صفاقس باستقراء كتب التأريخ و أقوال المتقدّمين و من حديث كبار ساكنيها و أصيليها هي مدينة وديعة ، تنام باكرا لتستيقظ باكرا كذلك ، لأنّها مدينة العمل و الفلاح ، مدينة تنعم بالأمن و أهلها طيبون مسالمون و بشوشون ، مدينة تصبح نظيفة و جميلة بعد أن تغسل في الليل ما علق بها من أوساخ ... صفاقس كانت مضرب الأمثال و مفخرة الأجيال و عنوان الأدب و حُسْن التعامل .. يا حسرة على صفاقس ، يقولها بحزن و ألم كلّ من سكن أو تردّد على هذه المدينةو عرفها ، تغيّر في صفاقس كلّ شيء !! ضاعت كثير من القيم النبيلة و الأخلاق التي كان يمتاز بها أهلها و خصوصا الثقة ، ثقة الصنايعيّة و التجّار ، لم تعد تسمع بمهارة الصنعة التي كانت عنوان الصّنايعي و الحرفي الصفاقسي ،كثر ضجيجها ، بلغ تلوّثها حدّا لا يطاق ، تداخل معمارها و اندثرت مساحتها الخضراء و لم تعد ترى إلاّ سواد الإسمنت أو حُمْرة الآجر ، امتلأت أرصفتها بالمنتصبين عشوائيا حتى أن داخلها قد لا يجد أحيانا موطأ قدم ، كثر متسوّلوها و توزّعوا في كل مكان في المدينة صبيانا و عجائز و نساء ، عمّت الزّبالة جوانب الشوارع و الطرقات و أنهج المدينة العربي و أزقّتها ، انخرم فيها الأمن و سلبيّات أخرى ... فهلاّ فكّر أهل صفاقس بعوامّهم و نخبهم و متعلّميهم و تجّارهم و حرفيّيهم و مسؤوليهم كلّ من موقعه أن يقدّروا ما حلّ بمدينتهم و أن يسعوا لمعالجة ما أصابها و ان يحاولوا ردّ الإعتبار إلى مدينة ضاربة في التاريخ و الحضارة و مكسب سلّمه الأجداد في جماليّة بعد تعب قرون ؟؟ ألا إرحموا صفاقس يرحمكم الله .