طمأنت ليلى والدها وأكدت له ان «ميكروفون السينما سيحمل صوتي واضحا الى المستمعين مهما حاول محمد عبد الوهاب حصره في طبقات خافتة.. وان منيرة لم تكن تملك ميكروفونات في مسرحها ولم تكن تسمح بان يكون في مسرحها ميكروفون لو أمكن وجوده حينذاك». وسمع عبد الوهاب بما يساور زكي مراد من هواجس فتعمد ان يلحن لليلى مراد من طبقات صوتية عالية لم تغن اعلى منها في جميع افلامها التالية ونجحت ليلى مراد لا بسبب الطبقات العالية في صوتها، بل لجمال صوتها وقوة حضورها. وكما كان فيلم « يحيا الحب» مرحلة صوتية جديدة لعبد الوهاب، كان أيضا مرحلة جديدة لألحانه ومقدماته الموسيقية ولوازمه ومقطوعاته الموسيقية الوصفية التي ملأت الفيلم بالحيوية والجمال والتعبير وواصل في هذا الفيلم غناء قصائد عربية فصيحة على ايقاعات أوروبية وامريكية، وكانت هذه الايقاعات في هذا الفيلم من نصيب قصيد « عندما يأتي المساء «الذي كتبه له صديقه الشاعر محمود أبو الوف وصادف فيلم « يحيا الحب» فيلما لام كلثوم هو « نشيد الامل» ...كلاهما عرض سنة 1937 وكلاهما حقق النجاح كان صوت ام كلثوم قد بلغ في تلك الفترة قمة رفيعة في نضج النبرات والأداء وكان صوت عبد الوهاب قد تراجع بعد مرحلة النضج منذ بضع سنوات ومع ذلك لم يستطع صوت ام كلثوم الشديد النماء والذكاء ان يزحزح صوت عبد الوهاب وهو على حالته تلك عن مكانته الكبرى في وجدان عشاق الأفلام الغنائية بما كانت تحمله تلك الأفلام من لغة غنائية جديدة التفت حولها الاسماع في كل مكتان. لقد تغيرت اشكال التنافس في الثلاثينيات بين عبد الوهاب وام كلثوم، فبعد عصر الأسطوانة في العشرينيات الذي كان عبد الوهاب متفوقا فيه، تقاسم عبد الوهاب وام كلثوم التفوق في عصر الإذاعة والسينما. انفردت ام كلثوم بالتفوق امام ميكروفون الإذاعة ومضى عبد الوهاب بتفوقه امام ميكروفون السينما، وكان تفوقه في حالته الصوتية دليلا على ان الفيلم الغنائي لا يتوقف نجاحه الجماهيري على عبقرية الصوت بقدر ما يتوقف على الخطاب الغنائي السهل المباشر الذي يقدمه الصوت الى جماهير السينما التي تشمل شتى صنوف البشر في شتى المدن والقرى من جميع الطبقات والفئات. وفي 1938 بدا عبد الوهاب في انتاج فيلمه الرابع واختار له اسم «يوم سعيد» وجعل نهايته سعيدة بعد ان شجعه نجاح فيلمه « يحيا الحب» ذي النهاية السعيدة. يتبع