الرئيس المكلف بتكوين حكومة تحية واحتراما وبعد، يشرفني ان أذكركم أنكم صرحتم عند تكليفكم بتكوين الحكومة بأنكم ستعطون أولوية لمقاومة الفساد. وهو موقف إيجابي يحسب لكم سيَما بعد أن صار معلوم لدى العامة والخاصة بأن الفساد المالي انتشر وتفشى أكثر بعد الثورة. وبطبيعة الحال فإن هذا التصريح يجب أن تتبعه إجراءات فعلية وناجعة لمقاومة الفساد. وهو ما لا يمكن أن يتم إذا لم يقع تفكيك منظومة الفساد التي كانت سائدة قبل الثورة حتى يتسنى التصدي لوقوع مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. وهو ما يتطلب إعطاء العدالة الانتقالية المكانة التي تستحقها باعتبارها وسيلة تمكن من البلوغ إلى هذه الغاية من خلال كشف حقيقة الانتهاكات المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام وكشف المتورطين في ارتكابها. وفي نفس الوقت فإنها تمكن من إدخال موارد لخزينة الدولة عبر آلية التحكيم والمصالحة وتساهم تبعا لذلك في الحد ولو بصفة نسبية من الأزمة المالية الخانقة للبلاد. ولا بد من التأكيد أيضا أن تصحيح وإنقاذ مسار العدالة الانتقالية سيَما في المجال المالي والاقتصادي صار ضرورة ملحة يتحتم إعطاؤها أولوية مطلقة لبعث رسالة مطمئنة للداخل والخارج بأن بلادنا ماضية نحو إرساء دولة القانون والمؤسسات بكل شفافية حتى ترجع الثقة لدى رجال الأعمال ولدى المستثمرين الأجانب ويعودون إلى الدورة الاقتصادية والمساهمة في التنمية. وللتنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية تصور كامل عرضته على السيد رئيس الجمهورية أواخر شهر فيفري ونأمل أن نعرضه عليكم إثر تكوين الحكومة لأننا على اقتناع بأن العدالة الانتقالية هي وسيلة هامة في المساهمة نحو الانتقال السلس والسلمي نحو الديمقراطية. ولا يفوتني أيضا وفي ذات سياق مكافحة الفساد أن ألفت نظركم إلى أن ما شاع من خبر على إبقاء وزير العدل الحالي السيد عمر منصور في منصبه هو مؤشر سلبي لكونه هو الذي حقق في القضية المشهورة المعروفة بقضية اليخت بطريقة أقل ما يقال فيها أنها لم تكن تتناسب مع جسامة الجرم. وهو يكون بذلك قد ساهم من موقعه في حماية الفاسدين مرتكبي هذه الجريمة. ثم أن غياب أي موقف منه في قانون المجلس الأعلى للقضاء الذي أثار كثيرا من الجدل هو دليل آخر بأنه ليس الرجل المناسب في وزارة سيادية مثل وزارة العدل. مع أسمى عبارات الاحترام والتقدير الأستاذ عمر الصفراوي رئيس التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية