تعيد التلفزة الوطنية البخيلة في إنتاجاتها مسلسلات من الماضي على غرار الدّوّار وغادة والحصاد والخطاب ع الباب والعاصفة ومنامة عروسية الذي أعادته 4 مرات في عام واحد وشوفلي حل الذي يعرض على مدار السنة وأصبحت هناك عدة قنوات متخصصة في أعمال الزمن الجميل مثل روتانا كلاسيك وميلودي كلاسيك وشبابيك كلاسيك تعرض أفلام الأبيض والأسود الرائعة حيث رقيّ القصة والأداء والإخراج بفضل ثلة من الفنانين نذكر منهم شادية وفاتن حمامة وفريد الأطرش وإسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي وزينات صدقي وأحمد مظهر وعماد حمدي ومريم فخر الدين وحسين رياض والقائمة طويلة… هناك حنين كذلك إلى مسلسلات زمان على غرار أوبرا عايدة وأم كلثوم والموت القادم إلى الشرق وأين قلبي حتى إنهم أرادوا إنتاج أجزاء جديدة من ليالي الحلمية.. هناك حنين عام أيضا إلى الأغاني الطربية لفيروز وعبد الحليم وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعلي الرياحي ومحمّد الجمّوسي حيث يجلس الناس ساعة للاستماع إلى ما يشنّف الآذان وينعش القلوب ويصفّيها من كدر الدنيا.. هناك أيضا حنين إلى الصور المتحركة الهادفة على غرار عبقور وضيعة محروس وماروكو وفي مدينة الصفصاف وسالي وموكا موكا وغيرها من العبقريات الخالدة… هناك كذلك حنين إلى حكّام زمان وثباتهم على المبدأ وفي مقدمتهم القائد الشهيد صدّام حسين المجيد بالإضافة إلى ياسر عرفات والحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر والملك حسين والملك فيصل وغيرهم… في كل مناسبة دينية تتمّ إعادة أفلام الرسالة وفجر الإسلام وهجرة الرسول ورابعة العدوية والشيماء أخت الرسول… هناك حنين إلى كرة زمان حيث اللعب الجميل والروح الرياضية والإنجازات المقنعة مع حمادي العقربي وطارق ذياب وعتوقة وتميم ونجيب غمّيض وبعدهم أتى شكري الواعر وعلي بومنيجل وزبيربية واسكندر السويح وخالد بدرة… لم يفرح التونسيون بالفوز على بنما في 2018 كما فرحوا بالفوز على المكسيك في 1978.. هناك خوف على التنس بعد فيديرر ونادال ودجوكوفيتش وعلى مستقبل الكرة العالمية بعد اعتزال ميسي ورونالدو فلم يعد هناك قائد ملهم يمتاز بالأداء الخارق وقوة الشخصية.. الحنين إلى الماضي ليس عربيا فقط بل هو عالمي ففرنسا تحنّ إلى ديغول وميتّاران وشيراك وانقلترا مازالت متمسكة بالملكة إيليزابات الثانية وروسيا لا تستطيع الخروج من جبّة بوتين… العالم كله يحنّ إلى زمن خوليو إيقليسياس وديميس روسّوس وأزنافور وإلى أفلام عمر الشريف و بلمندو وفارناندال وشارلي شابلن ولوريل وهاردي ونحن نحنّ إلى زمن ا ت ت وFrance 2 وRai Uno فقد كانت 3 قنوات ترفيهية تثقيفية كألف قناة ممّا نعدّ اليوم… France 2 قرّرت العودة إلى بث حصة الألعاب Mot De Passe بعد أن أرادت التخلص منها في مرتين سابقتين وتراجعت في إلغاء البرنامج التعليمي الرائد Des Chiffres Et Des Lettres تحت ضغط الجمهور والوطنية تتمنى إعادة منشطي زمان على غرار نجيب الخطاب وصالح جغام ورضا العودي حيث الكاريزما وحسن الإعداد والتقديم فتخرج المنوعة في حلّة أنيقة وجذّابة تشدّ كل المشاهدين داخل تونس وتتعدّى شهرتها إلى كامل الوطن العربي أحيانا كثيرة… ليس هذا فقط بل إننا نحنّ إلى تعليم زمان وصحة زمان وشوارع وبيئة زمان وعادات وتقاليد زمان التي بدأت في الاندثار حتّى أُلّفت كتب و أُنجزت حصص إذاعية و تلفزية لذلك..هذا الحنين الوطني والعربي والعالمي هو هروب وقتي من رداءة الواقع المليء بالضغوط والأحزان والأخبار السيئة وانعدام الأخلاق والإبداع إلا قليلا… فنرجو أن نستلهم من أعمال الماضي وسِيَرِ أجدادنا ما يعيننا على إصلاح الحاضر والمستقبل من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة.