سابقة خطيرة بعدم الجمع بين عطلة التلاميذ والطلبة بعد قرار وزير التربية الفردي بتقديم العطلة لوزارته فقط أبرز مثال يدلّ على أنّ حكومة الإئتلاف الرباعي بقيادة الحبيب الصيد هي مجرّد شبه مزرعة إقطاعيّة يستأثر فيها كلّ حزب وكلّ وزير بقطعة من الحكومة تسمّى "وزارة".. يحكمها بمفرده.. بلا عمل جماعي أو تنسيق أو إشراف من رئيسها الحبيب الصيد المغلوب على أمره.. هو توزيع عطلة الربيع للتلاميذ والطلبة.. ففيما حافظت عطلة الربيع للطلبة على موعدها المعتاد في حوالي منتصف شهر مارس، لتنطلق هذه السنة وكما كان مبرمجا ومعلنا مسبقا يوم الأحد 20 مارس وتنتهي يوم الأحد 3 أفريل، قرّرت وزارة التربية بقيادة ناجي جلّول تقديم العطلة في المدارس الابتدائيّة والإعداديّة والمعاهد الثانويّة إلى يوم السبت 12 مارس إلى غاية يوم الأحد 27 مارس.. يعني أنّ وزير التربية ووزير التعليم العالي لم يستطيعا الاتّفاق على عطلة موحّد للتلاميذ والطلبة.. ولم يقم رئيس الحكومة بفرض ذلك.. وكان كلّ وزير يغنّي على ليلاه بمفرده..!! المعلوم أنّ العطلة المدرسيّة تكتسي أهميّة خاصّة في تونس من الناحية الاجتماعيّة والاقتصاديّة.. ذلك أنّ وزارة لنقل وسائر شركات النقل الجهوي والوطني باختلاف أنواعها تأخذ العطل في اعتبارها لتنظيم الرحلات الخاصّة بالنظر إلى أنّها تشمل أكثر من مليون شخص بين تلاميذ وطلبة ومعلّمين وأساتذة وإطار تربوي في مختلف ولايات الجمهوريّة.. وعادة ما تبرمج رزنامة رحلات خاصّة بين المدن في أوّل العطلة وآخرها.. وهو ما سيفرض هذه السنة رزنامة بموعدي إنطلاق وموعدي نهاية للعطلة على غير العادة.. كما أنّ العائلات التونسيّة تعوّدت على الاستفادة من العطلة وتعطّل الدروس، (وكثيرا ما يكون في العائلة الواحدة تلاميذ وطلبة في نفس الوقت)، لقضاء بعض الإجازات داخل البلاد والقيام بالرحلات إلى الخارج للبعض. وعدم توافق العطلة بين التلاميذ والطلبة إلاّ لأسبوع واحد قد يدخل الاضطراب والبلبلة على برامج العائلات وتنقّلاتها، ويخلق ازدحاما في الأسبوع الأوسط الذي سيجمع بين عطلتي الوزارتين.. كما قد يؤدّي ذلك بالطبع إلى عرقلة النشاط الاقتصادي للكثير من أماكن الترفيه والإقامة ومنها النزل السياحيّة التي أصبحت الكثير منها تستفيد كما ينبغي من أسبوعي عطلة الشتاء وأيضا عطلة الربيع لتحقيق الإمتلاء من الزائرين التونسيّين في أوقات تشهد فيها السياحة الخارجيّة أزمة كبرى.. إضافة إلى كلّ ذلك ستجد الكثير من العائلات التونسيّة أنفسها في التسلّل نتيجة تغيير رزنامة العطلة في آخر وقت، ونتيجة عدم توافق عطلة التلاميذ مع الطلبة.. ناهيك وأنّ عطلة الربيع خصوصا أصبحت موسما معروفا للمناسبات الخاصّة والعائليّة ولحفلات الزفاف بالدرجة الأولى، وتستغلّ العائلات العطلة لتنظيم تلك المناسبات لإفساح المجال للتنقّل بين الولايات لأفرادها البعيدين.. وتخصيص الوقت اللازم بعد التحرّر من إرتباطات التلاميذ من الدروس.. ومن برمج مناسبة للأسبوع من 27 مارس إلى 3 أفريل سيجد نفسه في حرج باعتبار أنّ التلاميذ لن يكونوا في عطلة في ذلك الأسبوع..!!! وأمثلة الأضرار التي سبّبتها القرارات الفرديّة والمرتجلة للوزير ناجي جلّول الذي قام في سابقة غير معهودة بتقديم عطلة رئيسيّة في آخر وقت.. كثيرة ولا تعدّ.. والحال أنّ العطل تصدر في رزنامات خاصّة منذ ما قبل إنطلاق السنة الدراسيّة نفسها.. وتبني عليها العائلات والمواطنين برامجهم والتزاماتهم وأعمالهم.. وتنبني بناء على ذلك حركيّة نشاط اجتماعي واقتصادي ومالي يشكّل جزء من الدورة الاقتصاديّة.. فبحيث بعد أن أظهر ناجي جلّول أنّه لا يمانع التعذيب في مقرّات الأمن.. ها هو يعذّب بنفسه التلاميذ والأولياء في تونس بقراراته المرتجلة والمتسرّعة وغير المدروسة..