صرّح الطيّب البكّوش الناطق باسم الحكومة أن تونس مستعدّة للاعتراف بالمجلس الوطني الإنتقالي للثوّار في ليبيا إذا طلب منها ذلك. واعترف في تصريح لوكالة فرانس بريس أمس أن أعضاء من المجلس الوطني الانتقالي زاروا تونس مرات لكنّهم لم يقدّموا طلبا واضحا للحكومة التونسية بالاعتراف بالمجلس، مفيدا أن هذا الطلب إذا قدّم سيقع عرضه على مجلس الوزراء. وأكّد الوزير أن تونس حافظت في البداية على حيادها إزاء الصراع الدائر في ليبيا بين الثوّار وقوّات العقيد القذّافي حفاظا على علاقات الجوار، ونظرا للعدد الهام للاجئين الوافدين على تونس من ليبيا. قبل أن ينكر على العقيد القذّافي عداءه للثورة التونسية، مصرّحا أن العقيد سمح لنفسه التدخّل في الشأن التونسي بدعوته للتونسيّين الإبقاء على الرئيس المخلوع، إضافة إلى قصف عديد المواقع في التراب التونسي، وهو ما اعتبره الناطق باسم الحكومة غير مقبول. وسبق للوزير الأوّل المؤقت الباجي قايد السبسي أن صرّح الاثنين الماضي لقناة الجزيرة أن تونس مستعدة لقبول طلب الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي إذا تقدّم به هذا الأخير. جدير بالتذكير أن الرئيس المؤقّت فؤاد المبزّع أشار في لقاءه مع عدد من الصحفيّين مؤخرا إلى أن عناصر من المرتزقة التي تقاتل في صفوف قوّات القذّافي كانت تستهدف الثورة التونسية قبل أن تندلع الثورة الليبيّة يوم 17 فيفري الماضي. وكانت قد راجت معلومة عن زيارة خاطفة قامت بها ليلى الطرابلسي زوجة المخلوع إلى ليبيا بعد فرارها مع زوجها يعتقد المراقبون أنها تندرج في هذا السياق. فيما كشف موقع ميديا بارت المختصّ في التقصّي أن رجل الأعمال التونسي عزيز ميلاد صاحب شركة الطيران نوفيل إير التي تقاسم رأس مالها مع بلحسن الطرابلسي شقيقة زوجة المخلوع، بنقل المرتزقة لحساب القذّافي، بعد أن قام بتأجير أربع من طائرات الشركة للشركة الليبية للطيران يومي 16 و17 فيفري الماضي من بينها طائرتان اعترفت الشركة المؤجّرة في بلاغ لها أنهما نقلتا مسافرين بدون أمتعة. وهو ما يتزامن مع موجة قمع شديدة عرفها المتظاهرون في ليبيا من قبل النظام. وحسب موقع ميديا بارت، فإن ميلاد تجمعه علاقات قويّة بالنظام الليبي. كما أفادت وكالات الأنباء اليوم الأربعاء أن 27 عسكريّا ليبيّا انشقّوا عن العقيد القذّافي من بينهم عدد كبير من الضبّاط السامين ووصلوا عبر البحر أمس. وقالت المصادر الرسمية أنهم كانوا مرفوقين بأربعة عشر مدنيّا على متن زورقين إلى ميناء الكتف بمدنين على الحدود التونسية الليبيّة. وأكّد العميد في الجيش التونسي مختار بن نصر في لقاء صحفي أمس الثلاثاء أن مجموعات عدّة من العسكريّين الليبيّين فرّت إلى تونس في الأسابيع الأخيرة وأنها متواجدة في مكان آمن، رافضا الإفصاح عن عددهم. من جهة أخرى، علمنا من مصادر مطّلعة أن تدريبات لعناصر من الثوّار على المسائل الأمنية تتمّ في الآونة الأخيرة بمعسكرات في ليبيا قريبة من الحدود التونسيّة، في إطار الإعداد لما بعد القذّافي. وكان هذا الأخير قد وجّه رسالة إلى الناتو يدعوهم إلى التحاور معه ويلوّح باستعداده للتفاوض حول تخلّيه عن الحكم ولجوئه إلى إحدى الدول، جاء ذلك بطريق غير مباشر، على لسان رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج بعد مقابلة في اللعبة أجراها معه مطلع الأسبوع. فهل تشهد الأيام القادمة منعرجا جديدا في المنطقة؟ وهل يعاد رسم الخارطة في المغرب العربي خاصّة مع رسائل الطمأنة والدعوات لتفهّم الثورات الديمقراطية التي يوجّهها النظام التونسي منذ مدّة لجيرانه في الجزائر والمغرب؟