام العامة التي يجب أن ينطلق منها الدستور القادم هي أحد أبرز الانشغالات التي أثارتها الندوة الفكرية التي انتظمت صباح يوم الأربعاء بالعاصمة ببادرة من مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية والمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات وقد ضمت الندوة العديد من الأكاديميين والباحثين في الشأن الدستوري وتوزع خلالها الحوار في شكل نقاش عام حول استحقاقات المرحلة الانتقالية وهواجسها. ويمثل الدستور حسب محسن مرزوق رئيس مركز الكواكبي جملة من النصوص والقواعد التي تلخص "حالة تسوية حضارية وثقافية وقانونية بين جميع التيارات المشكلة للمشهد الوطني" وقد تخلق فترة صياغة الدستور وضعية من التوتر لا يكون خلاصها إلا بالحوار والنقاش الموضوعي مقترحا "كإجراء عملي" مواصلة عمل لجنة الخبراء في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة داخل المجلس الوطني التأسيسي. وفي نفس السياق يرى المدير الإقليمي للمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات ايمن أيوب أن الديمقراطية المستدامة " لا تتحقق إلا إذا أتت من رحم الشعوب" وأن الحل في المرحلة الانتقالية هو ترسيخ "عقد اجتماعي جديد بين مواطنين متساويين..يقوم على مبدأ المشاركة". وقد طرح خلال هذا اللقاء رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي عياض بن عاشور جملة من التصورات النظرية التي تقطع مع المرحلة الماضية وتعطي دورا أكبر للمجتمع المدني وذلك بالتأكيد على ضرورة احترام هوية الشعب وإرساء نظام سياسي ودستوري متوازن. "فالدستور ليس مجلة قانونية ...ولا بد أن يتوخى الاقتصار على المهم والأهم... ولا يعقل أن تكتب دساتير بمئات الفصول" هذا ما طرحه بن عاشور في شكل تصاعدي، مؤكدا قناعته بضرورة وضع هيكل يسمى "هيكل قضاء الدولة" يجمع محكمة دستورية تراقب التجاوزات ومحكمة إدارية تنظر في حسن القرارات الإدارية وأخرى مالية تراقب التصرف المالي. وبين عياض بن عاشور أن الحل في المرحلة القادمة هو تأسيس "دولة الحق" كفلسفة مثلى للانتقال الديمقراطي وكمنهجية تقدمية تخرج "الشعب من حالة العتمة " التي كانت ميزت المرحلة السابقة. وتحدث بن عاشور كذلك عن ضرورة التعرف مستقبلا على أجور المسؤولين الكبار في الدولة من رئيس جمهورية ووزراء ومدراء عامين معتبرا ذلك إجراء أخلاقيا يحمي الأموال العمومية من التلف والإهدار.