أمر جلل تناقلته مواقع الواب ، ووزعه أعداء الوطن بينهم مهنئا بعضهم بعضا على الفتح المبين الذي تحقق لهم، حتى أن أحدهم قال بفخر واعتزاز وملأ الدنيا دويّا: " ستكون الليلة الفاصلة بين الأحد والإثنين 3 جانفي 2011 ليلة مفصلية في تاريخ تونس مع الإنترنت" ثم قال آخر:" بداية من هذه الليلة دارت عليهم الدائرة، نغزوهم ولن يغزونا". وبكل الألم والحرقة أقول، ساءني ما سمعت وازددت غمّا وحسرة عندما نقرت على موقع وكالتنا التونسية للإنترنت فوجدته "مُصنصرا" ... كنت أعتقد أن وكالتنا "تُصنصرُ" ولا "تُصنصَر"، فهي وكالة الدولة، وحامية حمانا من التلوث الإلكتروني، ذلك أننا بفضل مولانا سبّاقون لحماية المواطنين من كل أشكال التلوث إلكترونيا كان أم صوتيا. ولكن جنودا من مرتزقة "المجاهيل" (الأنّونيمس) دبّروا الأمر بليل بعد وشاية وشاها المناوئون فصبّوا جام غضبهم على مواقع السيادة لدينا. تسعة آلاف "هاكر" استهدفوا مواقعنا بدعوى مساندة المواقع الإكترونية المحجوبة في تونس، والوقوف إلى جانب المستضعفين من المدونين التونسيين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا. حقق جنود الوكالة انتصارات وأفلحوا في "فلترة" الفضاء الاكتروني وإحصاء الداخل والخارج منه، ومنع كلَّ ما يشوّه صورة "تونس" ورموزها، كما ضيقوا على برنامج "السكايب" من أجل مصلحة رأوها ومنعوا تحميل أفلام الهواة لأنها تثلب رمز الدولة وأقربائه وأصهاره بغير وجه حقّ. كما تغلب جنودنا على كثير من "البروكسيات" "فصنصروها" وعطّلوا جدواها وسدوا الهواء على الذين يتنفسون الحرية "الفوضوية". ولكن الذي أصاب وكالتنا في مقتل أنها درّبت جنودها على الهجوم ولم تدرّبهم على تحصين دفاعاتهم قبل الشروع في الغزو، فكان حالهم كالذي يرمي بيوت الناس بالحجارة وبيته من زجاج. إنّني أطالب بالتحقيق فيما حصل ومحاسبة المقصّرين والبحث عن إمكانية وجود مندسين في عناصر الوكالة ساهموا في ضربها وكشف مقاتلها وثغراتها. كما أطالب بعد هذا الدرس المؤلم أن نخوض المعركة بمنطق "عليّ وعلى أعدائي" و"اقطع الرأس تيبس العروق" أي أن نسدّ كل الأبواب ونعطل مراكز البث والالتقاط، ونلقي بالهواتف الجوالة وأجهزة الحاسوب في مكبات الخردة لتُصنع منها أشياء تنفع ولا تضرّ، ونمنع كلّ أنواع التلوث وأيّ إمكانيةٍ للتسلل عبر المسموح. ويجب أن نضع نصب أعيننا أنّنا مهما فعلنا ف "السّارق يغلب العسّاس" و"هدّام يغلب مائة بنّاي". أقترح أن نعود لما كانت عليه ألبانيا زمن زعيمها الراحل أنور خوجة و"الباب إلي يجيك منو الرّيح سدّو واستريح"! وما عدا ذلك فجولة الباطل ساعة وصولة الحق حتى قيام الساعة! صابر التونسي