المُتمعّن في البيان الختامي لجامعة الدول العربية، إثر اجتماع مندوبيها الدائمين، اليوم الخميس، وبشكل طارئ بطلب من قطر، يقف عند نقطة رئيسية بارزة: جميع الدول الخليجية الداعمة للإرهاب في ربوع دمشق، باتت على يقين راسخ، بأنّ صفحة اسقاط النظام السوري طُويت بغير رجعة، وأن أولويّاتها الملحّة اليوم تتمثّل في انقاض جيوش المقاتلين التي تمّ تجنيدها من كلّ فج عميق. نفهم هذا الأمر أكثر عندما نعلم بأنّ بعض الدول الخليجية تملك ضبّاطا مجنّدين في صفوف المعارضة المسلّحة بحلب، ولهذا ترتفع الأصوات مطالبة بإجلاء جميع المقاتلين دون تفتيش أو حتى التثبّت في جنسياتهم: هذا ما ورد على لسان بعض الساسة السوريين. تونسيّا ليس لدينا ضبّاط بالساحة السورية، إنما نملك آلاف الارهابيين هناك، وعودتهم إلى بلادنا لن تكون دُفعة واحدة، بل ستكون على دُفعات مُتفاوتة دون ضجيج، وذلك لتفادي ردود فعل المناهضين لهذه العودة. عمليّا بدأ تعبيد الطريق لهذا المخطّط، سواء بإخماد أصوات رجال الأمن المناوئين لحركة النهضة، وذلك برميهم وراء القضبان، على غرار الأمني وليد زروق، أو بإقالة مدير الأمن عبد الرحمان الحاج علي، الرجل المشهود له بكفاءته العالية في محاربة الارهاب. هكذا إذن تكون حركة النهضة قد أعدّت العُدّة لاستقبال جيوش عرمرم من الكائنات المتوحشّة، لتكون سلاحها الفتّاك في معاركها القادمة. مطلع ثمانينيات القرن الماضي، صرّحت الصحافة الفرنسية بأنّ التونسي لا يُفكّر إلاّ في أمعائه، وأنّ انتفاضة الخبز هي «ثورة جياع»، في إشارة إلى انصرافه عن الشأن العام وحصر اهتماماته في خُبزه اليومي. لذا نأمل ألاّ يُعيد التاريخ نفسه، ولا نترك بلادنا تغرق بيد الوحوش الكاسرة، فالحريق يُمكن تطويقه بكوب من الماء إذا كان لازال في بدايته، لكنه يلتهم الأخضر واليابس ويستعصي على التطويق إذا ما توسّع وانتشر في الهشيم. الأوطان لا يصونها إلاّ أبنائها البررة، وعلى النخب المستنيرة وأصحاب الضمائر الحيّة الاستعداد الجيّد لإفشال هذا المخطط الجهنّمي بكل السبل…إنها أم المعارك.