مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    المسرحيون يودعون انور الشعافي    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباجي قايد السبسي و التعبئة الإعلامية
نشر في كلمة تونس يوم 03 - 02 - 2012

منذ صدور بيان الباجي قائد السبسي يوم الخامس و العشرين من شهر جانفي من هذه السنة إلى يومنا هذا ، لم تتوقف وسائل الإعلام بمختلف أصنافها عن تناوله بالكثير من التحليلات والتعليقات وتعاطيه ومعالجته كأحد أهم المواد الإعلامية ،ورصد مختلف تفاعلات القوى السياسية والخبراء والمختصين والمهتمين بالشأن العام إجمالا مع هذا النداء.
هذا البيان الذي أصدره رئيس الحكومة السابق لم يكن ليأخذ هذا الحجم من التهويل و الزخم و البهرج لولا وجود أجندة واضحة المعالم هدفها إرجاع قايد السبسي إلى الواجهة كمنقذ للبلاد و القادر على إيجاد الحلول لكل الأزمات و"السوبر مان" القادر على تخطي كل العقبات مهما كانت الصعوبات.
و لا بد من الإشارة هنا إلى أن هذا البيان قد سبقته حملة إعلامية غير مسبوقة تحضيرا لتاريخ صدوره حتى تضمن الأطراف الدافعة به إلى الواجهة بلوغها للهدف من وراء إطلاق هذا النداء و تضمن ردة فعل واستجابة في مستوى الانتظارات .
لقاءات نسمة الموجهة
كانت أول إطلالة إعلامية للباجي قائد السبسي عبر قناة نسمة التلفزيونية في أول مصافحة مع الشعب التونسي ليبدي رأيه حول وضع البلاد لكونه أحد رفاق بورقيبة و أهم معاوينيه في مقاومة الاستعمار والمساهمين في بناء الدولة والجمهورية الحديثة .و استمرت هذه اللقاءات بعد توليه رئاسة الحومة وخاصة بعد الخروج من السلطة.
فقد خص الباجي قائد السبسي قناة نسمة بلقاء خاص و حصري و لم يقتصر الأمر على ذلك بل فتح لها منزله الخاص و تناول مع صحفيها فطور الصباح مع صحفي القناة لتبيان رحابة صدره و لمزيد تقريبه من الجمهور المتلقي و المستهدف و للتركيز على الايجابية في مستوى تعامله مع وسائل الإعلام.
وكان ذلك الجزء قبل التوجه إلى قصر الحكومة يوم تسليم السلطة الموافق ليوم 26 ديسمبر من العام الماضي وتم التركيز في مستوى نقل ذلك الحدث التاريخي على بشاشة وخفة دم و تلقائية الباجي قائد السبسي الذي أنقذ البلاد و قام بتصحيح المسار و أجواء البهجة والفرح وتهاطل المدائح ورسائل الشكر على سيادة الوزير المنقذ وحكومته فكانت آخر صفحة للسيد الباجي قائد السبسي أمام الشعب التونسي صفحة بيضاء نظيفة إلى حدود كبيرة.
كما تم التركيز خلال المقابلات الإعلامية على خلو فترة إشرافه على الحكومة من الاحتجاجات الاجتماعية المطلبية في حين إبرازها بعد تولي الحكومة المنتخبة لمهامها مباشرة بل و التركيز على تكاثرها و توسعها و خاصة عدم قدرة هذه الحكومة الجديدة على التعامل معها بسبب نقص الخبرة التي بطبيعة الحال لا تتوفر إلا في شخص الباجي منقذ البلاد و العباد . كما غلبت على اللقاء استعمال عبارات المديح التي لا تحصى ولا تعد ( "البو الحنين و الجد الرزين", "نهاية حكم سي الباجي أشهر أعلام الثورة","رغم كل الصعوبات و العقبات نجح سي الباجي في انجاح الانتخابات.", " و يقعد هكا سي الباجي راسخ في ذاكرة الكبار وعبرة لكل الصغار." ) و لا نذيع سرا إذا قلنا أن جل مقابلات الباجي قائد السبسي قد غلب عليها طابع المديح في شكل يذكرنا بتلك الحوارات التي كانت تقوم بها تونس7 مع وزراء حكومات بن علي التي ما ينفك فيه الصحفي على المكاسب التي تحققت عهده. كما سعت القناة التلفزية المذكورة شأنها شأن بقية الوسائل الإعلامية التي تدور في نفس الفلك،إلى إبراز شخصية الباجي قائد السبسي المدافع عن الحريات المتخوف عليها خاصة بعد تتالي الانتهاكات من قبل أشخاص محسوبين على التيار المتشدد وعدم قدرة الحكومة على ردعهم ، وذلك بالتركيز في تغطيتها لحضوره بزي المحاماة في القضية المرفوعة ضد قناة نسمة (على خلفية بثها للفيلم الإيراني "بلاد فارس" المثير للجدل والذي تضمن تجسيدا للذات الإلاهية الأمر الذي اعتبره البعض تعديا على مشاعر المسلمين) وتأكيده في تصريحاته دفاعه المستيمت على حرية التعبير .
السبسي بطل استطلاعات رأي
المغرب سعت جريدة المغرب إلى التأكيد على فشل الحكومة الجديدة في التعامل مع الوضع الراهن بسبب انعدام خبرتها و نقص الكفاءة وسوء التقدير وارتباكها و عجزها على أخذ القرارات المناسبة و ترددها و عدم وضوح برامجها و في المقابل سعت إلى الإعلاء من شأن الباجي قايد السبسي ولازلت تواصل في عملية التزويق الهادفة إلى إخراجه في صورة القائد الذي لا يوجد غيره في الساحة السياسية والقادر على منافسة النهضة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة .
و يظهر ذلك من خلال التركيز على الشخصية الكاريزماتية و الشعبية التي يحضى بها والتي ما انفكت تؤكد عليها حسب استطلاعات الرأي التي تقوم بها من وقت لأخر.
فكان سبر الآراء الأول بتاريخ 31 ديسمبر من السنة الماضية بالتعاون مع مؤسسة سيغما كونساي المتخصصة في استطلاعات الرأي التي تحوم حول منهجية إعدادها العديد من التساؤلات (يكفي الحديث هنا عن اللخبطة الحاصلة في العهد البائد مع هذه المؤسسة في مستوى تقديرها لأكثر نسب المشاهدة في قنواتنا التلفزية قصد الحصول على أكثر ما يمكن حصص الإشهار )و كان موضوع سبر الأراء المنشور في العدد 110 من جريدة المغرب أكثر الشخصيات تأثيرا في سنة 2011 و الذي نجد فيه أن الباجي قائد السبسي قد ورد في المرتبة الثانية بنسبة 52 بالمائة بعد رئيس الحكومة المؤقت المنصف المرزوقي المتصدر ب85 بالمائة و أتى في المرتبة الثالثة رئيس الحكومة المؤقت حمادي الجبالي بنسبة 42 بالمائة.
و لابد هنا من الإشارة أن سبر الآراء هذا قد سبقه مطلع مفاده "رغم انهيار الحكم الديكتاتوري و الانتقال في المسار الانتقالي الذي توج بأول انتخابات ديمقراطية في تاريخ وطننا ،إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور العنف في بعض أرجاء المجتمع وتكاثر الفقر و التهميش البطالة و التخوف من المستقبل".
إضافة إلى الدلالة و التشديد في مستوى تحليل البايانات الرقمية على تصاعد شعبية الباجي قائد السبسي الذي انظم إلى صف المعارضة بعد تسليمه للسلطة للحكومة المنتخبة شرعيا و لم يقف الأمر عند ذلك بل توقع ارتفاع شعبيته خاصة بعد الإشارة إلى إطلاقه لمبادرة سياسية و الإعلان عنها بشكل غير رسمي قبل صدورها ب25 يوما وكل هذا بطبيعة الحال يندرج ضمن باب الدعاية السياسية المبكرة.
و لكم أن تتصوروا هنا كيفية التنسيق بين هذا الشخص الواجهة لماكينة متكونة من شخصيات دستورية قديمة كانت تعمل في الخفاء و بدأت معالمها تتضح شيئا فشيئا و أهدافها و مخططاتها تنكشف يوما بعد يوم وهذا ما ستبينه الأيام القادمة.
أما استطلاع الرأي الثاني فكان بتاريخ 17 جانفي تحديدا العدد 123 والذي قامت به جريدة المغرب بالتنسيق مع قناة نسمة و إذاعة موازييك والمجمع العالمي للدراسات « 3C » و الذي كانت محاوره مستوى الثقة في السياسيين و قدرتهم على تسسير البلاد و قربهم من الناس و اتجاهات نوايا التصويت لو كانت الانتخابات الرئاسية اليوم .
و طبعا كان البطل الأبرز في هذه المحاور الباجي قائد السبسي قائد الثورة منقذ البلاد الذي حصل على 84 بالمائة مقابل 87 بالمائة للمرزوقي في مستوى "الثقة كثيرا مع الثقة قليلا" وتقدم رئيس الحكومة المستقيل كما يحلو لجريدة المغرب تسميته على المرزوقي بنقطتين في مستوي "الثقة كثيرا".
أما في محور القدرة على تسيير البلاد فقد أوردت المغرب حسب سبر آرائها طبعا الباجي قايد السبسي ب ( 69)و بلا منازع و له "القدرة كثيرا" حسب مقاييس استطلاعها إذ نجده متقدما بعشر نقاط على المرزوقي (59).
أما في المحور الثالث المتمثل في نوايا التصويت لو حصلت انتخابات رئاسية اليوم فسنجد أن الباجي قائد السبسي يرد في المرتبة الثانية بعد المنصف المرزوقي .
من خلال هذه المعطيات أبرزت المغرب الباجي قائد السبسي زعيم المعارضة لحكومة الترويكا و حسب تعليقات الصحفي زياد كريشان المصاحبة لهذا الاستطلاع فإن "شعبية" رئيس الحكومة السابق ستسهم في إعادة تشكيل الخارطة الحزبية و ذهبت استخلاصاته (و هنا نذكر بأن المغرب نشرت استطلاع الرأي هذا قبل 8 أيام من إطلاق الباجي قائد السبسسي لمبادرته كاستراتيجية للتأثير على الرأي العام) إلى أن شعبيته هذه قد تعطي للمبادرة التي ينوي القيام بها حظوظا توحيدية كبيرة و تشكل شعبيته ضغطا سياسيا كبيرا على كل أطياف المعارضة إما للانضواء ورائه أو للتحالف معه.
ماكينة إعلامية لخدمة الأهداف الباجية
لا بد من التوضيح أن اختيارنا لهاتين المؤسستين الإعلاميتين كعينة لتبيان دور الإعلام في الإعلاء من شخصيبة الباجي قائد السبسي ،ليس من باب التحامل أو التشهير بهما بل لارتباط الشخصيات المالكة لها و الفاعالة فيها العاملة بها ببعضها البعض .
و هنا إذا ،يمكن الحديث عن ماكينة إعلامية تدور رحاها لخدمة شخصية الباجي قائد السبسي و إخراجه في صورة منقذ للبلاد وواجد الحلول لكل الأزمات ومايشد الانتباه في هذه الماكينة هو شبكة العلاقات المتداخلة و المتشعبة بين المتنفذين والقائمين على وسائل الإعلام. و لعل أبرز دليل على مدى ارتباط هؤلاء المتنفذين في وسائل الإعلام بشخص الباجي قائد السبسي ، هو تعيين معز السيناوي مدير الاتصال السابق بقناة نسمة مكلفا بالاتصال والإعلام بالوزارة الأولى و ناطقا رسميا باسم حكومة الباجي قائد السبسي، إضافة إلى حضور عمر صحابو المدير المسؤول و مالك جريدة المغرب في كافة اللقاءات الإعلامية بقناة نسمة المجرات مع الباجي قائد السبسي ومرافقته يوم محاكمة القناة .
هذا بالإضافة للحضور المكثف لنورالدين بن نتيشة صاحب موقع "الجريدة كوم" الالكتروني وعضو مجلس تحرير جريدة المغرب والمحلل السياسي المرافق لبوبكرعكاشة في حصته اليومية على موزاييك "ميدي شو" و زياد كريشان مدير التحرير بجريدة المغرب ، في بلاتوات قناة نسمة وكل هذا الحضور كان لإبراز عجز الحكومة الحالية مقابل التأكيد على النجاحات التي حققتها حكومة "سي" الباجي.
عجز الجبالي...فيما نجح السبسي
منذ تسلم الحكومة الجديدة لمهامها يوم 26 ديسمبر سعى الإعلام كما بيّنا إلى تضخيم صورة الباجي قائد السبسي فأظهره بمظهر البطل الخارق منقذ البلاد والعباد و تلميذ المدرسة البورقيبية التنويرية الذي نجح بفضل حنكته الفطرية وموهبته الربانية في حسن تسيير تونس ما بعد الثورة ليكون بذلك الباجي قائد السبسي "أشهر أعلام الثورة" (بتعبيرة نسمة) و"يقعد هكّا اسم سي الباجي راسخ في ذاكرة الكبار و عبرة لكل الصغار." (بتعبيرة نسمة أيضا) نعم, هو "الكبير" الذي أفلح من حيث فشل "الصغار" و لذلك مضى كبيرا و بقي الصغار صغارا... وليس خطاب السبسي الأخير وليد العدم فقد جاء لتكريس توجّه مدروس نحو تصغير شأن الحكومة المكونة من صغار "ساسة" للتركيز على نقاط ضعف حكومة الجبالي مقابل قوة البديل المنقذ ممثّلا في شخص الوزير الأول السابق.
حكومة بلا حاكم..و عجز متفاقم
بدأت حملة الانتقادات كما أشرنا سابقا لحكومة الترويكا منذ مباشرتها عملها اثر عملية تسليم السلطة في 26 ديسمبر الماضي .
و لاشك أن هناك جانب كبير من الصحة حول هذه الموجة من الانتقادات الموجهة للحكومة الوليدة بسبب ضعف تجربتها و قلة خبرتها وترددها في أخذ القرارات الحازمة في الأوقات المناسبة،لكن بدل الاستنقاص من شأنها و التسليم بعجزها ، كان الأجدر إعطائها الفرصة كي تخوض تجربتها ولا حرج إن تعثرت فكل البداية صعبة و الباجي قائد السبسي الدافعين به كبديل هو نفسه عندما تولى السلطة في عنفوان شبابه لم يكن يملك هذه الخبرة التي يملكها الآن بل إتاحة الفرصة له من قبل الراحل بورقيبة هي التي مكنته من ذلك و من كسبه للخبرة في تسير دواليب الدولة. وكانت أولى الانتقادات الموجهة للحكومة الحالية اعتمادها على المحاصصة في تشكيل الائتلاف الحكومي و الاعتماد على التقارب الإيديولوجي و السياسي في هذا التشكيل في فترة كان الأجدر أن يتم فيها تشريك أكثر ما يمكن من الحساسيات والألوان السياسية لمجابهة تحديات المرحلة الانتقالية بحكومة قوية نظر لحداثة التجربة الديمقراطية ببلادنا.
هذا بالإضافة إلى كثرة عدد الوزارات رغم أن البلاد تمر بوضعية اقتصادية هشة للغاية و عوض أن تقدم الحكومة المثال في التقشف، نصبت جيشا من الوزراء والكل يعلم ما يقتضيه ذلك من مصاريف و تكاليف تدفع من خزينة البلاد.
و من أهم الملفات التي أعيب على حكومة الجبالي كيفية التعامل معها ، الملف الاقتصادي المتردي بطبعه و الذي لم تجد له الحكومة الحالية حسب أراء الخبراء حلولا إلى حد الآن بسبب نقص الخبرة و الكفاءة.
إضافة إلى عدم التزامها بإنشاء المشاريع العاجلة التي أعلنت عنها لصالح الجهات الداخلية و اعتمادها على الآليات القديمة في مستوى مساعدة العائلات المعوزة.
كما تم تحميلها مسؤولية تفاقم ظاهرة الاعتصامات و بأنها لم تحسن التعامل معها ولم تتصدى لها مما تسبب في تردي الوضع الاقتصادي أكثر مما هو عليه وانحدار مؤشرات التنمية إلى أقل من الصفر. كما أن الحكومة الحالية لم تبد موقفا واضحا من أحداث سوسة و سجنان و اعتصام منوبة و تهميشها لقضايا أساسية (محاكمة قتلة الشهداء, البطالة, الفقر, ...) انصرفت إلى أمور هامشية كان من المفترض التعامل معها بشكل حازم (مسألة النقاب و السلفية...). كما يعاب على هذه الحكومة التذبذب في مستوى الخطاب و عدم التوافق بين قيادات الترويكا بل و بين قيادات كل حزب فيها .
كما وجهت انتقادات لهذه الحكومة بشان التعيينات التي قامت بها على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية الكبرى والتي اعتبرها البعض عودة إلى الرقابة على وسائل الإعلام والحد من حرية الصحافة و رغبة في الاستحواذ على المشهد الإعلامي لتوجيهه لخدمة الحكومة. عاب الكثير على الحكومة انبطاحيتها للدولة القطرية وخاصة إشارة العديد من المحللين السياسيين إلى تدخل قطر في تسمية الوزراء حسب درجة ولائهم لها.
و لعل أهم المسائل التي أثارت جدلا كبيرا و أسالت حبرا كثيرا ،مسألة الخوف على الحريات خاصة بعد تتالي أعمال العنف ضد الصحفيين بسبب أرائهم المناهضة للحكومة من قبل أشخاص محسوبين على التيار المتشدد.
وكل هذه المسائل المعروضة التي ركز عليها الإعلام و حاول من خلالها تبيان عجز حكومة الجبالي وضعفها ، لا شك في أن الكثير منها صحيح لكن في المقابل يحقنا لنا التساؤول عن نقائص حكومة الباجي و الأخطاء التي وقعت فيها والتي تغافل عنها الإعلام الموجه و خاصة التركة التي خلفتها حكومة سي الباجي للسلطة الحالية و التي بلا شك كان لها الدور الرئيسي في تفاقم عجزها و ضعفها.
من هو الباجي قائد السبسي البديل؟؟
من الضروري هنا التذكير و التعريف بشخصية الباجي قائد السبسي الذي يدفع به الإعلام الآن كرجل لهذه المرحلة الانتقالية و كبديل سياسي لا مثيل . يعتبر الباجي قائد السبسي كما هو معروف أحد رجالات الزعيم الراحل بورقيبة وقد تولى عدة مسؤوليات هامة في الدولة التونسية بين 1963 و1991.
و بعودة سريعة إلى التاريخ نجد أن هذا الرجل كان أحد أيادي بورقيبة في تصفية اليوسفيين ، كذلك فهو مورط في توريط و محاكمة قائد المقاومة التونسية ضد المستعمر لزهر الشرايطي و شنقه .
كذلك السيد متورط في جرائم قامت بها الدولة البورقيبية من قتل المئات من المعارضين والمتظاهرين خلال مراحل مختلفة و تعذيب مئات آخرين ، و هو مزور للإنتخابات عندما كان وزيرا للداخلية في العهد البورقيبي باعترافه أمام الصحفي أحمد منصور في برنامج بثته قناة الجزيرة .
كما لا يفوتنا هنا أن نذكر بأن الباجي قائد السبسي قد أنتخب في مجلس نواب بن علي عام 1989 وتولى رئاسة المجلس بين 1990 و1991 .
كما نذكر بأن الدولة التي لم يفوت فرصة ليحدثنا عن مفهومها وعن تشبعه بقيمها كانت دولة قائمة على الفساد على مدى أكثر من خمسين عاما وبالتالي هو شريك في فسادها و بفاعلية بحكم المناصب الكبيرة التي شغلها فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.