دخول الاسلحة الى تونس أصبح أمرا مستساغا بعد أن تكررت هذه العملية اكثر من مرة وبعد العثور على مخابئ للاسلحة والكشف عن مراكز لتدريب مجموعات تريد أن تتخذ من تونس منطلقا لتنفيذ مخططاتها التي لم تتوضح معالمها النهائية بعد. ولعل الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي المضطرب في تونس الى جانب ما يشهده محيطها المغاربي والاقليمي من تنامي لظاهرة الارهاب، هو ما يجعلها عرضة لعمليات ارهابية أخطر من تلك التي جدت في اكثر من مناسبة وفي اكثر من منطقة على غرار " بئر علي بن خليفة" " القصرين " والتي قد تعصف بأمنها واستقرارها. التهديدات تزداد خطورة اليوم باتت التهديدات أشد خطورة ويمكن اعتبارها أمرا واقعا لا يمكن تجاهله أو التعامل معه على أنه ظاهرة عابرة. فاكتشاف أربعة شاحنات صغيرة محملة بشتى أنواع الأسلحة والذخائر الخفيفة منها والثقيلة ليس بالأمر الهين، بل يمكن اعتباره تهديدا واضحا ومباشرا لأمن تونس والتونسيين. ورغم نجاح قوات الأمن في حجز هذه الحمولة الكبيرة من الأسلحة والمتكونة أساسا من متفجرات و ألغام و قنابل يدوية وأسلحة مضادة للطائرات وقذائف آر بي جي، الا أنها لم تتمكن الى حد الآن من العثور على الشاحنة الخامسة.ومازالت الوحدات الأمنية المشتركة تواصل تمشيطها لولاية مدنين اين تم العثور على السيارات المذكورة بأحد المخازن الواقعة في الطريق الرابطة بين مدنين وقابس. القبض على مشتبه فيهم كما تمكنت قوات الحرس الوطني من القاء القبض على سبعة أشخاص يشتبه في تورطهم في عملية تهريب السلاح وتخزينه. وهو ما يفتح الباب أمام احتمالين اثنين. فاما أن تكون تونس مجرد نقطة تخزين وتجميع لهذه الاسلحة على أن يتم تهريبها الى خارج البلاد أو الى بلد مجاور، وبذلك تصبح تونس منطقة عبور لهذه الأسلحة وهذا في حد ذاته أمر على غاية من الخطورة، واما ان تكون تونس هي الوجهة النهائية لاسلحة شديدة الخطورة، وبذلك تكون تونس موطنا جديدا للمجموعات المتشددة وعلى رأسها "تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي" وهذا الاحتمال هو الاقرب الى الواقع اذا علمنا انه تم حجز أزياء عسكرية ومعدات تخييم وحوالي 14 خيمة وهو يرجح امكانية وجود مخطط لاقامة مراكز تدريب في الجنوب التونسي على غرار ما حدث في ولاية جندوبة منذ أيام حيث رصدت القوات العسكرية الجزائرية 3 مراكز تدريب. المحيط المغاربي والافريقي في كلتا الحالتين يبدو أن تونس ليست في منآى عن تهديدات الخلايا الارهابية التي بدأت تتحرك على أكثر من واجهة. والاكيد كذلك أنها ليست معزولة على محيطها المغاربي، المتمثل في الجزائر وليبيا،ولا عن محيطها الافريقي، المتمثل في مالي وما تشهده اضطراب . الهجوم الارهابي الذي جد منذ يومين على منشأة للغاز بموقع عين أمناس في الجنوب الجزائري، والذي تلته عملية عسكرية من قبل الجيش الجزائري اضافة الى اﻷوضاع الأمنية المتأزمة في شمال مالي والتي استدعت التدخل العسكري الفرنسي الى جانب عدد من دول غرب افريقيا، قد تكون له علاقة بما يحدث في تونس، أي دخول كميات مهولة من الاسلحة. فالمجموعات الارهابية لا تتحرك الا في فترات الاضطراب والتوتر وغياب الأمن .ويرجح أنها استغلت الوضع الاقليمي و الوضع الامني المتردي في كل من ليبيا والجزائر حتى تتمكن من التسلل الى التراب التونسي محملة بالأسلحة في غفلة من الجيش والامن الوطنيين. الاوضاع الداخلية بالاضافة الى العوامل الخارجية هناك عوامل أخرى داخلية ساعدت هذه المجموعات على التغلغل في التراب التونسي وادخال أسلحة وذخائر ومتفجرات. فهشاشة الوضع الامني و السياسي والاقتصادي في تونس فتح الطريق أمام المهربين وتجار الأسلحة والممنوعات بأنواعها. وهذا ما من شأنه أن يدخل البلاد في دوامة عنف ويجعلها عرضة لاعمال ارهابية على غرار ما حدث في الجزائر. والخوف كل الخوف ان تصبح تونس مسرحا لعمليات تفجيرية أو عمليات اختطاف بعد أن أصبحت مستباحة من قبل المجموعات المتشددة التي يبدوا أنها مصرة على جعل تونس أحد معاقلها مهما كلفها ذلك. كي تنآى تونس عن خطر الفوضى والعنف، الذي قد يعصف بأمنها واستقرارها ويأتي على الأخضر واليابس، يجب أن يتم تأمين الحدود التونسية خاصة مع ليبيا، بشكل لا يرقى له الشك، باعتبار أن هذا البلد هو المصدر الاساسي لتلك الأسلحة الخطيرة. لكن ذلك لن يكون مجديا الا اذا شهدت البلاد استقرارا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ولو بشكل نسبي لان الاستقرار عموما والسياسي منه على وجه مخصوص هو السبيل الوحيد للحد من كل المخاطر مهما كان مآتاها ومهما كان حجمها.