كان الهدف من مشاركتنا في مبادرة رئيس الجمهورية المتعلقة بتكوين حكومة وحدة وطنية ، إنقاذ المجالات الحيوية بالدولة التي تمر بوضع خطير، و تحسين الاداء في بقية المجالات الأخرى ، و باعتبار أنّ مقوّمات نجاح المبادرة تقتضي أيضا سندا سياسيا متينا طالما افتقدته حكومة السيد الحبيب الصّيد . إلاّ أن طريقة تشكيل الحكومة الجديدة وإدارة المفاوضات حولها بعثت مؤشرات تؤكد بأن هذه الحكومة ستكون أضعف من حكومة الصيّد إن لم نقل جميع الحكومات السابقة . في اعتقادنا أن هذه المبادرة لن تنجح إلاّ إذا اتسمت المشاورات برؤية براغماتية مع الأخذ بعين الاعتبار القوى الفاعلة في الساحة السياسية والوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس ، واعتماد الشفافية ووضوح الرؤيا والتوجهات بين الأطراف المتحدة ، كما أكدنا على ضرورة عدم إهمال الدعم السياسي الواسع والدعم البرلماني، إذ من غير المقبول أن تمر الحكومة على التصويت بأغلبية أقل من أغلبية حكومة الرباعي ! هذا كله لم نلمسه خلال لقاءاتنا مع رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد ، فإلى حد الأن لازلنا ننتظر الهيكلة النهائية للحكومة و المشاركين فيها وهو ما يؤكد ان المفاوضات تسير عكس ما نصّت عليه وثيقة قرطاج التي يتمسك حزب الاتحاد الوطني الحر بتطبيق كافة بنودها . أمام تواصل الحياد عن الوثيقة ، ستولد الحكومة الجديدة ضعيفة ، هشّة ، قد ينفضّ الجميع من حولها بعد أيام قليلة من تشكيلها ، هذا ان ولدت ، لذلك، ولمن اختلطت عليه المواقف ، نؤكد ان موقف الوطني الحر واضح ولن نقبل بأن نكون شهودا على تكوين حكومة نسبة فشلها أكبر من نسبة نجاحها ، و لن نبارك مجددا، نواة حكم ضيقة ملبسة بأحزاب تزويق ، و نكتفي بتسيير الحقائب دون ان نكون جزءا من القرار السياسي في الملفات الحقيقية التي تمس الشعب مباشرة . لقد انتقدنا حكومة الصيد لأنها فشلت في الملفات الكبرى و الحارقة ، ثم ساندنا اختيار رئيس الدولة للسيد يوسف الشاهد كرئيس حكومة مكلف لقناعتنا التامة بضرورة التشبيب و التطور في الأفكار ، إلا أن هذا لا يعني أن نقع في فخ التسويق لصورة " فنيّة " قد تظهر لخبراء الإتصال جميلة ، ولكن في عمقها وجوهرها " فارغة " ، لأن كل مرحلة لها مقتضياتها ، فنحن لسنا في السويد أو الدانمارك، نحن في تونس التي تضم ستين بالمائة من شعبها دون المقومات الدنيا للعيش الكريم . عاشت تونس حرة أبية منيعة