في الوقت الذي تسعى فيه تونس حكومة وشعبا لإيجاد حلول فيما يتعلق باستهلاك الطاقة والكهرباء، وفي الوقت الذي يتم فيه إثقال كاهل المواطن بالترفيع في سعر فواتير الاستهلاك وتحميله القسط الأكبر من استهلاك المجموعة الوطنية، والمعاناة التي تمرّ بها الشركة التونسية للكهرباء والغاز من ديون متخلّدة بذمّة حرفائها من الخواص والمؤسسات العمومية والتي تجاوزت 1100 مليون دينار وفق آخر تصريح لرئيس مدير عام شركة الستاغ المنصف الهرابي، بالإضافة إلى الميزانية التي رصدتها الدولة من المال العام من أجل التقليص من التبعية الطاقية من خلال الشروع في تجسيم عدة مشاريع لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة على ميزانية الدولة لسنة 2017 و2018. دون أن ننسى تلك الإرساليات القصيرة التي كانت تصلنا بصفة يومية من الستاغ على غرار "إستحفظ على الضوء.. يضويها عليك" من أجل ترشيد الإستهلاك والمحافظة على الثروة الوطنية وذلك ما عمل على تطبيقه المواطن فيما غاب الحسّ الوطني عن المسؤولين في الدولة. كيف ذلك؟ لن نعود إلى الوراء كثيرا من أجل الخوض في ظاهرة تعاني منها كل المدن التونسية وأثارت سخرية المواطن أحيانا وإستيائه حينا آخر وهي ظاهرة الإبقاء على الإنارة العمومية في النهار. اليوم الجمعة 15 ديسمبر 2017، على الساعة التاسعة والنصف صباحا بجانب سور المدينة العتيقة بصفاقس ما إن ترفع عينك قليلا حتى تلاحظ أن أعمدة الإنارة العمومية التي تحمل فوانيس أنيقة تم وضعها بمناسبة تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية تعمل نهارا، وليس من السهل أن تدرك ذلك لأن خيوط أشعة الشمس التي لامست أشعة الإنارة من أعمدة الكهرباء إختلطت ومن الصعب على الناظر أن يلحظ هذا الإستهتار بسهولة، ولكن ما يجلب الإنتباه أكثر أن مصالح البلدية كانت واقفة بجانب هذه المهزلة حيث كانت سيارة مراقبة مخالفة تراتيب الوقوف أو ما يعرف ب"الشنقال" مصحوبة بشاحنة الرفع راسية بجانب السور تصطاد فريسة من السيارات المخالفة في حين أنها لم تكبّل الأشعة المخالفة ولم تعلم حتى المصالح التابعة لها بهذه المخالفة. هذه الظاهرة ليست بالغريبة عن صفاقس ولا عن غيرها من البلديات في كامل تراب الجمهورية لكن ما يستدعي الخوض فيها هو أن العديد من شوارع مدينة صفاقس وأنهجها وأزقتها تعاني ليلا من الظلام الداحس وبالرغم من تشكيات الأهالي المستمرّة إلاّ أن مصالح البلدية لا تحرّك ساكنا وفي بعض الأحيان يتمّ إصلاح الأعطاب لتتعطّل في أقلّ من يومين، ولئن سبقنا بالذكر أنها ظاهرة تعاني منها كل المدن لكنها تنمّ عن إستهتار المسؤولين ووجب فتح تحقيق فيها لما في ذلك من سوء تصرف في الملك العام وهو ما يزيد في المصاريف التي ستثقل كاهل المواطن دون سواه.