بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحامدي : سنفوز في الانتخابات القادمة... وهؤلاء سيكونون في الحكومة موضوع مميز
نشر في أنفو بليس يوم 15 - 02 - 2012

كيف ينظر لتطورات الوضع السياسي في تونس؟ وما هي رؤيته لتطوّر الأوضاع أشهرا بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي؟ وما هي برامجه وبرامج تيار العريضة الشعبية التي كانت رقما مميزا خلال الانتخابات الأخيرة؟
الحديث مع الهاشمي الحامدي مغر جدّا على الدوام بما فيه من طلاقة وانسيابيّة وتطرّق إلى العديد من المسائل والمواضيع ذات الصلة بالشأن الوطني وآفاق تطوره المستقبليّة وفهم ما يعتمل وسط الحياة السياسية من جدل واختلافات وتباينات في الرأي والرأي المخالف.
بداية..كيف كانت فكرة العريضة الشعبيّة؟ وكيف تقرؤون واقعها اليوم؟
شكرا جزيلا لجريدة «الشروق» الغراء على إتاحة الفرصة لي للحديث إلى قرائها الكرام. كما تعلمون، كنت أعلنت يوم 3 مارس 2011 عن العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية بعد تشجيع من عدد من المحبين والأنصار وحثهم لي على الترشح لرئاسة الجمهورية. وكنت أول من أعلن نيته المشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بقوائم مستقلة تدافع عن برنامج العريضة، كمبادرة وطنية مستقلة تعمل كتيار وغير مهيكلة في حزب. أعلنت نيتي هذه منذ يوم إعلان العريضة، ثم أكدت الأمر رسميا في الصحافة التونسية يوم 18 مارس 2011.
وعندما باشرت العمل الميداني مع أنصاري المؤمنين بمبادئ العريضة، اكتشفت الحاجة لحزب مرخص له للعمل بشكل قانوني لتسهيل نشاطنا الميداني. فقررت تكوين حزب يكون أداة من أدوات تيار العريضة الشعبية، وهو تيار شعبي واسع وعريض. طلبت من عدد من أنصاري المساعدة في تأسيس الحزب فوافقوا بحماس. قدمنا في البداية طلبا بتأسيس حزب باسم «الحركة الشعبية المستقلة» لكن الطلب رفض لأسباب إجرائية. فقدمنا طلبا ثانيا باسم «حزب المحافظين التقدميين»، وتم قبول الطلب بفضل الله. وكان أمينه العام يوم تقديم الطلب الأخ العزيز اسكندر بوعلاقي النائب بالمجلس التأسيسي عن تيار العريضة الشعبية في سوسة، ونائبه شقيقي الأخ العزيز محمد الحامدي. بعد ذلك استقال الأخ اسكندر وآلت الأمانة العامة للشاعر الحضري المحمودي. ثم استقال الأخ المحمودي قبل فترة لأسباب صحية، وأصر على الاستقالة، فتم انتخابي أمينا عاما. وأؤكد هنا أن الأخ المحمودي يواصل عمله في صفوف الحزب بحماس، ولا توجد أي مشاكل على الإطلاق في علاقته بي أو بأعضاء الهيئة التأسيسية للحزب.
كيف يكون الحزب محافظا وتقدميا في ذات الوقت؟
عند اختيار اسم الحزب، كان علينا أن نختار اسما لم يتم استخدامه من قبل أكثر من ستين حزبا حصلت على الترخيص القانونية قبلنا واستخدمت أشهر التسميات الحزبية في الساحة التونسية. وبما أن الإسم الأول الذي قدمناه «الحركة الشعبية المستقلة» لم يعد صالحا للمطلب الجديد فقد اخترت اسم «المحافظين التقدميين» متأثرا بتجربة السياسة البريطانية وتراث حزبيها الكبيرين: المحافظون والعمال.
عبارة المحافظين تعني أن حزبنا يعتز بالهوية العربية الإسلامية لتونس ويدافع عنها بإخلاص، وأنه أيضا يلتزم بدعم مؤسسة الأسرة كنواة أساسية لضمان استقرار المجتمع. وعبارة التقدميين تعني أننا حزب اجتماعي يساري بالتصنيفات التقليدية، لأننا ننحاز للفقراء والزواولة وندافع عن حق كل تونسي في الصحة المجانية، وحق العاطلين عن العمل في منحة البطالة، وحق كبار السن في التنقل المجاني. هذه السياسات تجعل من حزبنا حزبا تقدميا.
وبطبيعة الحال، فقد عبر برنامج الحزب عن برنامج العريضة الشعبية، التي هي الأصل، والحزب فرع منها وأداة من أدوات تيارها.
تقول إن العريضة هي الأصل. ها قد مضى عام تقريبا على إعلانها. ما هي أهم محطات مسيرتها خلال العام الأول من نشاطها؟
أعلنت عن العريضة يوم 3 مارس 2011 بعد نقاش مع عدد من الأنصار تم بثه على الهواء مباشرة في قناة المستقلة، ومطالبات عدد كبير منهم لي بالترشح لرئاسة الجمهورية. أعلنت عن العريضة في ذلك اليوم، وأعلنت نيتي المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي، وطلبت من أنصاري الأولين جمع التوقيعات لها في المدن والأرياف التونسية فكان التجاوب معها مشجعا للغاية. بناء على ذلك أكدت وأعلنت رسميا في 18 مارس للصحافة التونسية انني سأرشح قوائم مستقلة تدافع عن برنامج العريضة الشعبية في انتخابات المجلس التأسيسي. وفي 3 أفريل نشرت في الصحافة التونسية مقالة بعنوان «أفكار للمستقبل عن الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية» وضعت فيها البنود الأساسية المفصلة لبرنامج العريضة.
شرعت في التنسيق مع الأنصار الذين كانوا يتفاعلون مع ما أطرحه في قناة المستقلة من آراء ويتصلون بي هاتفيا وعبر البريد الالكتروني والفاكس. تدريجيا، نما عدد الأنصار وأصبحوا تيارا كبيرا في الساحة، ومنهم اخترت القائمات المترشحة في الانتخابات. في 12 جويلية 2011 عقد في قريتي الصغيرة «الحوامد» بولاية سيدي بوزيد اجتماع شارك فيه ما يزيد عن 150 من أنصار العريضة في 14 ولاية، وأجيز بالإجماع نص ومحتوى النشرية أو المطوية الشهيرة التي جرى توزيعها على المواطنين في الصيف الماضي. في الأسبوع الأول من سبتمبر قدمنا قوائمنا الانتخابية، وقد كتبت برنامجها الانتخابي، وقدت حملة إعلامية مشهورة لتعريف المواطنيين ببرنامجنا.
وبالرغم من التعتيم الإعلامي الكبير الذي سلط علينا ظلما داخل الساحة التونسية، فقد حققنا نجاحا كبيرا بحصولنا على المركز الثاني من جهة الأصوات، والمركز الثالث من جهة المقاعد. هذا انتصار كبير نحمد الله عليه، وبه إن شاء الله نؤسس لانتصار أكبر في الانتخابات المقبلة بعون الله.
حصلت انشقاقات في تياركم أيضا خلال هذه الفترة. أليس كذلك؟
حصلت انشقاقات، نعم، وحصل مثلها في تيارات أخرى. وفي نفس الوقت بقي معنا عدد معتبر من نواب العريضة الشعبية، ومن هذا المنبر أحييهم وأدعو لهم بكل خير. وبقيت الأغلبية الساحقة من نشطاء تيار العريضة الشعبية معي قلبا وقالبا. كلنا كتلة واحد تعمل من أجل مرضاة الخالق عز وجل وعز تونس ومجدها.
ما أسباب هذه الانشقاقات وكيف أثرت على عملكم؟
قبل ظهور نتائج الانتخابات كان الجميع يعمل معي في تيار العريضة الشعبية بانسجام ومحبة. إذا كان البعض يبيت نية سيئة منذ ما قبل الانتخابات فإنه لم يعلن عن هذه النية أبدا قبل ذلك، لأن الجميع خاض الانتخابات ببرنامجي وبالتعهد الرسمي بترشيحي رئيسا للجمهورية. لقد تلقيت تصاريح الشرف وطلبات الترشح من جل الراغبين في الترشح ضمن قوائم العريضة الشعبية، وهم وافقوا على بنود العريضة، وعلى الدفاع عن برنامج العريضة كتيار وطني، بما في ذلك ترشيحي لرئاسة الجمهورية في المجلس التأسيسي. وأذكر أنني جمعت جميع رؤساء القوائم الممثلة للعريضة الشعبية يوم 11 سبتمبر في صفاقس، وأشرفت على الاجتماع بخدمة «سكايب» الهاتفية المصورة وكنا كتلة واحدة متحدة.
وبصراحة شديدة، يصعب كثيرا أن يصدق الناس أنني تغيرت فجأة بعد الانتخابات وأصبحت إنسانا آخر مباشرة بعد ظهور النتائج، بما يبرر لكثير من الذين عملوا معي وتحت قيادتي الإنشقاق عن تيار العريضة الشعبية.
أنت لا تنكر أن عددا منهم انقلب عليك بعد الانتخابات؟
ها أنت سألت وأجبت في نفس الوقت. قلت «بعد الانتخابات». أي بعد أن ظهرت مكاسب ومغانم أنست بعض الناس كل العهود والمواثيق وأغرت بنا بعض الأحزاب الغنية التي نافستنا وفشلت في الانتخابات. أريد أن أشرح لقراء جريدة «الشروق الغراء» بعض المعطيات المهمة والأساسية. العريضة الشعبية نص سياسي وفكري حررته في مكتبي هنا في لندن من صفحة واحدة وعدد كلماته 254 كلمة فقط.
هناك بند أساسي في العريضة منذ اليوم الأول لإعلانها، يؤكد أن جميع الموقعين على العريضة من التونسيين والتونسيات «يكلفون الدكتور محمد الهاشمي بتمثيلهم والحديث باسمهم في المحافل الوطنية والعمل على ضمان مشاركتهم الفاعلة في انتخابات المجلس التأسيسي المقبل والمواعيد السياسية المقبلة». هذ البند يتضمن السبب الأصلي في ميلاد العريضة الشعبية فقد كانت باختصار شديد استجابة مني لطلبات عدد من المحبين الذين أحسنوا الظن بي، وفي مقدمتهم منية الرياحي من تونس، وموسى المطماطي من مطماطة، وحمادي من رادس، ونجاة بن مكي من الحمامات، وعبد الله من صفاقس، وتونسيون كثيرون من داخل البلاد ومن خارجها. هؤلاء كانوا مشاهدين لبرامجي، ومواطنين من بلادي لا أعرفهم إلا عبر الهاتف أو عبر رسائل بعضهم بالفاكس.
هذا يعني أن تيار العريضة يضم عددا من التونسيين الذين يحسنون الظن بمواطن من مواطنيهم، ويلتقون معه بشكل طوعي حر على برنامج لحكم تونس فيه الصحة المجانية ومنحة البطالة وبنود أخرى.
وضمن هذا التعريف، عملت خلال الشهور الماضية مع مجموعة كبيرة من التونسيين والتونسيات من ذوي الهمة العالية والأخلاق الكريمة. عملوا معي بصدق مع أنني لم أدفع لهم مالا ليعملوا معي في تيار العريضة الشعبية، ولكن الله ألف بيننا بفضله ووحد بين قلوبنا بكرمه لخدمة ديننا وخدمة بلادنا. هؤلاء جميعا، ولست أنا وحدي، هم أبطال العريضة الشعبية.
وبهذا يتضح أن الانتماء للعريضة قرار طوعي حر على أسس بنود واضحة ومعلومة سلفا. عندما يفقد تونسي ثقته في محمد الهاشمي الحامدي، لأي سبب كان، فإنه لم يعد من العريضة، وهو ليس ملزما بها. تونس بلد حر، ويمكن لكل مواطن أن يعمل بالسياسة دون قيود وينشط في أحزاب وتيارات قائمة أو جديدة يشكلها هو إن رغب في ذلك.
وللعلم، فقد تضمن البيان الانتخابي الرسمي لجميع قوائم العريضة الشعبية في انتخابات المجلس التأسيسي، هذه العبارة على لسان المرشحين «إذا منحتمونا أغلبية المقاعد فإننا نتعهد بانتخاب صاحب مبادرة العريضة الشعبية الأخ الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رئيسا للجمهورية». وقد سمع التونسيون هذا التعهد من ممثلي قوائم العريضة الشعبية في التلفزة الوطنية.النصوص في تيار العريضة الشعبية وفي بيانه الانتخابي كانت واضحة جدا.
ما الذي يجعلك واثقا من الفوز بالانتخابات؟ هناك اليوم مؤشرات على أن عددا من الأحزاب والكتل المنافسة لكم ستتبنى برنامجكم الانتخابي، بما في ذلك الصحة المجانية ومنحة البطالة، بحيث قد يؤثر هذا على جاذبيتكم وقبولكم في الشارع التونسي؟
الأصل دائما أفضل من النسخة المصورة. ومع ذلك أؤكد لكم أنه لا يخيفني أبدا تبني الأحزاب المنافسة لبرنامج العريضة الشعبية وبرنامج تحالف تونس الجميلة. هذا دليل إضافي أننا سبقنا غيرنا لفهم مطالب الناس وتحديد الأهداف الحقيقية للثورة. وهذا مكسب كبير لنا أيضا، فنحن لسنا متلهفين على السلطة. هدفنا هو تغيير المفاهيم السياسية والضغط على جميع القوى السياسية الأخرى لتعترف وتقر بأنه لم يعد مقبولا اليوم بأي وجه من الوجوه أن يحرم تونسي من مقابلة الطبيب لأنه فقير، أو يعجز شاب عاطل عن العمل عن توفير ثمن تنقله في سيارة نقل ريفي من قريته إلى مركز المدينة لأنه عاطل عن العمل ولا دخل له، أو تعجز أم كبيرة السن عن التنقل إلى المستشفى الجامعي في سوسة لزيارة طبيبها لأنها معدمة وعاجزة عن توفير ثمن التنقل.
إذا طبقت الحكومة الحالية هذا البرنامج فسندعمها دون تردد. نحن لسنا طلاب سلطة إنما مناضلون من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية بالملموس، وليس بالشعارات الفارغة من كل مضمون. دخلنا السياسة ليعيش التونسي من بنزرت إلى تطاوين عزيزا كريما في وطنه.
مع ذلك، أنت تستعد للانتخابات، وتتوقع فوزا كبيرا لكم. هذا يعني أنكم طلاب سلطة؟
هذا يعني أننا نقوم بواجبنا في خدمة الشعب وإنجاح التجربة الديمقراطية بعد الثورة. هل تعيب على حزب العمال في بريطانيا أنه يسعى للفوز في الانتخابات المقبلة في بريطانيا؟ هل يعيب أحد على الحزب الاشتراكي أنه يسعى لهزيمة مرشح اليمين في الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا؟
تيارنا هو القوة السياسية الثانية في البلاد من جهة الأصوات. هذا قرار الشعب التونسي. وبهذا التفويض، يصبح من واجبنا أن نستعد للانتخابات المقبلة، وأن نقول للشعب التونسي بكل وضوح وبساطة: إن كنت راضيا عن أداء حكومة أحزاب النهضة والمؤتمر والتكتل فسنحترم قرارك بالتجديد لهم في الانتخابات المقبلة. وإن كنت تبحث عن بديل فنحن جاهزون لخدمتك، بشرف وتواضع وإخلاص.
هل ستمضي في الفكرة التي أعلنت عنها في وقت سابق، فكرة تشكيل حكومة ظل؟
في بريطانيا اليوم حزب العمال المعارض له حكومة جاهزة لقيادة البلاد إذا فاز في الانتخابات المقبلة. والعرف هنا أن تلك الحكومة يتم الإعلان عنها في أول يوم بعد ظهور نتائج الانتخابات. بالنسبة لي، أرى أن من واجبنا في تيار العريضة الشعبية وحزب المحافظين التقدميين أن يكون لنا تصور واضح لأسماء أعضاء الحكومة التي سنشكلها لإدارة البلاد إذا فزنا في الانتخابات المقبلة. على سبيل المثال، وهذا رأي شخصي بحت، وأولي، أنا أرى أن الشيخ عبد الفتاح مورو مناسب لوزارة الخارجية أو لوزارة الداخلية، وأن القاضي مختار اليحياوي مناسب لوزارة العدل، وأن السيد محمد النوري الجويني مناسب للمالية، وأن الدكتور عبد الجليل البدوي مناسب لوزارة التشغيل، وأن الأستاذ أحمد الخصخوصي مناسب لوزارة التربية، وأن الأستاذة راضية النصراوي مناسبة لوزارة حقوق الإنسان، وأن الدكتور قيس سعيد مناسب لوزارة التعليم العالي، وأن أطلب من الاتحاد العام التونسي للشغل ترشيح وزير للشؤون الاجتماعية. كما أنني أرى موقعا في وزارات القطاع الاقتصادي للسيدين مصطفى النابلي وجلول عياد. وهكذا. هذا ما أقصده بحكومة الظل، وقد فصلت الأمر لشرح الفكرة وتوضيحها لجميع الناس.
إذا فزت في الانتخابات المقبلة فسأشكل حكومة كفاءات وطنية بقطع النظر عن انتماءاتها الحزبية، بشرط أن يوافق أعضاؤها على البنود الأساسية لبرنامج العريضة الشعبية وفي مقدمتها الصحة المجانية ومنحة البطالة.
أطمئن الشعب التونسي عبر جريدة «الشروق» الغراء أنني مع إخواني وأخواتي نواب كتلة العريضة الشعبية وقادة حزب المحافظين التقدميين لن ندخر جهدا لخدمته بإخلاص، وأنه إذا منحنا ثقته الغالية في الإنتخابات المقبلة فسنكون جاهزين لحكم البلاد إن شاء الله، وإرساء الأمن وأجواء الوفاق والمحبة بين جميع التونسيين، وتبني برنامج الصحة المجانية ومنحة البطالة في أول جلسة لمجلس الوزراء الجديد.
أخيرا: متى تعود إلى تونس؟
أنا أشهر مظلوم في نظام الحكم الجديد وأسأل الله تعالى أن يزيل هذا الظلم. مئات الآلاف من أبناء الشعب التونسي الأبي العزيز شرفوني وأكرموني بتأييدهم وبأصواتهم الغالية، وحكومة الغنوشي والمرزوقي وبن جعفر لا تعترف بي ولا بأصواتهم. قادة النظام الحاكم يلهثون وراء القاصي والداني ليتحدثوا معه، ويرفضون الاعتراف بزعيم القوة السياسية الثانية في البلاد ويرفضون الحوار معه ويشككون في آلاف الناس الذين صوتوا له.
لقد عشت 26 عاما في المنفى، ولا أنوي العودة إلى تونس في أجواء الحقرة والإقصاء والكراهية. سأكافح بكل ما أستطيع، من خارج تونس، من أجل حكومة أفضل للبلاد، تتواضع لشعبها، وتعترف بالتعددية وحق الاختلاف، وتتصرف بروح المحبة والوفاق.
الشروق - خالد الحدّاد
أخر تعديل في الأربعاء, 15 فيفري 2012 17:45


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.