* يشرفني أن أواصل الكتابة في تونس نيوز، هذا المنبر المتميز إعلاميا والذي اقترن اسمي به. * موقع تونس نيوز يحظى باحترام آلاف القراء، وخصوصا التونسيين منهم… * المعارضة وجدتها متخندقة جنبا لجنب، للدفاع عن سجناء الرأي. * القوانين التي يستند عليها المواطن، من أجل حمايته واسترداد حقوقه تطوّع ضدّه… *جمهورية تتسع للجميع، ولا تستثني مخالفي الرأي… من قاعات المحاكم بجلبابه الأسود رمز القانون وعنوان شرف مهنة المحاماة، يحوّل محمد عبدو على إثر مقال رأي إلى الاعتقال، ليلبس بدل جلباب الدفاع عن الموكلين، بدلة اتهام ويحوّل إلى رقم من أرقام سجناء الرأي المتناثرين في سجون الجمهورية منذ عشرات السنين، تطحنهم الأمراض وتؤذيهم سنوات الحر في معتقلات أشبه بالجحور، يترقبون لفتة جريئة لتمزيق هذه الصفحة السوداء من تاريخ تونس الخضراء، ليفرج على أغلبهم ويظل البعض الآخر ينتظرون موعدا معلقا في الفضاء. ويكون موعدنا هذه المرة مع الأستاذ محمد عبو، الخارج للتو من سجن الكاف، لنجري معه هذا الحوار الخاطف، وسط ضجيج المهنئين والمسلّمين والزائرين والمحتفلين برجوعه من رحلة العذاب… ما هي مخلفات هذه المحنة على الأستاذ محمد عبو كإنسان ثم كمحامي، وما هي تأثيرات هذه التجربة الكالحة على المستوى الشخصي والعائلي والمهني، وبأي الذكريات قساوة تحتفظ ؟ إن كل ما تخرج به هو شعور بالمرارة والأسى، والإحساس بالظلم المجاني وبأن كل شيء يدعوك لمغادرة تونس، وعدم البقاء للعيش أو الاستثمار أو الشغل، وتتضاعف الآلام أكثر، حين تجد نفسك في مربع الظلم دون أن تنصفك القوانين، ومتهم دون أن تكون مذنبا في حق المجتمع أو الوطن، يمارس عليك القهر والحرمان من الحرية والعائلة والأبناء والمواطنة، وتتضاعف هذه الآلام بالنسبة لي كمحامي يحترم القانون ويدرك التشريعات، ليجد نفسه سجينا ينتقم منه، لأنه عبّر عن رأيه، وهنا المفارقة الموجعة حين نجد أن القوانين التي يستند عليها المواطن من أجل حمايته واسترداد حقوقه تطوّع ضدّه… أثناء وجودك في السجن إلى حد الإفراج عنك، لم تنقطع الحملات الإعلامية والحقوقية الكبيرة والمستمرة لمساندتك، والتعريف بقضيتك، والتضامن معك، فكيف تنظر لهذا الأداء ؟ الحملات الإعلامية والتحركات الحقوقية كانت مفرحة جدا، سواء دولية أو وطنية، وأغتنم هذه المناسبة لشكر كل الذين وقفوا معي في محنتي ومع غيري وهم كثيرون، كما أني شعرت من خلال هذه الوقفة بالأمل في أهل بلدي، بأنهم لحمة كبيرة وان تعددت المشارب، وأكثر ما أفرحني المعارضة التي وجدتها متخندقة جنبا لجنب للدفاع عن سجناء الرأي، وهذا مؤشر يبشر بمستقبل فيه من التوافق والوفاق على أرضية مشتركة، تكون لها انعكاسات إيجابية على الوطن والمواطن… وقع القبض عليك، على إثر نشرك لمقال بعنوان "بن علي شارون" بموقع تونس نيوز بتاريخ 28 فبراير2005، فهل ستستمر في الكتابة في هذا الموقع مستقبلا ؟ سأواصل الكتابة في موقع تونس نيوز وغيره من المواقع الأخرى، وخصوصا موقع تونس نيوز الذي تربطني به ذكريات جميلة في الكتابة والنشر على صفحاته، واقترن اسمي به، ويشرفني أن أواصل الكتابة في هذا المنبر المتميز إعلاميا، والذي يحظى باحترام آلاف القراء، وخصوصا التونسيين منهم… الإفراج عنك تزامن مع الاحتفال بخمسينية الإعلان عن الجمهورية، فما هي في رأيك المكاسب التي تحققت، وهل تعتقد أن هذا الاحتفال يبرهن على واقع الحال ؟ أنا لا أعتقد أن مكاسب كبيرة تحققت، بل رأينا تقهقرا كبيرا في المكتسبات، وأرى أن من قيم الجمهورية توخي التداول على السلطة، إذ لا يمكن في منظومة الجمهورية أن تظل السلطة أبدية، بتفويض من المنافقين الذين يشتغلون ضد الحقيقة، فالعمل على تثبيت قيم العدل والقانون وحقوق المواطنة في الرأي والتعبير والعيش الكريم، وبناء فعلي للمؤسسات هو الذي تستطيع التصدي للتجاوزات والمظالم، لتصبح بذلك جمهورية تتسع للجميع، ولا تستثني مخالفي الرأي… نشر في 2007 / 7 / 26 الحقائق لندن أخر خبر أمريكا 27 / 7 / 2007 2007 / 7 / 27 ليبيا المستقبل