في النهاية انسحب الأمن من قرقنة.. وحلّ محلّه الجيش (كالعادة).. وتمّ الإفراج عن المعتقلين من قرقنة فورا وليلا (!!!).. وتولّت زوارق الحرس البحري نقلهم على جناح السرعة مباشرة من سجن الإيقاف بصفاقس إلى قرقنة لتهدئة الأجواء.. وفرح أهالي قرقنة واحتفلوا.. وقاموا بحملة نظافة تلقائيّة باللّيل البارحة لإزالة آثار الاحتجاجات والاضطرابات والمواجهات مع الأمن.. قرقنة هي مجموعة من الجزر المحاطة طبعا من البحر من كلّ جانب.. والبعيدة نسبيّا عن سواحل صفاقس.. وهي تحوي مناطق سكنية صغيرة متفرّقة ومتقاربة المسافة.. لذا فإنّ أهلها يعرفون بعضهم البعض غالبا.. والشخص الغريب يظهر في وسطهم سريعا وينكشف.. لهذا السبب أنت لم ترَ فجأة الاحتجاجات والمظاهرات تتحوّل إلى أعمال سلب ونهب وتخريب.. ولم ترَ صور الثلاّجات والتلفزات المسروقة تحتلّ شاشات التلفزات ووسائل الإعلام.. وتطغى عن كلّ المطالب العادلة والقمع البوليسي.. فمن يلعب تلك اللعبة عادة لتشويه الاحتجاجات الشعبيّة وإفراغها من مضمونها السياسي والاجتماعي ويحصرها في مجرّد أعمال سرقة ونهب بربريّة خارجة عن القانون يقوم بها مجرّد مخرّبون.. وذلك أيضا لتخويف الناس وتوجيه الرأي العام ضدّ المحتجّين.. من يفعل ذلك عادة في احتجاجات سابقة حصلت بمدن أخرى.. لم يكن من السهل عليه تنفيذ نفس ذلك السيناريو المعتاد في قرقنة التي تعدّ جزرا مغلقة..!!! في المقابل.. وعوضا عن ذلك.. قام الأمن بالإعلان عن مواجهته مجموعة من المنتفضين بقرقنة كانوا "سكارى".. بحسب البلاغ الأمني.. ولم يكن ينقص وزارة الداخليّة والإعلام الموالي لها والموالي للحكومة.. إلاّ أن يذكّروا (فجأة) مواطني قرقنة المحتجّين.. بأنّ الخمر حرام..!!!