سؤال ملح يطرحه أغلب الشعب التونسي البسيط الذي تناساه كثير من الحكام الجدد واستعملوه مطية لافتكاك مكانهم في مشهد سياسي جديد ولتحقيق مآرب خسيسة… لا شكّ أن هناك انتفاضة على الأوضاع آخر عهد بن علي ولكن كيف تحولت احتجاجات سلمية إلى غنيمة سياسية وتقاسم للسلطة في ظل أخبار متضاربة ومحاولة لدفع بن علي للهرب؟ أكان ذلك محاولة من النظام لإنقاذ نفسه وإبقاء السلطة بيده مع إيهام بتغيير رأس السلطة فقط أم كان ذلك بتدخّل خارجي أصبح شبه واضح من أمريكا التي كانت تنفّذ "مشروعا" قذرا لتفكيك الدول العربية من الداخل عبر خونة وعملاء ينفذون الأجندات بزرع الفتن والفوضى وتمييع أفكارها وتقويض أركانها من أجل الاستحواذ على مقدّراتها بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وقد كان ذلك أكثر وضوحا في غزو العراق. ولعل نفس النظرية تكررت في تونس وليبيا ومصر واليمن وأرادوا لها ذلك في سوريا وفي دول أخرى… وبينما تنخدع الشعوب بفكرة الديمقراطية وتنطلق من سجنها منتقمة في فوضى عارمة، تفرح أمريكا وأذنابها بخراب دول أصبحت كلها تشبه فلسطينوالعراق وهدمت بنيتها التحتية وهويتها الثقافية وشخصيتها المعنوية المستقلة… وكم ننصدم حين نسمع تصريح منصف المرزوقي عن العراق والتخلص من الشهيد صدام حسين… يبقى ما حصل في 14 جانفي 2011 لغزا مازلنا نجهل تفاصيله ويبقى من حق الشعب المسكين أن يعرف ماذا فعلوا باسمه بوطنه تونس التي مزّقوها أشلاء… وتبقى الشجاعة والصدق والمصارحة بالحقيقة غائبة عن الجميع… ويبقى التاريخ العربي مليئا بالغموض والتخمينات ورواية فلان ورواية فلتان وقيل وقال… كم نحن بحاجة إلى سماع علي السرياطي ورشيد عمّار ومحمّد الغنوشي وسامي سيك سالم وفؤاد المبزّع وسمير الطرهوني ولو بالقوّة لأن سكوتهم خيانة وطنية. وكم كنا بحاجة إلى سماع بن علي والسبسي الذي لا نعرف من أتى به ولماذا؟ وكم نحن بحاجة إلى معرفة حقيقة المرتزقة والقناصة التي أنكرها سي الباجي؟ علما أن عدد المقتولين بعد رحيل بن علي يفوق ثلث العدد الإجمالي للضحايا.. وما حكاية الاضطرابات التي عمّت السجون؟ وهل كان هناك مندسون استغلوا احتجاجات للقيام بالنهب والسرقة ثم سجلوا في قائمة شهداء الثورة ومصابيها التي مازالت لم تحدّد بدقة؟… لماذا لا نكتب التاريخ بأمانة وشجاعة؟ ولماذا نخفي حقائق لا يمكن دونها أن نتقدّم ونتطوّر ونصلح من حالنا؟ أكتب علينا أن نعيد أخطاءنا في هذه الأمّة؟ ولماذا تقيم أمريكا الدنيا ولا تقعدها لأتفه الأسباب بينما تسكت عن الهجوم على سفارتها سنة 2012؟ سؤال أخير : أتعلمون أن الشعب احتج في العشرية السوداء أكثر مما احتج في 2011 فلماذا لم يتغيّر شيء؟ أكنّا أكثر شجاعة أم أكثر حظّا عندما أخفنا بن علي فهرب؟ يتمنّى الشعب التونسي أن يعرف الحقيقة الكاملة لما حصل في هذه الثورة المجيدة حتى لا يُسخر منه بشعارات مزيفة لم تطبّق على أرض الواقع…