كان من المفروض أن تحيى بلادنا اليوم -حكومة و شعبا- الذكرى الثالثة لإعلان دستور الجمهورية الثانية الذي حقق أول الأهداف التي استشهد من أجلها شباب تونس و كان أول عنوان للقطع مع نظام الاستبداد و الفساد مكرسا في مضامينه شعار ثورتنا المجيدة و طموح شعبنا للحرية و الكرامة إلا أن المؤسسات الرسمية و على غرار مجلس نواب الشعب تجاهلت الحدث مؤكدة استخفافها بهذا الدستور الذي شكل محطة مضيئة في مسار الانتقال الديمقراطي. ففي ذلك اليوم – وعلى الرغم من الظروف البالغة الصعوبة – وقعت المصادقة عليه الدستور بما يشبه الإجماع فأصبح رمزا لوحدة التونسيين و التونسيات و لعمل تشاركي أسهمت في نحته إلى جانب نواب المجلس الوطني التأسيسي كل مكونات المجتمع المدني، هذا دون الإشارة إلى ما أثاره دستور الجمهورية الثانية من تنويه و تثمين دوليين و ما أسس له من قاعدة صلبة لبناء ديمقراطيتنا الفتية. وبهذه المناسبة فإن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات : – يقف ترحما و إجلالا أمام أرواح شهداء الوطن كما يهنئ الشعب التونسي بهذه الذكرى العزيزة. – يؤكد أن مضامين دستور2014 تكفل بناء نظام سياسي ديمقراطي جديد قائم على توازن فعلي بين السلطات ويضمن الحقوق و الحريات بدون أي لبس و يكرس الحكم المحلي والمشاركة الواسعة على المستوى الوطني و المحلي لإدارة الشأن العام في إطار الحوكمة الرشيدة و مقاومة كل مظاهر الفساد. – إنّ هذا الإنجاز المشترك يمثل بداية مسار جديد يحتاج إلى المحافظة على نَفَس الثورة و إلى إرادة سياسية ملتزمة تنطلق من خطة واضحة تضبط المراحل و الأولويات و ترسي في آجالها المحددة المؤسسات المستقلة الداعمة للديمقراطية كما نص عليها الدستور. فإن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات و في هذا الصدد : – يعبر عن انشغاله الشديد بخصوص التلميحات المعلنة و الخفية في اتجاه تعديل الدستور بتعلة أن النظام السياسي الذي أرساه هو الدي يفسر فشل المنظومة الحاكمة في إدارة البلاد و حل مشاكلها ، و الحال أن الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد تعود بالأساس إلى عجز الحزب الأول في المحافظة على انسجامه و تقديم رؤية واضحة و برنامج جدي يستجيب إلى متطلبات المرحلة و انتظارات شعبنا. – ينبه إلى الخروقات الجسيمة التي ترتكبها المنظومة الحاكمة في حق أحكام الدستور من انتهاك للحريات و تداخل بين السلطات واستخفاف بالآجال الملزمة التي حددها الدستور و خاصة في ما يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء و المحكمة الدستورية مما عطل استكمال بناء المؤسسات الدستورية وجعل النظام السياسي في حالة هشاشة بالغة قد تعصف به أية حالة بليغة طارئة. – يدين مماطلة الأحزاب الحاكمة في التصويت على قانون الانتخابات البلدية وقانون الجماعات المحلية مما يجعل أهم مضامين الدستور المتعلقة بالحكم المحلي أمرا مؤجلا، هذا إضافة إلى التقاعس المفضوح في إصلاح المنظومة التشريعية قصد ملاءمتها مع مقتضيات الدستور. – يدعو كل الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني الحريصة على احترام الدستور واستكمال بناء مؤسسات الجمهورية الثانية إلى التنسيق فيما بينها من أجل حماية المسار الديمقراطي والحفاظ على روح الدستور ومنح التونسيين نظاما مستقرا قائما على احترام الحريات والعدالة الاجتماعية واللامركزية و التشاركية الديمقراطية، فيكون بهذا الشكل جديرا بثورتنا المجيدة، ثورة الحرية والكرامة و مستجيبا لطموحات شبابنا و شعبنا. الوفاء لشهدائنا الأبرار العزة و المناعة لتونس الديمقراطية الأمين العام