وإطلاق النار على المتظاهرين في الحوض المنجمي جريمة قتل حاور راديو كلمة الأستاذ رضا رداوي، عضو لجنة الدفاع عن مساجين الحوض ألمنجمي وعضو هيئة فرع صفاقس للمحامين، و ذلك بمناسبة مرور6 أشهر على سجن الناشط بحركة المعطّلين وبحركة الحوض المنجمي حسن بن عبدالله. حاورناه حول الجوانب القانونية للقضية وحول بعض الخلفيات القانونية الحافّة بأحداث الحوض المنجمي. و يقول الأستاذ الرداوي في مجرى الحديث أن"أحداث الحوض ألمنجمي من الناحية القانونية والمحاكمات التي تلتها مست 3 زوايا قانونية رئيسية: - حق التنظيم والقوانين المنظمة له - حق التجمهر "قانون 69" - كذلك حق التعبير ويرى أن "آخر محاكمة تعلّقت بحرية الصحافة وهي التي طالت الصحفي الفاهم بوكدوس" وأن "أحداث الحوض ألمنجمي كانت تعبر عن مطالب وطنية متعلقة بحق التشغيل والحق في بيئة سليمة والحق في التنظم والحق في التعبير" من جهة أخرى يؤكّد الأستاذ الردّاوي أن إطلاق النار ضدّ المتظاهرين وقتل بعضهم كان تجاوزا للقانون وفعلا إجراميّا. • لماذا لم يتمتّع حسن بن عبد الله بنفس ما تمتّع به من سبق محاكمتهم على خلفية أحداث الحوض المنجمي من "سراح شرطي" رغم قضائه 6 أشهر في السجن؟ - عندما وقعت المحاكمات الأولى 2008-2009، تمت إحالة حسن بن عبدالله بحالة فرار وحوكم غيابيا. وعندما تم الإفراج على سجناء الحوض المنجمي تحت الضغط الجماهيري والحقوقي والنقابي الوطني والدولي الذي أفرزته الحركة الاحتجاجية، كان قرار الإفراج مخالفا للقانون المنظم للسراح الشرطي مثلما كان الحكم الصادر في حقهم مخالفا للقانون. فالسراح الشرطي يقضي بأن يكون المتهم قد قضى نصف العقوبة. ولما كانت السلطة تعلم أن السجناء لم يتمتعوا بمحاكمة عادلة عجلت بإطلاق سراحهم كمن يمسك بجمرة تشتعل، وكان منطقيا أن تسارع الجهات المسئولة عن إصدار الحكم الجائر بالإفراج عنهم قبل استيفاء المدة القانونية التي يتطلبها السراح الشرطي. ولكن نحن كلجنة دفاع ليس لنا مصلحة في إثارة هذه النقطة، فما يهمنا هو أن يقع التعامل مع ملفّ بن عبد الله على نفس منوال سابقيه أي تعاملا سياسيا والمسارعة بإطلاق سراحه لأن الحكم الصادر في حقه كان حكما سياسيا بامتياز وبالتالي فإنه لا مبرر قانونيا أو أخلاقيا ينبني عليه استمرار حبس بن عبدالله. ولا بأس من التذكير أن حسن بن عبدالله لما تقدم بالاعتراض على الحكم ألاستئنافي الصادر في حقه يوم 23 فيفري قبلت المحكمة اعتراضه وتركته في حالة سراح. إلا أن المحكمة الابتدائية لم تحترم قرار الدرجة الثانية الأعلى منها، الصادر قبل 24ساعة فقط، حيث تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن وهذا لم ينبن على غموض في النصوص الإجرائية القانونية التونسية في المادة الجزائية بل مرده أن القرار السياسي في مثل هذه المحاكمات ليست له قواعد ثابتة. • ولماذا لم يتمّ اللجوء للتعقيب، على غرار ما وقع في قضيّة بوكدّوس؟ - كانت اللجنة الوطنية للدفاع والمحامين المباشرين لهذه القضية قد تشاوروا مطولا حول جدوى التعقيب من عدمه وخرجنا بنتيجة أن هذا الحكم هو حكم سياسي ولا يرجى من محكمة التعقيب أو المحكمة العليا أن تتراجع عما تم إقراره ابتدائيا واستئنافا. ورفعا للالتباس الحاصل حول "لماذا إذا التعقيب في قضية الصحفي الفاهم بوكدوس؟" نقول أن التعقيب لم يتمّ في حالة بوكدّوس لإيماننا بجدواه وإنما بناء على مطلب إيقاف التنفيذ وهو لا يصح إجرائيا إلا مع التعقيب وأن يكون المتهم في حالة سراح وهو الشرط الذي توفر في قضية بوكدوس ولم يتوفر في قضية بن عبدالله. • لم يتطرّق الحديث كثيرا لإطلاق الرصاص الذي تم على المتظاهرين خاصة من الناحية القانونية،فهل كانت عملية إطلاق النار من قبل قوات الأمن سليمة قانونيا؟ - شكرا على هذا السؤال الهامّ، وكما تعلمون أن إطلاق النار الذي تم يومي 5 و6 جوان 2008 والذي أسفر عن وفاة أحد المتظاهرين على عين المكان وشاب آخر بعد حوالي شهرين متأثرا بالإصابات التي تعرض لها، دون الحديث عن الجرحى والمصابين. وفي الحقيقة نظّّم القانون التونسي شروطا سابقة وأخرى لاحقة لعملية إطلاق النار وفي الحالتين في قضية الحوض ألمنجمي لم يتم احترام هذه الإجراءات من طرف الجهاز الأمني بما فيها النيابة العمومية عندما استبعدت الإحالة وفق قانون 69 واحترام كل الإجراءات المنصوص عليها بالفصول 16-17 و18 من قانون 69 وهي جملة من الإجراءات الواضحة والمحددةالتي تقضي بالتفريق بين أن يكون أعوان الأمن أمام تجمهر سلمي أو مسلح وفي هذه الحالة يجب إثبات ذلك بالمحاضر. لكن عند اطّلاعنا على جميع المحاضر التي صيغت في ملفات الحوض ألمنجمي، لم نجد أي إشارة إلى أن أعوان الأمن احترموا الإجراءات التي حددها قانون 69 وهو ما يعني أن أعوان الأمن منذ البدء قد واجهوا هذه الحركة خارج إطار القانون. ولنفترض أن إطلاق النار تم بناء على مقتضيات قانون69 فإن الإحالة وجوبا تكون وفق القانون المذكور المتعلق بالتجمهر السلمي أو المسلح. لكن النيابة تمت استبعدت هذا القانون على مساوئه - والذي ناضلت أجيال من أجل إلغائه باعتباره مخالفا لروح الدستور - وتمت الإحالة وفق أمر2 أفريل 1953 المتعلق بتعطيل حركة الجولان إذا ليس هناك تجمهر مسلح أو سلمي وبالتالي لا يتم إطلاق النار في هذه الحالة لان إطلاق النار لا يتم الا عبر الفصلين 21 و22 من قانون 69. السلطة عندما اختارت إطلاق النار واستبعدت القانون المنظم له تكون قد خرجت عن القانون ويعتبر هذا الفعل موجبا للتتبّع. • وهل يسقط التتبّع بالتقادم في مثل هذه الحالة؟ - يطول الجدل حول هذه الجرائم هل هي جرائم ضد الإنسانية أو تخضع للقانون التونسي ولكن في جميع الحالات لا خلاف بين كل دارسي القانون أن إطلاق النار والقتل جناية وحق التتبع وإثارتها مكفول لكل شخص أو النيابة العمومية في أجل لا يتجاوز 10 سنوات. وفي حالتنا هذه، ما يزال أجل التتبع مفتوحا. بقي أن أشير أن التتبع في جرائم القتل بالحوض ألمنجمي لم يتم إلا في حالة المرحوم هشام بن جدوا العلايمي الذي توفي بسبب فتح التيار الكهربائي عالي الضغط وتم فتح بحث لكن النص الذي اعتمدته النيابة العمومية كان نصا غير معتاد، لانها تأذن بفتح بحث ضد مجهول عندما يتم الإقرار بوجود جريمة لكن فاعلها مجهول، وفي قضية العلايمي أذنت بفتح تحقيق من أجل التثبت في وجود جريمة وهو مخالف للقانون معتمدة قانونا إداريا وكان على النيابة العمومية أن تفتح بحثا حسب أصول فقهية معروفة "الإحالة بالأحوط" ضد مجهول وكل من يكشف عنه البحث. أجرى الحوار :