اتّصلنا بالنص التالي من حركة البعث:» طالعنا السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول السابق «ببيان للرأي العام» ضمنه إيحاءات وأقوالا ومطالب تهم المرحلة الحالية التي تمر بها تونس، وكذلك بعض المواقف والأفكار المرتبطة بسياق تصريحاته السابقة... وقد روجت بعض وسائل الإعلام كثيرا لهذا البيان، بل إن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن هذا البيان حتى قبل صدوره محاولة تهيئة الرأي العام وإثارته ووضعه في حالة ترقب لشيء جلل ومهم وذهبت بعض وسائل الإعلام الأخرى إلى تحليل مضامين هذا البيان وتشريك نخبة من المثقفين والسياسيين في سبر غوره... والحقيقة أن وسائل الإعلام هذه وتلك، لم يكن هدفها البيان في حد ذاته، خاصة وأنه بيان عادي خال من أية مضامين جديدة أو جدية بل إن التوصيف الذي ورد فيه عن أوضاع البلاد الحالية قال عنه صاحبه نفسه إنه جاء متناغما مع توصيف السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة... إن هدف وسائل الإعلام هذه أو الجهات التي تقف وراء هذا التركيز المكثف حول البيان المذكور هو الترويج لفكرة مفادها أنه إذا كانت المعارضة الحالية غير قادرة على معارضة الترويكا معارضة جدية، فإن حزبا دستوريا كبيرا يضم بقايا النظام البورقيبي النوفمبري وتحت قيادة الباجي قائد السبسي هو البديل وهو المنقذ للبلاد مما تردت فيه من مخاطر. يهمنا في حركة البعث أن نؤكد أن قائد السبسي كان حريا به أن يجعل من فترة تقلده للوزارة الأولى خاتمة مسك لمسيرته السياسية المتقلبة، التي خدم فيها من موقع متقدم الإستبداد في أحلك فتراته أثناء الستينات حيث كان القوميون عموما والبعثيون بصفة خاصة أهم ضحاياه بداية مما سمي بالفتنة اليوسفية مرورا بمحاكمات 1963 والإشراف المباشر على إعدام قادة الحركة الوطنية وجيش التحرير على رأسهم الشهيد البطل الأزهر الشرايطي وصولا إلى محاكمات 1968، كما خدم النظام النوفمبري عندما كان هذا الأخير في حاجة لخبرته، بل حتى خلال توليه للوزارة الأولى بعد ثورة الحرية والكرامة، لم يبتعد كثيرا عن نهجه الاستبدادي ومنهجه المعادي للعروبة... إن رمزية الرئيس السابق الحبيب بورقيبة متأتية من دوره في الحركة الوطنية الذي يظل في غياب إعادة قراءة للتاريخ الوطني محل التباس، ولم تكن متأتية من رئاسته للدولة. فلم يؤسس بورقيبة خلال حكمه إلا نظاما استبداديا مغتربا قمع الحرية وضرب عناصر الهوية العربية الإسلامية ، وكرس عدم التوازن بين الجهات. إن البورقيبيين انتهت صلوحيتهم بوفاة بورقيبة، والتجمعيين غير مأسوف عليهم بفرار بن علي، وإن كل الحكم البورقيوبي والنوفمبري بأحزابه وشخوصه أصبح من التاريخ وقد نجحت ثورة الحرية والكرامة في إيقاف نظام استبدادي انتهى ببلادنا إلى ديكتاتورية سياسية مقيتة وإفلاس اقتصادي مريع وأزمة اجتماعية شاملة، وأسقطت نظاما كان الباجي قائد السبسي أحد مهندسيه وقيادييه. وإن ما حققه الشعب من مكاسب متعلقة بحرية المرأة أو ديمقراطية التعليم والإدارة هي مكاسب لكل أبناء شعبنا في تونس ولا يجوز لأي كان احتكارها لخدمة أغراضه السياسية الضيقة. إننا في حركة البعث، ومن منطلق الوفاء والالتزام بمبادئ الثورة ندعو إلى القطع النهائي مع رموز النظام السابق وأدواته ومؤسساته البورقيبية والنوفمبرية، ونشدد على ضرورة تفعيل آليات المحاسبة والعدالة الانتقالية في ظل قضاء عادل ومستقل، وإعلام حر نزيه وتعددي يقوم بدوره في التوعية والنقد والتنبيه والتوجيه. وندعو الأحزاب السياسية الحريصة على استكمال مهمام الثورة وإنجاز أهدافها إلى الإنخراط في عمل جماعي مشترك يستجيب لمتطلبات المرحلة وتطلعات أبناء شعبنا عبر التفاعل الإيجابي في عمل جبهوي من أجل الدفاع عن حقوق شعبنا، بدءا بالتعويض الكامل لجميع الشهداء والجرحى والمتضررين مرورا بالشروع الفعلي في توفير الشغل وحل معضلة البطالة وصولا إلى تحقيق تنمية متوازنة بين الجهات وتوفير مستلزمات العيش لجميع أبناء شعبنا .جبهة تفعّل مقومات هويتنا بمضمونها الحداثي التقدمي، جبهة تنتصر لقيم الديمقرطية وحقوق الإنسان بجوانبها السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.