شكّلت الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى السعودية خلال اليومين الماضيين، منعطفاً هاماً في العلاقات الثنائية بين البلدين. المحادثات التي أجراها مع كل من الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تمت في أجواء ودية، إذ لقي السبسي والوفد المرافق له الترحيب والتعبير الرسمي عن استعداد المملكة لتقديم الدعم لتونس في هذه المرحلة الصعبة." وتأتي هذه الزيارة بعد سنوات طويلة من البرودة والحذر، خصوصاً منذ انحياز الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إثر اجتياحه لدولة الكويت، وهو الموقف الذي كاد ينسف علاقات كانت جيدة بدأت خيوطها حتى من قبل الاستقلال. كما أن السعودية تعاملت بكثير من الحذر بعد قيام الثورة في تونس، وهو ما جعلها تجمّد مساعداتها واستثماراتها إلى أن تتضح الصورة لديها. هذا وقد فاجأ السبسي الملك سلمان بقوله إن الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة عندما شعر باليأس من احتمال قيام جامعة الدول العربية بإدراج القضية التونسية على جدول أعمالها لمدة أربع سنوات، توجّه نحو السعودية حيث استقبله الملك الراحل عبد العزيز آل سعود، الذي لم يكتفِ بدعمه مالياً، وإنما قدم له نصيحة ثمينة عندما حذره من سوء إدارة المعركة مع دولة قوية مثل فرنسا، بالتركيز على أهمية الدهاء والتدرج في المطالَب. وهي النصيحة التي أخذ بها بورقيبة واعتمدها في تنفيذ خطته التي كان يُطلق عليها "سياسة المراحل".