منذ اكثر من اسبوع أضحى موضوع الحديث :هل أنت مع إعادة تمثال بورقيبة إلى أحد مفترقات صفاقس أم أنت ضدّ …؟؟؟؟؟ جدل وحديث واصطفافات… لا محالة هنالك كالعادة من يتحدث على السليقة ويدافع عن هذا " الإنجاز" وهنالك من يعارض بنفس الخلفية البريئة هذا العمل … ولكن أيضا ، أطراف عديدة تريد من جديد إثارة معركة " هووية" ، ولكن هذه المرّة ليس على أرضية الدين ، بل على أرضية التاريخ.. غير أن الطرفين في هذه المعركة لا يكشف جميع أوراقه ، فبعضهم يتخفّى وراء تكلفة التمثال وحاجيات المدينة للتنمية ، مع العلم أن التمثال قديم ولم يتمّ صرف أموال لصنعه ، بل الأمر يتعلّق بمصاريف قاعدة تركيزه فقط .. وسبق للنيابة الخصوصية أن قامت بتركيز " اصنام " أخرى ولم تثر لدى هؤلاء أي ردّ فعل (تمثال حمادي العقربي مثلا) وطرف آخر يبدي استماتة في الدفاع عن هذا " المنجز" باعتباره رفعا لقيمة بورقيبة وتخليدا لذكراه ودوره في تاريخ البلاد ، لكن هذه الأصوات نفسها لا تذكر حقيقة أن أحد أبناء بورقيبة (بن علي ) هو من أزاح تماثيل بورقيبة في كامل انحاء الجمهورية ، وحينها لم نسمع لهؤلاء ولا لزعاماتهم الحالية " التاريخية" أي إدانة أو استياء … الكلّ إذن يستثمر بدرجة أو بأخرى في التاريخ سواء بالتقديس أو بالشيطنة .. هذا الجدل الهووي المستنزف واللامجدي حسب تقديري المتواضع هو نتيجة لتغييب الأسئلة الحقيقية على أهالي صفاقس . الأسئلة الحقيقية هي التالية : من له الحق في رسم المشهد الجمالي للساحات العامة في مدينة معينة (صفاقس مثلا)؟؟ هل يحقّ لنيابة خصوصية معينة أعضاؤها مسؤولون من جهات إدارية ، هي بمثابة حكومة تصريف أعمال، أن تحدّد مآل ساحات عامة وملامحها ، ومشهدا جماليا لمدينة ما قد يستمرّ لعشرات السنين ، وفيه أكثر من مدلول ورمزية ؟؟ أليس من المنطقي أن تندرج تهيئة هذه الساحات ضمن صلاحيات هيئات دائمة منتخبة ديمقراطيا ، بعد التشاور مع منظمات المجتمع المدني وبالإستئناس بأهل الخبرة في مجال الفنون وهندسة وجمال المدن والمؤرخين غيرهم ؟؟ ثمّ ألم يكن من الأجدى للنيابة الخصوصية ، وفي إطار تفانيها لحفظ ذاكرة صفاقس الانتباه إلى مدينة عتيقة تكاد تتهاوى بناءاتها وتصرخ معالمها من أجل إنقاذها من التلف ؟؟؟ هل أضحت النيابة الخصوصية طرفا في من لعبة التجاذب السياسي الذي يستثمر في معارك " الهوية " و" التاريخ " ؟؟؟ مرّة أخرى تضيع مصالح المدينة في المعارك الوهمية ل " طواحين الهوية والتاريخ " ..